ثمرة بر الوالدين



بر الوالدين – ولو كانا كافرين - يستغرق العمر جميعه ، وكله فضائل وبركات ومنافع وفوائد دنيوية وأخروية وهاك اثني عشر ثمرة لذلك

1-أحب العمل إلى الله : في الصحيح: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ... "[1]"

2-رِضَا الرَّبِّ في رضاهما : في الصحيح:" رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوالد وَسُخْطُ الرَّبِّ فِي سُخْطِ الوَالِدِ"[2]

3-ثناء الله على البار وحسن السّيرة في النّاس : ثناء الله على يحيي " وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا"[3] وعلى عيسي "وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ..وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا[4] وثناء الرسول صلوات الله وسلامه علي أويسفي الصحيح " يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ..لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ"[5]

4-أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ : في الصحيح " أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى تزوَّجتُ وَإِنَّهُ الْآنَ يَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا. قَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تَعُقَّ وَالِدَكَ وَلَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَكَ ..سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَحَافِظْ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ دَعْ) قَالَ: فَأَحْسِبُ عَطَاءً قال: فَطَلَّقَهَا[6]

5-إقالة العثرات وتفريج الكربات وتخفيف الشدائد : في الصحيح قَالَ صلى الله عليه وسلم ": " انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وبنفس الدعاء من الرجلين الصالحين الآخرين "انْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ "[7]

6-البركة في العمر في الصحيح قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ.."[8]

7-قبول التوبة وكفّارة الكبائر: في التنزيل "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ "[9] وفي الصحيح " وأتَّبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تمحها"[10] وفيه أيضًا: قال رجلٌ: يا رسولَ الله، إنِّي أصبتُ ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبةٍ؟ قالَ: ((هل لك من أمٍ))؟ قال: لا، قال: ((فهل لك من خالةٍ؟)) قال: نعم، قال: ((فبرَّها))[11] قال الإمام أحمد: «برّ الوالدين كفّارة الكبائر»[12]

8-استجابة الدعاء: أصحاب الغار الثلاثة فيه أن البار بوالديه قال " اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ "[13] وقد بوَّب له البخاري في صحيحه بَابُ إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ كِتَابُ الأَدَبِ وحديث أويس القرني في الصحيح "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ..لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ»[14] فكان عمر رضي الله عنه مع علو قدره وارتفاع مكانته وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد البعوث الجهاد حتى وجده فعزم عليه أن يستغفر له.

9-قبول الأعمال الصالحة والتجاوز عن الصغائر: بعدما ذكر تعالى دعاء العبد الصالح لوالديه في الأحقاف "..رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "[15] قال بعدها "أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"[16]

10-شكر الله تعالى: قرن الله تعالى شكره بشكرهما " أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"[17] ، وبر الوالدين شكر لهما واعتراف بجميلهما، في الحقيقة شكر لله، وفي الصحيح قال - صلى الله عليه وسلم - ((من لم يشكر الناس لم يشكر الله))[18].

11-دعاء الوالدين لولدهما : في الصحيح : كان أَبو هُرَيْرَةَ إِذَا دَخَلَ أَرْضَهُ بـ (العقيق)صَاحَ بِأَعْلَى صوته: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا أُمَّتَاهُ! تَقُولُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. يَقُولُ: رَحِمَكِ اللَّهُ كَمَا رَبَّيْتِنِي صَغِيرًا. فَتَقُولُ: يَا بُنَيَّ! وَأَنْتَ. فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَرَضِيَ عَنْكَ، كَمَا بَرَرْتَنِي كَبِيرًا"[19]

12-بر أولادك: بر الوالدين شجرة تجني ثمارها في الدنيا قبل الآخرة لنصوص كثيرة في التنزيل "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"[20] في الصحيح قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: وَاعْلَمْ أَنَّ الْبِرَّ لَا يَبْلَى، وَأَنَّ الْإِثْمَ لَا يُنْسَى."[21]. ومن ثمار برهما بر أولادك بك. ولا يغيب عن بال أحد تلا كتاب الله الخالد ، ما كان من بر إبراهيم - عليه السلام - بأبيه لقد بذل الوسع في النصح برقة متناهية ، ولطف في العبارة ، وجمال في القول وإشفاق ومودة بالغين كما في مريم " يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ"[22] ورغم تهديد أبيه له " ..لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا"[23]فما ثار ولا فقد أعصابه بل ظل رفيقا رقيقا شفيقا "سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"[24] ولذا كافأه الله تعالى ببر ولده الذبيح ولك أن تتخيل كيف كان التجاوب مع الأمر بالذبح ".. يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ"[25]
------------------------------
[1] صحيح البخاري 9 - كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ بَابُ فَضْلِ الصَّلاَةِ لِوَقْتِهَاأخرجه مسلم في الإيمان باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال
[2] صحيح الأدب المفرد (ص: 33) [حكم الألباني] (صحيح) انظر حديث رقم: 3506 في صحيح الجامع
[3] مريم :14
[4] مريم :30-32
[5] صحيح مسلم 44 - كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ" 55 - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
[6] تعليق الشيخ الألباني] صحيح - ((الصحيحة)) (914).
[7] صحيح البخاري37 - كِتَابُ الإِجَارَةِبَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ الأَجِيرُ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ المُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَاسْتَفْضَلَ
[8] صحيح وضعيف سنن ابن ماجة (1/ 162، بترقيم الشاملة آليا) تحقيق الألباني حسن - الصحيحة (154)
[9] هود: 114
[10] حسن :صحيح الجامع انظر حديث رقم: 97 [حكم الألباني]
[11] الترمذي (1904)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2504).
[12] تنبيه الغافلين (1/ 137) ، وغذاء الألباب، (1/ 389- 390)
[13] صحيح البخاري37 - كِتَابُ الإِجَارَةِبَابُ مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ الأَجِيرُ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ المُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَاسْتَفْضَلَ
[14] صحيح مسلم 44 - كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ" 55 - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
[15] الأحقاف :15
[16] الأحقاف : 16
[17] لقمان: 14
[18] صحيح الجامع2/ 6541
[19] صحيح الأدب المفرد (ص: 37)
[20] الزلزلة :7-8
[21] الزهد لأبي داود (ص: 211)سلسلة الآثار الصحيحة = الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين (1/ 293، بترقيم الشاملة آليا)
[22] مريم :45
[23] مريم " 46
[24] مريم : 47
[25] الصافات: (102)

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين