ثلاثة أحاديث في عقوبة قطع الرحم

         جَرى استطلاعٌ للرأي بسؤالٍ مفَادُهُ: أَيُوجَدُ خِصَامٌ بينَكَ وبين أيٍّ من أرحامك؟ فأجاب [65%] قائلين: نعم !

 

لا خير في قربى بِغَيرِ مَودَّةٍ       ولرب منتفـع بـودّ أباعـد

وإذا القرابة أقبلـت بِمَـودةٍ       فاشدد لها كفّ القَبُولِ بِسَاعد

 

أخرج المنذريُّ في ترغيبه وترهيبه بسندٍ حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيَّةَ كُلِّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلاَ يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ "[ المنذري / الترغيب والترهيب، رقم الحديث: (3824)، (3/233)]

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث جُبَير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ " [رقم الحديث: (6685)، (8/8)] !

وأخرج أبو داود في سننه بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ " رقم الحديث: (4914)، ص (737) !

 

رسالة الأحاديث الثلاثة:

أفاد أولُهما أن العمل مَحجُوبٌ عن قبولِ اللهِ له، إلى أن يَصِلَ رَحِمَه، وأفاد الثاني بأن قاطع رحمه؛ مَحرومٌ من جنة ربه، أما الثالث فأفاد أنه إن هَجَرَ أخاه لأكثر من أيامٍ ثلاثةٍ، ثم مات قبل مُكالمته دَخَل النار !

 

آَهٍ آهٍ يا مسلمون ! آَهٍ آهٍ يا موحدون !

 

أين الألباب؟! هل ذهبت؟! أين البصائر؟! هل سُلِبَت؟! أين إيمانكم العامر في القلوب؟! أين خشيتكم من علام الغيوب؟! أَوَصَّاكم الله بهذا؟! أم تأمركُم أحلامكم بهذا؟! لِتَحلُوَ لكم هجرة أرحامكم كما أردتم بعد هذا ! أَتَقبلُ أن تُحجَبَ عن ربك، وتكونَ من أهل النار؛ لأجل أرحامٍ لا ترتضيهم إخوةً مُتحَابين؟!

 

أخي:

كم في البيوت من زَفرة، وَعَثْرةٍ وَحَسرة؟! وَكَم مِنْ أرحامٍ يَضِجُّونَ بالشكوى والأنين، ولَعَلَّ الصوتَ خَفَتَ من سنين، لو سمعته أخي- لَدَمِيَ قلبُك، ونَدِيَ الجبين !

أرسلت لي أمٌ مكلومةٌ لأعظَ كبيرَ أولادها الذي هجرها من سنواتٍ خمسة، وهو من أصحاب الصف الأول في الصلاة، وقد منَّ الله عليه بشهادةٍ علميةٍ يافعةٍ، ووظيفةٍ رفيعةٍ لامعةٍ، إلا أنه يَهْجُرُ أُمَّه، ويُذِلُّها ويُهينها، ويَسُبُّها كلما رآها، لا لشيء إلا أنها أنفقت جُزءًا من مالها لبعض أرحامها !

 

         فتحرر أخي من كل خلاف، وتبرأ من كل خصومة، واعْفُ عن غيرك؛ ليعفو الله عنك، وقد فصلت القول في المسألة في السنة الإلهية الموسومة ب " أطايب الأنفاس في عزِّ العافين عن الناس " فاقصد رحالك إليها؛ علَّك تَجِدُ شِفَاكَ فيها !

 

 

         إن غاية صلة المرء لرحمه، أن يَصِلَ من قطعه، أما لو كان الوِصَالُ مُتبَادَلًا؛ فهذا يُعَدُّ تَكافؤًا، وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا "[ صحيح البخاري، رقم الحديث: (5991)، (3/136)]!

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين