تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم بمناداته باللقب المشعر بالتعظيم

إنَّ الله تعالى لم يناد رسولَه إلَّا باللقب المُشْعِر بالتعظيم نحو: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 41]، {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1]، {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1].

ونادى غيره من الأنبياء بأسمائهم المجردة {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، {يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46]، {يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [هود: 76]، {يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ} [القصص: 31]، {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} [ص: 26]، {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12]، {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55].

ومن هنا يتبيَّن علوُّ رتبته على جميع الأنبياء، وقد أشرت إلى هذا في الاسثغاثة بقولي:

أَجَلَّ إلَهُ العَرْشِ قَدْرَ نَبيَّهِ=فعَظَّمَهُ عِنْدَ النِّدَاءِ بِكُنْيَةِ

وقال الزمخشريُّ في أول (سورة الأحزاب): «جعل نداءه بالنبيِّ والرسول في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1]، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]، {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67].

وترك نداءه باسمه، كما قال: {يَاآدَمُ}، {يَامُوسَى}، {يَاعِيسَى}، {يَادَاوُودُ} كرامة له وتشريفًا وربئًا بمحلِّه وتنويهًا بفضله.

فإن قلت: إن لم يوقع اسمه في النداء فقد أوقعه في الإخبار في قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144].

قلت: ذاك لتعليم الناس بأنه رسول الله وتلقينٌ لهم أن يسموه بذلك ويدعوه به، فلا تفاوت بين النداء والإخبار، ألا ترى إلى ما لم يقصد به التعليم والتلقين من الإخبار كيف ذكره بنحو ما ذكره في النداء: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } [التوبة: 128]، { وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ } [الفرقان: 30]، { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب: 21]، { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ } [التوبة: 62]، { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب: 6]، { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } [الأحزاب: 56]، { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ } [المائدة: 81].

"دلالة القرآن المبين على أن النبي أفضل العالمين"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين