ترنم ما بعد الهزيمة...

أدركني يا ليل و اطوي عني صفحة يومي ، لأني أريد يوما جديدا و ابتسامة صريحة و بشرا جدد ، هم موجودون و بكثرة و بتنوع الأخلاق و المبادئ و السير تتشكل سرائرهم، لكني أريد نوعا آخر اتعامل معهم وفق قوانين انسانية بحتة ، لا دخل لتاريخ ميلادي في أن تنتقي لي يا ليل من يناسب عمري لأن عمري مهما اطلت التمعن فيه ستجده قصيرا في انقطاعه طويلا في ثوانيه، أما دقائقه و ساعاته فتلك رزنامة وقت آخر من حياتي  شققت فيها طريقا في ظلامك و لم ابالي و قطفت من فوق ترابه ثمار جهدي و لم احصي لا كميتها و لا اعدادها ، لأن كل ما كان يهمني هو ان الغي صفحات من كتاب حياتي بل أمزقها و احرقها ، و لذلك أريد بشرا من طينة أخرى كلها حيوية و اخلاص و صدق و تفاني في العمل، لأن عشقي للعمل يجعلني أنسى بشر الأمس و أر كز على ثلتك المختارة لي اليوم...

ليلي او يا ليل ان لم تشأ ان أنسبك لمساحة عمري طوق على  آهاتي خناقا يسكت أنفاسي حتى لا تضيع في واد لست تعرف مصبه الى اين ، ليلي او يا ليل ان شئت انفصالا عني فسأبقيك ليلا اسودا بلونك العادي لكنك تحمل لي البشائر القريبة ان شاء الله و لذلك و من فضولي و أنانيتي احب أن انسبك لي لاني فضلتك و انتقيتك بدلا من نور النهار و اليوم المشرق بالشمس اللامعة لان كل نكساتي كانت في ضح النهار و بأيدي  تعمدت شرا نهارا جهارا ظهارا لذلك اصبحت اخاف النهار و ضوئه كثيرا ،فهو لا يضيء لي دربي و تطلعي بقدر ما يغتال طموحي في كل دقيقة بل في كل ثانية تنتشر فيه  افكاري عبر موجات الأثير الراحلة و الغير ماكثة في سرابيب  الصمت.. لذلك اختياري كان موفقا و من غير مدح جميل لسكون البحر فيك، فحتى لنوم الذئاب و الكلاب في براري غابات التيه لم تخفني لا بنواحها و لا بعوائها بقدر ما بعثت في نفسي شوقا لبزوغ النهار سريعا على الرغم من اني اخاف ضيائه ، لكني احتاج اليه مع كل احساس برغبة في تجديد الأمس الى اليوم اما الغد فلا شان لي به لأنه في غيبيات لا يستطيع أيا كان من البشر ان يفتي في محاصيلها و لا في نتاجها مهما تنوع ، لذلك أرحني يا ليل و هدء من روعي تحت نور النجوم المضيئة  فأنا أريد سكنا بين جوانحك تلفني نسمات تهب في خيام موافقات لسوادك.. زدني رغبة أخرى لأترنم تحت صوت طائر البوم الراكن على شجر من شهادة العين المتوقدة ، هو يشهد لكل مار من امامه ، ان كان نوع البشر  ما كان راحلا او عابر سبيل او راغب في ان ينام الى جذع الشجرة الصامدة ، و لهذا تنوعت الشواهد في سوداك و هي صاحية و باعين حذرة في ان لا تنفلت منها لقطة شاهد على زمن الاغتراب...كف عني اذن يا ليل مطالبا كثيرة ، لست اقدر على تحقيقها الا تحت ضوء القمر ، فانا اجلس الان فوق هضبة عالية اكتب و ادون و اترنم بنفسي لشعائر ما أكتب ، انها فرصة مميزة لأعرف كيف أرتب رغباتي و لو بتناقض النتائج  ، فليس دائما الذهب دليلا على الصفاء و ليس دائما اللؤلؤ دليل على ثقل المعدن ، لأنه يا ما انطلقت هزات من معيار التحليل الدقيق فانكشف القناع من على أوجه المخادعين الذين انخدع فيهم الساذج و الصريح و المستأمن لعذب كلامهم ، و عليه يبقى نفي الصريح  لنفائس الأشياء لا يعطي التحصيل الحاصل من الغنى و الفضل و العيار الكبير من جودة الأخلاق و نزاهة الآراء و حرية الفكر الراقي.

ليلي أو يا ليل ، هي حريتك في ان تنضم لآرائي و مواقفي ، يكفيني منك ان تكون الشاهد على رغباتي و المدون لكلمات تمردي و الملتقط لصور أحداثي ، فلن تكون بحاجة لا الى رسائل من نور لتضم فيها حاجاتي و لا الى شواهد عصر مخادع ، فقط اقبل فرصة الانتماء الى طموحي و اترك الباقي علي لأني سأعرف كيف أنتهز الفرصة التي لا تأتي الا لمن يستحقها ، خاصة أنها تأتي مرة في العمر و ليست تتكرر باستمرار ...صدقني يا ليل ثم ساعدني يا ليلي بعد ان تدلي بمؤازرتك لي، ستصبح ليلي و ليس ليلا لكل الناس  ، أريد ان أكتب و أترنم بعد هزائمي الكثيرة ، نعم ليس يحلو النشيد الا بعد حدوث الفشل و الضعف و الانكسار، فانا لا اغتر بصنيع من يظنون انفسهم كبارا على اضواء مصابيح مائلة ميول الطبع فيهم ، فما كان ثابتا في نسق تعامله صهر كل حديد و مجد كل عجيب ، هي هكذا سير المتنبهين لقيمة سوادك يا ليل ، ستصبح ليلي و يزداد الاعجاب بك أكثر ، لذلك دون و سجل بعد ان تشهد على عزيمتي و صرح بعد ان تكتب  مسيرتي و راوغ بعد ان تعرف من كسرني و اعطه فرصة لأن يطلب ظلمتك  ثم أزح عن ستار الحقيقة لتترك كل الخصوم من كانوا بشرا تعاملت معهم بالأمس سرابا امام عيني فيما يلي لياليك القادمات ، لست أبالي بعد انقشاع ظلمتك أي محاولة جديدة للخذلان لأن العقل  و القلب اصبحا نسقا واحدا من حكمة بل تاريخا من عبر...

و بعد ان وافقت على شروط عقدي الازلي أصبحت منذ الليلة ليلي و من حقي ان اصعد هضبتي  عبر روابي الكرامة لأكتب قصائدي و أنشرها لمن اشتاق لقلمي الحر ، حرية الانفة و الاعتزاز و التحدي ، فهلا  اعطيتني يا ليلي ميعاد مع من اخترتهم بشرا جدد تتجدد معهم الحضارة و ينطلق معهم البناء العتيد لصرح النصرة بعد انكسار عميق ، و لي شرط وحيد حتى يكتمل نصاب المجد و هو ان لا تترك لضوء النهار فرصة ليخطف سكنات سوادك و يحولها الى  نور من خداع ، لان ما امتزج بالسواد و البياض صار رماديا باليا و لا ثقة لي فيمن لم يكن يا اما سواد مظلما و اما ابيضا ناصعا ، و يبقى الحذر من كل ما يلمع واجب مشروع في زمن ترطبت فيه الملامس و بين ذارت كل ملمس يسكن غدر ماكر...و لست مستعدة لمكر جديد ، بل حتى أنت يا ليلي لن تسمح لضوء النهار أن يزاحم صدق سكونك و رونق نظرات البوم من فوق غصن شجرة الصمود...فاحرص ان تحافظ على سوادك حتى تبقى غامضا لكل بصير...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين