تحية للمزارعين تحية لأطباء الأسنان

 

أوباما تكلَّم ولم يتلعثم, صرّحَ وتعمّد: (لا يمكن لمزارعين, وأطباء أسنان, أن يكونوا محاربين, وبالتالي فلن يتغلبوا على نظام الأسد المهين), نقلت معنى كلامه, فما زال الجميع يخاطب الأسد بأنّه رئيس, ولا عجب فهذا زمن عجيب, يؤتمن فيه الخائن, ويوصف بوصف ذوي المكارم!

أولاً: نحن لا نقاتل بكثرة عددٍ ولا عدّة, إنّما (مع تقصيرنا) نقاتل بهذا الدّين, وإلا لكان المنطق: الهزيمة منذ زمنٍ وحين.

أمعن, وسترى مصداق ذلك, لا يُماري فيه عاقل, ولا يجادل فيه عالم, فالجهاد الشّاميّ خارقٌ لكلّ القواعد العسكرية, مخالفٌ لكلّ التّصورات الإنسانية, جارٍ عكس القوانين المنطقية.

نظامٌ بأساطيله البرية, تدعمها الجوية, تحميها أحياناً البحرية, تسانده عصبة من الأمم الكفرية, ترأسهم روسيا الشيوعية, وإيران المجوسية, بمباركة كلاب الضاحية الجنوبية, آلت على نفسها ألا تُبقي أطلالاً خربةً, ولا منازل مهدمةً, حتى لا يُقال في المستقبل هنا كان يسكن مسلمون موحدون, المجرمون ما تركوا بقعةً من بقاع الأرض في الشّام إلا وخلّفوا وراءهم من المآسي ما لا يستطيع البيان نقلَه, وما يعجز القلم عن تصويره وتقريبه إلى الأذهان, لم يدعوا شيئاً من المبيدات الإنسانية, ولا المواد الكيماوية, إلا وضربوا به البشرية في شام العزّ الأبية, ومع ذلك قام أُسودُ الشَّرى فوق الذُّرى خلف رشاشاتهم يتابعون الطّائرات بنيرانهم, شامخي الرؤوس, عزيزي النّفوس, زهرات الشّباب, وخيرة القادات, امتشقوا الكلاشنكوف ليواجهوا به الصواريخ الدبابات.

فهل سمعت ذلك بقوانين الحروب والغزوات !!

إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّد

جمْعُ الناس العسكريّ والإعلاميّ والمخابراتي جميعُه في قبضة الواحد الأحد، ]الّذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبُنا الله ونعمَ الوكيلُ * فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوءٌ واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيمٍ * إنّما ذلكم الشيطانُ يخوِّف أولياءه فلا تخافوهُم وخافونِ إن كنتُم مؤمنين[ ، وقال تعالى: ]أليس الله بكافٍ عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هادٍ[.

-----------

ثانيا: إن كنت تقصد بكلامك أن تدغدغ العواطف, وتصب في القلوب المآتم, وتسدّ المنافذ, لتزرع في النفوس اليأس من الانتصار, وبثّ الإحباط من الحال, فدونك بعض الحقائق, وهي من القريب العاجل, عندما زرع أجدادك الانقلابات العسكرية في البلاد الإسلامية, وخصوصاً منها العربية, وأذكرك بالناصرية, التي كان منها التعذيب, والسجن والتشريد, والحصار والإعدام للموحدين, فكانت النتيجة بقدرة الجبار, بعكس ما اشتهووا وتنموا وخططوا ورسموا, فلقد انتشر الوعي الإسلامي في الأنحاء, وبعثت روح الجهاد, وأمرٌ قدّره ربّ البرية من هجرة الشباب المسلم ذي القدرات والكفاءات المرضية, تحت الضغوط والتهديدات من الجيوش الأمنية, لبلادك وبلاد أوربا, فحملوا الدعوة ونشروها في الأرض, ودخل النّاس في دين الله أفواجا.

فالذي تتفوه به, هو نوع من المعونات, والإمداد من رب البريات, لأرباب العمل للإسلام, وللمجاهدين الأطهار, حيث أوجدت هذه التصريحات, ومن قبلها المواقف المخزيات, والوعود الكاذبات, أوجدت من الوعي في الناس ما لم تكن مئات الكتب والمحاضرات والدروس لتوجده, فهي تنبيه للغافلين, وتذكية للوجدان عند الموحدين.

فلتعلم أن النّاس مستوٍ عندها الموت والحياة, وتلك عقيد لا مراء, إن لم يكن قتلهم في ساحات النزال, ربما يكون في الفراش, ولن يموت أحد إلا بأجل وكتاب: (كل نفس ذائقة الموت), فغاية المنى موتة الشهداء, على الإيمان: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

-----------

ثالثاً: إن قصدت بكلامك أن تمنع السلاح عن الأسود والشجعان, فأذكرك بقول المنافقين أيام زمان, فلك فيها عبرة وذكرى, قالوا: ]لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا[ لا تنفقوا على المجاهدين ولا تمدوهم بشيء، إقبضوا أيديكم وفروا ذخائركم، حتى لا تحسم القضية عسكريا، لأننا نخشى أن يصل الأصوليون إلى سدّة الحكم, كل يلتقط أنفاسه لاهثاً, يضع يده على قلبه يخشى أن تكون النتائج منفلته من يده، خارجة عن حدود طاقته, هنا ينادي المجاهد بأعلى صوته: ]وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ[.

المجاهون: يعلمون علم اليقين أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم, " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". (الترمذي).

------------

أخيراً:

فيا أهل الثّغور ,,, يا مَن باعوا نفوسهم لله ,,, يا مَن باعوا الدّنيا بالعيش الباقي ,,,

مهما كثرت الإبتلاءات والرزايا فإنّ ذلك من معالم الطّريق, لا يضركم كيد الكائدين ولا خذلان المخذّلين, إنّهم لم يعلموا أنّ هذا الدّين لم يصل إلينا بالعطور والأزهار, بل وصل إلينا بالأشلاء والدّماء والدّمار, فيجب علينا أنْ نضحيَ كما ضحّى مَن قبلنا, وأنْ نصبرَ كما صبرَ سلفنا, ولله عاقبة الأمور .     

يشهد الله أننا نَشْعُر بالفخار أنْ أنجبت أمةُ الإسلام أمثالَكم .. ونسأل الله تعالى أنْ يبلّغنا ما بلغتم .. وأن يرفع درجاتكم ودرجاتنا..

تذكروا: أن الله وعد أن يظهر دينه على الدين كله, مهما كره الحاقدون, ودبّر الحاقدون.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين