?‏تحريف لمفاهيم القرآن الكريم بعنوان قراءة معاصرة وحداثية

 

 

 

ابتلينا بهذا العصر بأناس يحرفون معاني القرآن الكريم تحت عنوان قراءة معاصرة وحديثة له، فجلعوا من أنفسهم مفسرين ومشرعين تشريعات جديدة: مخالفة لصريح القرآن والسنة ولإجماع علماء الأمة، وشاذة عن العمل المتوارث عبر أجيال الأمة الإسلامية.

 

فلو أعلنوا عن هويتهم الثقافية سواء كانت علمانية أولا دينية لكان واضحين ، ولكن يتسترون باسم تجديد تعاليم الإسلام، فيفسدون الإسلام باسم الإسلام.

مما يثيره أولئك المحرفون لمفاهيم القرآن الكريم : مفهوم جديد لحجاب المرأة والمسلمة، فزعموا مايلي:

 

1- يزعمون أنه : (ليس في القرآن نص صريح فيه يأمر بستر الرأس والشعر فالخمار والجلباب هو زي كانت تلبسه النساء في جزيرة العرب قبل ا?سلام وما كان المقصود منه الستر وإنما إتقاء للحر ورمال الصحراء .

 

‏الجواب:

أ‌- ادعاء أنه (ليس هناك نص صريح فيه امر بستر الرأس والشعر) مخالف لصريح معاني القرآن الكريم والذي أمر الله فيه المرأة بالجلباب والخمار وبما أن القرآن الكريم نزل: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) ، فلننظر الى ما جاء بهذا اللسان العربي المبين .

?) قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ? ذَ?لِكَ أَدْنَى? أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ? وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الاحزاب.

قال في لسان العرب ، وهو من اضخم معاجم اللغة العربية : (والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار، دون الرِّداءِ، تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها).

 

?- (وَلْيَضْرِ‌بْنَ بِخُمُرِ‌هِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) سورة النور

قال في لسان العرب : (والخِمَارُ للمرأَة، وهو النَّصِيفُ ، والخمار ما تغطي به المرأَة رأَْسها، وجمعه أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ)، ومعنى النصيف كما في لسان العرب : (النصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار، وانتَصَفَت الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، والنصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها).

 

ب‌- ادعاء أن (المقصود بالحجاب اتقاءٌ للحر ورمال الصحراء وليس لأجل الستر) مخالف لصريح التي بينت الحكمة من الحجاب حيث قال الحق سبحانه: (ذ?لِكَ أَدْنَى? أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي حجابها أقرب إلى الابتعاد عن إيذائها ، فالمرأة المسلمة تُعْرف بزيِّها وحِشْمتها، فلا يجرؤ أحد على التعرض لها بسوء أو مضايقتها، فلباسها ووقارها يقول لك: إنها ليست من هذا النوع الرخيص الذي ينتظر إشارة منك، وليست ممَّنْ يَعْرض نفسه عَرْضاً مُهيِّجاً مستميلاً مُلْفتاً.

 

2- يزعمون : (أن الحجاب نزل لأن فساق المدينة كانوا يترصدون لنساء المسلمين ، ولأجل تمييزهن عن ا?ماء ، وهذه الأسباب انتهت في أيامنا هذه فاليوم ليس هناك إماء وأصبحت المدن آمنة فانتهى التحريش للنساء).

 

الجواب:

أ‌- سبب نزول الآيات ليس لأجل تحريش الفساق كما يزعم وإنما الستر فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي عِشَاءً وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ "

 

ب‌- أما القول: (وأصبحت المدن آمنة فانتهى التحريش للنساء) هذا مخالف للواقع، حتى في الدول المتحررة نسبة التحريش واغتصاب المرأة أعلى بكثير من الدول المحافظة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين