تحذير نبوي

بيننا وبين شهر رمضان المبارك قرابة الشهر والنصف، وفي هذا الشهر الفضيل تتكاثر اجتهادات المجتهدين بطريقة عجيبة، ويطفو على السطح الاجتماعي في بعض البلدان العربية أناس ربما لم يقرأوا في حياتهم كتابا فقهيا واحدا، لكن تكثر الاجتهادات المرهقة لاجتماع الناس وتحُدث بينهم من البلابل ما يولد الأحقاد بينهم، وربما انتقل هذا ليصبح المسلمون ألْوِكة للعلمانيين الذين يسرهم مثل هذا الاختلاف والتنابز الحاصل.

ومن الصور التي ينبغي التحذير منها في هذا المجال هي اشتغال الناس بما لا يعنيهم وحشرهم رؤوسهم فيما لا يعلمون، وذلك بالاختلاف على وقت الإفطار والسحور في شهر رمضان، فترى بعض الناس ممن لبّس نفسه لبوس أهل العلم يتصدر بأن توقيت الإفطار وتوقيت الأذان في الفجر غير صحيحين، وبناء عليه يقوم هؤلاء بالذهاب للمساجد والإفطار قبل الأذان ويبقون على الأكل والشرب بعد أذان الفجر بحجة أن التوقيت غير سليم، وربما استدل هؤلاء بكون إقامة الصلاة في الفجر تؤخر نحو نصف ساعة وعندهم أن هذا التأخير إنما هو للتأكد من طلوع الفجر!!!!!

ومن العجيب أن هؤلاء يبقون ملتزمين بتوقيت الأذان في جميع الصلوات في المساجد وخارجها طول العام، ولا تتفتح قرائحهم لإحداث البلبلة حول التوقيت إلا في رمضان وعند الأكل فحسب.

ومما ينبغي ذكره أن الانتظار بعد الأذان للصلاة ليس له علاقة مطلقا بالتأكد من دخول الوقت؛ لأن الدراسات الفلكية التي اعتمدت عليها الدول الإسلامية دقيقة جدا وقام بها مختصون، وإنما هذا الانتظار هو من السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة" رواه البخاري، فهذا يدل على أنه كان هناك وقت ليس بالقصير بعد أذان الفجر وقبل الصلاة، وفي الحديث الذي رواه البخاري أيضا :" بين كل أذانين صلاة" ما يدل على هذا، والمقصود بين الأذان والإقامة، إلا أنك ترى هؤلاء في وقت الصيام يخرجون على الناس في المساجد ويفطرون قبل الأذان يراقبون الشمس وهم متكئون في المساجد ثم يقررون غيابها وهم جلوس في المساجد، وهذا باب من الكبائر عياذا بالله فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: "بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا فقالا لي : اصعد فقلت : إني لا أطيقه فقالا : إنا سنسهله لك فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة فقلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا هذا عوي أهل النار ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم"

فعلى المسلمين أن يحذروا هؤلاء الملَطّخين بالأهواء الذين شغلهم تفريق جماعة المسلمين، والتمسك بشذوذ الأقوال التي ينبغي هجرها، وعلى المسلمين منعهم من هذا العبث الذي يقومون عليه، وعلى وزارة الأوقاف مسؤولية الحفاظ على وحدة المسلمين بمنع هؤلاء العابثين من تحقيق مآربهم.

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين