تأمين المنازل للنازحين في مدينة حلب.. جهود مستمرة وعقبات كثيرة

 

في ظلِّ الحرب الجائرة التي تخوضها سورية جراء القصف الهمجي لقوات النظام وحلفائه الذي طال مدينة حلب وخاصة المناطق المأهولة بالسكان المدنيين ممَّا أدَّى إلى تهدم العديد من المنازل وفقدان العديد من الناس منازلهم، أصبح العديد من الأهالي دون مأوى جرَّاء ما يحدث.

إنَّ كثرة المهجَّرين والنازحين قد يسبب خللا في المجتمع ومستقبله، فكثرة التنقل من مكان إلى آخر يجعل العائلة في حالة من عدم الاستقرار، ويعرض الأطفال الى عدم المبالاة بدراستهم، وقد يؤدي إلى اكتئاب أو ضعف نفسي لدى البعض.

هذا الأمر يشكو منه الكثيرون، إذ إنَّهم لا يستطيعون السفر لضعف المادة، ولا يستطيعون فتح منازل تأويهم من برد الشتاء وتسترهم من العلانية، خوفا من أصحاب المنازل وأصحاب النفوذ.

ومجتمعنا بحاجة إلى الرجال الذين يحملون همَّ الأمة على كاهلهم، ويسعون إلى حفظ الأمن والاستقرار للنهوض بهذه الأمة والمجتمع.

حرصا منَّا على مجتمعنا بحثنا عن حلٍّ لهذه المشكلة، فقمنا بمناقشة الأمر والتقينا بالعديد من الشخصيات المتضررة والشخصيات المعنية بهذا الأمر، وقد طرحنا عليهم عدة أسئلة كانت تدور حول ماهية الضرر المحدق بالمجتمع جرَّاء هذا الامر، وما الذي قد يفعله أصحاب العائلات المتضررة، ومن المسؤول عن إيواء هذه العائلات، وما هو الحل لاستقرار العائلات المتضررة؟

وخلال جولتنا التقينا بقاضي البداية المدنية الأستاذ “عبد القادر” الذي رحَّب بنا في مكتبه الكائن بمحكمة الأنصاري وشجَّعنا على متابعة الموضوع، وكان النقاش حول دور القضاء ومهمته بهذا الأمر فأجابنا قائلا:

“إنَّ فترة القصف العنيف وحملة البراميل التي شنَّها النظام على حلب أدَّت إلى فوضى عارمة، فبات الناس يفتحون المنازل بشكل عشوائي من دون إذن أو سلطان، هذا الأمر سمح لضعاف النفوس أن تسول لهم أنفسهم سرقة المنازل وبيعها ثمَّ الانتقال إلى السكن بمنزل آخر.

فما كان من النيابة العامة في محكمة الأنصاري إلا أن أصدرت أمرا للسلطة التنفيذية (الشرطة) بإيقاف فتح المنازل وملاحقة المخالفين، مرفقة بهذا القرار تسليم المنازل للمتضررين أصولا بكتاب من القضاء وتحمل المحكمة المسؤولية على كاهلها أمام أصحاب المنازل ضمن ضوابط محددة تشمل كفالة المستلم وشهادة معروفين له.

لكن عملية تسليم المنازل لم تكن مرضية، فانهالت الشكاوى حول السكان من إساءة معاملة الجوار إلى إساءة الأمانة وعملية السرقة والهرب خارج المناطق المحررة، وأيضا فتح المنازل المغلقة علما أننا أمرنا بتسليم المنازل المفتوحة فقط وموافاتنا بمحضر جرد للأثاث الموجود.

وقد ازداد الطلب على المنازل المفروشة، إمَّا طلبا للمظاهر أو لقرب من مكان العمل أو نتيجة خلاف عائلي.

فليس على المستفيد إن كان من منطقة بعيدة سوى إحضار شاهدين للشرطة ليأخذ منها كتاب تحقق يحضره إلينا لنوافق أو نرفض تسليمه منزل في الحي التابع للمخفر، فيتعهد بمسؤوليته التامة على المنزل وإخلائه حين الطلب.

ونظرا إلى انخفاض وتيرة القصف، وورود كم هائل من الشكاوى، وعودة العديد من أصحاب المنازل إلى بيوتهم، تمَّ إصدار قرار بمنع تسليم أو فتح المنازل منعا باتا لأي ظرف كان، وإصدار مذكرة توقيف بحق المسيئين وملاحتهم.”

وبعد استقصاء آراء عدد من المدنيين، رأى البعض منهم أنَّ من أسباب سرقة محتويات البيوت الحاجة، وأسباب الشكاوى هي تفاوت البيئة الحاضنة، هذا ما جعل الأمر معقدا لبعض العائلات التي هي بحاجة إلى مأوى فقط. ناهيك عن بعض الوساطات والمحسوبيات، إذ إنَّ البعض يختار منزلا على هواه وبمعرفته يتم استلامه.

يتوجب على أصحاب الحل والعقد تفعيل دور مجالس الأحياء في عملية التحقق من المتضررين وأماكن عيشهم، وتسليم المستفيدين بطاقة شخصية أو وثائق مهمة أو مستندات لها قيمة للسلطة التنفيذية برسم الأمانة لكيلا تسول لهم أنفسهم السرقة، ويحسنوا في معاملتهم للجار، وعودة القضاء لتسليم المنازل للمحتاجين إليها، والأخذ بعين الاعتبار أنَّ المتضرر إنسان، فهو منَّا ونحن منه، وجميعنا بتوحدنا نشكل مجتمعا راقيا يسعى إلى النهوض بهذه الأمة.

المصدر : مجلة خبر

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين