تأملات في سورة يوسف (2)

 

( الأمجاد تبدأ بحلم )

 

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) [سورة يوسف : 4]

 

يستكثرون علينا أن نحلم بمستقبل أجمل لنا ولأبنائنا ولأمتنا ..

يحاولون زج الصعوبات أمام أحلامنا كي لا نفكر في تحقيقها ..

لو استطاعوا لمنعونا أن نحلم ..

 

بين يدي بداية الحديث عن حلم صار مجدا ..

وعن تعب خلف سعادة على أمة بثبات فرد وحين اتصاله بالله.

 

نام يوسف عليه السلام، ليبصر مستقبله العظيم، في رؤيا عجيبة، لم ير مثلها بشر قط، ولتكون تلك الرؤيا إيذانا برحلته نحو المجد، وعبر مصير ومحن لم يكن يعلمها، ولا يدري بها.

 

إن غالب الناجحين بدأ نجاحهم بحلم، وساروا معه، وعاشوه حتى صار واقعا.

 

لقد رأى ملكة السماء وهي الشمس مع طاقمها - السابح في ملكوت الله - تسجد له، كان عددهم أحد عشر كوكبا ..

 

أشرقت الشمس التي رآها في المنام له ساجدة، ومضى يقص الحلم على أبيه، وياله من حلم عجيب!

 

أتساءل: 

منذ متى كانت الكواكب والشمس والقمر تسجد لأحد؟ 

وهي المقيمة في علياء الكون، تطوف في فضائه بأمر ربها، كل في فلك يسبحون؟

 

بل لماذا يري الله يوسف تلك الرؤيا بتلك الرمزية التي تؤول لاحقا بإخوته الأحد عشر، وبأبويه الشمس والقمر؟

 

إنها إشارة إلى علو مقام الأخوة لو كان الإخوة يدركون!

 

وإلى قداسة الأبوة لو كان أهل العقوق يعقلون.

 

بل إنها تصف الرابط والصلة العجيبة بين الأب وابنه، في قوله: ( إذ قال يوسف لأبيه): 

إذ لم يكن أبا فحسب، بل كان الأب والأم والصديق، الذي نال ثقة ابنه، فراح يخص والده بأدق أمور حياته.

 

فهل يتعظ الآباء الذين يناصبون أبناءهم العداء؟

أم هل ينتبه الأبناء الذين عقوا الآباء لأهمية الاب في حياتهم، وكونه السند لهم؟

 

يا إخوتي: إن ابنا لا يجد أذن أب صاغية له سيذهب لطريق آخر يبحث عمن يسمعه، ولربما لا يجده، ويجد من يقوده لطريق الدمار والخراب.

 

وتأمل معي أي احترام وقداسة للأبوة تلك التي عاشها يوسف في تعامله مع أبيه، (يا أبت)، نداء ترجم الحنان، والحب، والاحترام.

 

ومع الحلم كانت البداية التي تكشف عن مشهد يفتح الطريق لحكاية تبدأ لتستمر.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين