تأملات في سورة يوسف عليه السلام (5)

 

           آيات للسائلين

 

(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) [سورة يوسف : 7]

 

بدأت الحكاية، ورفعت الستارة عن أول مشاهد قصة ملحمة الإنسان.

 

المشهد يلمح بأن ثمة صراع بين النفس التي تلوثت بالحسد، فأخرجت علقما أسودا مرا، وخلصت لفعل ضعفت أمامه علاقة الأخوة، وبين  الفطرة طمست وعلا صوت الحسد فيها لتتولد المأساة.

 

يا لعجيب بيان القرآن!

 

إنه يتكلم ويجيب عن حوارات تدور في النفس، بل وقبل أن تنطق الشفاه بها كان الجواب حاضرا.

 

فحينما حذر يعقوب عليه السلام ولده من كيد إخوته، لا شك أن منا من تساءل:

 

أليس المفترض أن يفرحوا لما سيكون لأخيهم من خير؟

 

أليسوا سينالهم من ذلك الخير خير؟!

 

فلم يكيدون لمن سيكون مصدر خير لهم؟

 

لأجل هذا التساؤل الخفي كانت الآية الكريمة:

 

(لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ)

 

لم يقل آية، بل آيات كثيرة.

 

إن الجواب أكبر من أن تحويه سطور، لذلك اختصر الجواب بقوله: ( آيات للسائلين).

 

وجاء بكلمة :(آيات) بالتنكير وبدأ بعدها بالقصة، ليشير أن تلك الآيات سيعرفها ويدركها السائل من طيات القصة.

 

ولهذا جاءت الآية التالية تستفتح بقوله: (إذ قالوا)، في إشارة إلى أن المتساءل سيجد الجواب ابتداء من رفع الستارة عن أولى مشاهد القصة.

 

إن قصة يوسف وإخوته تحكي صراع نوازع الفطرة والغريزة مع الإيمان في معركة ليست من السهل بمكان، وينتصر في نهايتها الإيمان.

 

تلك الآيات التي جعلها الله في قصة يوسف عليه السلام هي التي سنبحر في أعماقها لنستخرج اللآلئ الثمينة.

 

هاقد بدأنا نعود للزمن الماضي، وها نحن على أبواب تاريخ يمتد لآلاف السنين، لنعيش أولى أحداث القصة، في تصوير للحوار الأول الذي بين الإخوة، وما سيتمخض عنه.

 

يتبع… 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين