أسئلة بيانية (5) بين نفي النصر ونفي النظر أو الإنظار

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: 86].

وقال فيها أيضاً: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [البقرة: 161-162].

وقال في آل عمران: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [آل عمران: 87-88].

سؤال:

لماذا قال في الآية السادسة والثمانين: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾، وقال في الآيتين الأخريين: ﴿وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾؟.

الجواب:

إن الآية الأولى إنما هي في سياق القتل والحرب والأسر، والأُسارى إنما هم من أوزار الحرب، ومَن في هذه الحال إنما يبتغي النصر فنفى ذلك عنهم، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: 84-86] فناسب ذلك ذكر النصر.

وأما الآيتان الأخريان فقد ذكرتا أنَّ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وذكر بعد ذلك أنهم خالدون فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون.

واللعنة هي الطرد والإبعاد من رحمة الله، والمطرود لا يُنظر إليه لأنه يُبْعد.

والنظر قد يكون معناه التأخير والإمهال، وقد يكون معناه نظر الرحمة. وكلاهما منفي.

أما الأول فلأنه مطرود فكيف يؤخر؟ وكذلك بالنسبة إلى المعنى الآخر. فناسب كل تعبير مكانه.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين