بين الموقف التركي والفرنسي من القضية السورية‎

 

 

-عدد اللاجئين السوريين في تركيا 2,750,000 لاجئ

-عدد اللاجئين السوريين في فرنسا 12,000 لاجئ

 

-إجمالي تبرعات تركيا لمنظمات إغاثة اللاجئين الدولية عبر الأمم المتحدة 8 بليون دولار

-إجمالي تبرعات فرنسا لمنظمات إغاثة اللاجئين الدولية عبر الأمم المتحدة 0.15 بليون دولار

 

-إجمالي إنفاق تركيا الداخلي على اللاجئين السوريين 25 بليون دولار (نصفها على مستوى الحكومة ونصفها على مستوى البلديات والمنظمات الإغاثية 

-إجمالي إنفاق فرنسا الداخلي على اللاجئين السوريين غير معروف (لا تتجاوز التقديرات بضع عشرات ملايين الدولارات)

 

-إجمالي حجم التجارة الخارجية التركية (2015) 350 بليون دولار

-إجمالي حجم التجارة الخارجية الفرنسية (2015) 1,080 بليون دولار

 

-حجم التجارة البينية التركية الروسية (2015) 25 بليون دولار

-حجم التجارة البينية الفرنسية الروسية (2015) 12 بليون دولار

 

-النسبة التي تشكلها روسيا في التجارة الخارجية مع تركيا (2105) 7%

-النسبة التي تشكلها روسيا في التجارة الخارجية مع فرنسا (2015) 1%

 

-تقدر الخسائر الناجمة عن توقف السياحة الروسية إلى تركيا في النصف الأول من 2016 بـ 9 بليون دولار.

 

-57% من احتياج تركيا من الغاز المسال يأتي من روسيا.

 

-تركيا تتعرض لهجمة تشارك فيها أميركا وأوروبا وأطراف إقليمية تستهدف مشروعها الحضاري وتجربتها الديمقراطية وهي في طور التعافي وتحصين الذات بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.

-فرنسا تشارك في هذه الهجمة.

 

-تركيا تدعم فصائل الجيش الحر في عملية درع الفرات لاسترداد أكبر رقعة ممكنة من الأرض السورية في ريف حلب الشمالي والشرقي من داعش وتحرر أكثر من 1,000 كم مربع

-فرنسا تكتفي بالمشي في ركاب الأميركان ونشارك في عمليات التحالف الدولي الجوية وأبرز منجزاتها في هذا السياق مجزرة توخار قرب منبج.

 

هذه بعض المعطيات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في تقويم الموقف التركي.  الوضع بالغ التعقيد والعلاقات شديدة التشابك، وفي مثل هذه الأحوال لا ينفع التركيز الشديد على حدث واحد بعينه بل المطلوب أخذ بضع خطوات إلى الوراء ليتاح لنا نظرة إجمالية أوسع تستوعب المتغيرات الكثيرة التي تشكل تلك المعادلة المعقدة للوضع.

 

لقاء أردوغان وبوتين مزعج للسوريين من الناحية العاطفية لا شك، لا سيما  في ظل العدوان الروسي الهمجي على حلب ولكن هذا اللقاء موجه ضد أوروبا وأميركا لا ضد السوريين وهو يهدف إلى أمرين رئيسيين:

 1) تأمين الاقتصاد التركي في أعقاب الانقلاب الفاشل لإعادة الاستقرار إلى البلاد وتفويت الفرصة على المتربصين بها.  وتأمين الاقتصاد التركي بعدما تعثر مرتين بسبب تدهور العلاقة مع موسكو في أعقاب إسقاط الطائرة ثم الانقلاب هو عامل هام لاستمرار تركيا في أداء واجبها الإنساني إزاء اللاجئين السوريين الذين تنوء بحملهم الثقيل دون منّ أو تذمر.

 

2) التلويح بالتحالف مع موسكو لممارسة الضغط السياسي على أميركا وأوروبا وتجاوز العراقيل الأميركية التي كانت تغل يد تركيا عن لعب دور أكبر في سوريا لا سيما أن تلك الأغلال الأميركية تجاوزت حالة تحجيم النفوذ التركي في المشهد السوري إلى مرحلة تشكيل خطر على الأمن القومي التركي نفسه.  لذلك فإن دعم تركيا للفصائل في ريف حلب الشمالي والشرقي لم يكن ممكنا في ظل تجميد العلاقات مع موسكو.  أردوغان جرب ذلك فوجد نفسه في مأزق داخلي وخارجي ومجرد من جميع أدوات للتأثير وبدلاً من أن يهب "حلفاؤه" الدوليون و الإقليميون لنجدته انتهزوا فرصة ورطته لمحاولة الانقلاب عليه. والمعركة بين أنقرة وواشنطن ما تزال مستعرة لم تضع أوزارها بعد، والتقارب مع روسيا سياسة مقصودة لا شك ولكن في ظلها تقوم تركيا بتأمين استقرارها الداخلي وتحصين أمنها القومي وتوفير دعم ميداني للثورة لم تكن لتستطيع أن توفره قبل عام من الآن.

 

في السياسة، لا يوجد بين الخيارات المتاحة عادة خيار مصلحة صرفة، بل تتداخل المصالح والمفاسد وتتشابك ويصبح الترجيح بين الخيارات يستند إلى تعظيم غلبة المصلحة على المفسدة.  وفي الوضع السوري بالغ التعقيد، لا شك أن هذا التداخل والتشابك يصل ذروته الأمر الذي يصعب عملية الترجيح. وأعتقد أن القيادة التركية وقوى الثورة تواجه خيارات عسيرة أحلاها مر ينطوي على دفع أثمان مادية ومعنوية باهظة. أم أن الخيار الوحيد المقبول من أردوغان هو القيام بعملية استشهادية اقتصاداً وسياسة حتى يرضى عنه السوريون؟! ألم نتعلم الدرس من تجربة الدكتور محمد مرسي؟

 

في المقابل من السهل على الفرنسيين اتخاذ بعض المواقف الإعلامية المجانية التي لا تكلفهم شيئاً مقابل جني مردود معنوي جيد على صعيد العلاقات العامة يحسن من صورة فرنسا أما الرأي العام العالمي. والحق يقال أن الموقف الفرنسي من الأزمة السورية أفضل نسبيا من غيره من المواقف الأوروبية ... أو بالأحرى هو من أقلها سوءاً ولكنه موقف لم يتعد التصريحات والمزايدات وتوظيف القضية السورية  لمناكفة إيران وروسيا.  وهو موقف لا يخرج في نهاية المطاف عن الإطار العام للأولويات التي حددتها واشنطن ومن ثم فلا أمل يرجى منه على صعيد التأثير الإيجابي العملي في صالح الثورة.  ولكن من الناحية المعنوية هو موقف مرحب به على كل حال.

 

أما أن يتخذ الموقف الفرنسي كمعيار لأداء القيادة التركية فهذا مجانب للصواب وهو قياس فاسد في رأيي نظراً للاختلاف الكبير بين العوامل والمقومات التي تشكل مواقف البلدين، مع كامل احترامنا لحق الإخوة الكرام في تبني الرأي المخالف.

 

والله تعالى أعلم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين