بين السياسي والعسكري


بقلم : محمد فتحي النادي
 
العرب رغم أنهم كانوا يحبون الفرسان ويقدمونهم على غيرهم، وبرز منهم كثيرون، لكنهم كانوا دائمًا ما يختارون السياسيين أصحاب الحنكة والدهاء على الفرسان الشجعان...
فأبوا سفيان قائد سياسي أكثر منه قائدًا عسكريًّا رغم وجود خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما في معسكر قريش في أحد.
 
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اختار المسلمون أبا بكر الذي لم يشتهر عنه أنه قائد عسكري، ومن بعده عمر، ومن بعده عثمان... وكلهم سياسيون رغم وجود خالد والمقداد وأبو عبيدة وغيرهم كثير..
ويبدو أن العقلية العسكرية فيها دائمًا رهق؛ فهذا خالد بن الوليد يأمر بقتل الأسرى متأولاً تأوّلاً خطأ، ويقول عنه عمر بن الخطاب: "إن سيف خالد فيه رهق".
لذلك أرى أنه لا تصلح العقلية العسكرية دائمًا في قيادة الأمم...
نعم... هي التي تصنع الإمبراطوريات وتهدم دولاً... وتصنع البطولات... وترفع كرامة الأمم عاليًا ساعة النصر...
 
وكذلك فهي التي تجلب العار لأممها ساعة الهزيمة والانكسار....
نعم ... قد يصلح لعسكري أن يكون سياسيًّا بارزًا، ولكنها ليست القاعدة.
والأمم القوية هي التي توظف القوة العسكرية في إطار مرسوم لا تخرج عنه....
فهل نعود لفكر العرب الأولين ورؤيتهم في جعل القائد العسكري تحت إمرة القائد السياسي....
فالسياسي يعتمد كثيرًا على قوة عقله...
أما العسكري فيعتمد على قوته الغضبية الباطشة...
وأفلاطون في مدينته الفاضلة كان الفلاسفة هم قمة الهرم.....
 
وأخيرًا ....
نقول للعسكريين:
عودوا لثكناتكم، واكفونا أعداءنا، ولا تتورطوا في المزيد من الدماء...
الوطن محتاج إليكم فلا تكونوا سببًا في انكسار هذا الوطن...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين