بيان الرابطة بشأن حصار غزة - الرابطة تناشد بشأن غزة

بسم الله الرحمن الرحيم 

رابطة العلماء السوريين تُناشد:

أيها العرب.! أيها المسلمون.! يا أحرار العالم !

أما يكفي غزَّة حصاراً ؟!!

 

- إسرائيل تحاصر غزَّة برّاً وبحراً وجوّاً.. أمنياً وعسكرياً واقتصادياً.. جغرافياً وإدارياً ومالياً..

- قوى الاستكبار العالمي تحاصرها سياسياً واقتصادياً وأمنياً وإعلامياً..

- السلطة الفلسطينية تحاصرها أمنياً ومالياً وإدارياً وتنظيمياً وإعلامياً..

وكان واجب العرب والمسلمين وأحرار العالم ـ ابتداء ـ أن يُنجدوا إخوانهم في غزَّة، وأن يمدُّوا لهم يد العون والأخوَّة، وأن ينتصروا لهم بكل ما يستطيعون، وأن يُفدّوهم بالمُهَج والأرواح، فهم إخوة العقيدة، إخوة الإسلام، إخوة العروبة، إخوة الإنسانية....

ولو لم تكن هذه الروابط والوشائج الحميمة بيننا وبين إخوتنا في غزَّة مَوجودة، لاقتضتنا المروءة والنَّخْوة والشَّهامة أن نتحرَّك لنجدتهم، وأن نهبَّ لعونهم، وأن نبذل الغاليَ والرخيص، تلبية لاستغاثاتهم، واستشعاراً لمعاناتهم، وانتصاراً لعدالة قضيتهم، ومُواجهة للوحوش البشريَّة التي تتوثَّب للانقضاض عليهم في كل وقت، وكل حين، ليعيشوا رعباً دائماً، وإرهاباً مستمراً.

تُرى ماذا تقول لنا ضمائرنا؟! ونحن نرى إخوة لنا في العقيدة والإنسانيَّة، يحاصرهم العدوُّ في لقمة عيشهم، يُحاصرهم في دوائهم، يُحاصرهم في بَرِّهم وبحرهم وجوِّهم، يمنعون قدوم أحدٍ عليهم، ويمنعون خروج أحد منهم حتى ولو كان للعلاج.

أليس عجيباً ومخجلاً وغريباًَ أن تتحرك بعض الجمعيات الإنسانية في أوروبا وبعض الشخصيات السياسية والاجتماعية في الغرب لنجدة أهلنها في غزة، وليقودوا حملات الإغاثة الإنسانية وآخرها قافلة شريان الحياة!! في الوقت الذي يجبن بعض حكامنا ومسؤولينا وبعض جمعياتنا الخيرية عن أداء مثل هذا الواجب الإنساني بل إن بعضهم وبوقاحة يعيق مسيرتها ويمنع وصولها!!.

تُرى ما الذي فعله أهل غزَّة حتى يستحقوا هذا العقاب الأثيم؟! وهذا الحصار الظالم؟!!.

هل اعتدَوا على أحد؟، هل ارتكبوا جرماً في حق أحد؟ هل اغتصبوا حق أحد؟! هل يشكلون تهديداً لأحد إلا أن يكون ظالماً معتدياً ومحتلاً؟!!.

كلُّ العالم يعرف أنَّ ما فعلوه هو: أنَّهم دافعوا عن أنفسهم، وعن أرضهم، وعن حريتهم... هذه حقوق كفلتها لهم كل شرائع السماء وكل شرائع الأرض.

والعالم كذلك يعرف جيداً أنَّ أهل غزَّة، إنما مارسوا حريتهم السياسية فاختاروا لتمثيلهم مَن ارتضَوْه لدينهم وأمانتهم، واستقلالهم... شهد لهم بذلك العدو قبل الصديق، والبعيد قبل القريب.

والعالم كله شهد عياناً وعبر شاشات التلفاز وحشيَّة إسرائيل ومَن وراءها في ذبح شعبنا في غزَّة، شيوخاً ونساء وأطفالاً، بأسلحة لم تشهد لها البشرية مثيلاً، كما شهد وحشيتها في محاولة كسر إرادة هذا الشعب العربي المسلم الحر، وهدم بنيته التحتيَّة والفوقيَّة، وتدمير طاقاته واقتصادياته، ومحاولة قطع كل أسباب الحياة عنه.

كل هذا مفهوم.... فهمناه من كتاب الله سبحانه: ? ?   ? ?    ? ?    ? ?    ? ?? ? [المائدة:??]، ? ? ? ?   ? ? ? ? ? ?? ? [البقرة: ???].

لكن من غير المفهوم أن يشارك العدو في هذا الحصار عربٌ ينتسبون للإسلام!! ودول تسمي نفسها عربية وإسلاميَّة!! لم يعرفوا من أهل غزة إلا الجوار الآمن، وأنهم في الصفِّ الأمامي، يواجهون بكل شجاعة شذَّاذ الآفاق، أعداء الإنسانيَّة، مجرمي الحرب، وأنَّهم يدافعون ما وسعهم الجهد  عما تبقَّى من فلسطين، وليحولوا دون تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني الحرمين، وأنَّهم ينافحون بكل عزَّة عن كرامة الأمَّة وعزَّتها وشرفها.

هل من المعقول أن تشارك مصر (قلعة الإسلام - أم الأزهر – كبرى الدول العربية ) في هذا العار الفاضح!، وهذا الحصار الظالم!! فتقيم الجدار الفولاذي الذي يُحكم الحصار، ويسدُّ المَنَافذ، ويَمنع وصول الغِذاء والدواء، وكل أسباب البقاء؟!! كل ذلك بهدف حماية إسرائيل وخنق شعب غزة وتجويعه وتركيعه!!.

وحتى ندرك بشاعة هذه الجريمة المخجلة للعرب والمسلمين، والتي يشارك في تنفيذها مصريون وإسرائيليون وأمريكيون وفرنسيون، نذكر المعلومات التالية التي كشفت عنها المنظمة العربية لحقوق الإنسان وكل وسائل الإعلام:

أ ـ طول هذا الجدار الفولاذي المقرر هو /10/كم أُنجِز منه حتى الآن نصفه.

ب ـ سيُغرَس الجدار في الأرض على عمق 20ـ30م. ويتكوَّن من صفائح فولاذية طول الواحدة منها /18/م بسمك 50سم، مزوَّد بمجسات تنبيه إلى محاولات خرقه.

جـ ـ ينصب هذا الجدار بإشراف كامل من ضباط مخابرات أمريكية وفرنسية، وقد خصصت الحكومة الأمريكية /50/ مليون دولار لشراء معدات متطورة لمراقبة حدود غزة، مصر وستقوم فرنسا بإطلاق قمر صناعي للتجسس ومراقبة القطاع.

د ـ وتساءلت المنظمة بحق ـ: ما هو التهديد الذي يشكله شعب أعزل مثخَن الجراح على أمْن مصر القومي؟ وهل أصبح الأمن القومي المصري يبدأ وينتهي عند معبر رفح.

[إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ]. [حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ].

اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، أنت رب المستضعفين أنت ربنا، إلى مَن تكلنا؟ إلى عدو يتجهّمنا؟ أم إلى قريب ملكتَه أمرنا؟!...

إن رابطة العلماء السوريين، وانطلاقاً من واجب العقيدة والأخوة والإنسانية لتناشد المسؤولين في مصر، وشيخ الأزهر وعلماءه، وحكام العرب والمسلمين، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وكافة المنظمات الدولية والإنسانية، وكافة الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني أن يعملوا جهدهم لإيقاف هذه الجريمة، وأن يضعوا حداً لهذا الظلم، وأن يتقوا الله في شعب غزة العربي المسلم الحر الأبي...

نعم...لابد أن يرتفع صوت هؤلاء جميعاً ليقولوا لهؤلاء الآثمين: ارفعوا أيديكم عن غزة، واعلموا أن بِناء هذا الساتر لا يقل جريمة وبشاعة عن جرم بِناء الجدار الفصل العنصري الذي أقامه شارون في الضفة الغربية، ونقول أيضاً: إن كل من يساعد في إقامة هذا الجدار سواء كان سياسياً أو إدارياً، أو ميكانيكياً أو صناعياً إنما يرتكب فعلاً حراماً وإثماً مبنياً، وظلماً كبيراً سينال من الله أشد العقاب.

اللهم ردَّ حكام العرب والمسلمين إلى دينهم رداً جميلاً ، وألهمهم تحكيم كتابك ، وإقامة شرعك ، وأصلح حالهم ، واجعلهم مع شعوبهم على أعدائهم يا رب العالمين.

التاريخ                     رابطة العلماء السوريين

9/محرم/1431    عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

26/12/2009           الأمانة العامة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين