بم يثبت الطلاق؟ وحكم الإشهاد عليه

نص الاستشارة :

لماذا جعل الفقهاء الطلاق بهذه السهولة بمكان مع أني أقرأ في القرآن الكريم أن الله يأمر بالإشهاد.

بل منهم من يوقع الطلاق بمجرد تحريك اللسان مع الانقباض التام بالشفتين مع أن الزواج لا يحدث بمثل هذا. وهنا في ألمانيا الكثير من المسلمين يعيش فقط مع زوجته!

أظن أن من الحكم المرسلة في الإسلام الحفاظ على الأسر، عدا أن الزواج له شروط كثيرة، مع أهمية مراعاة العرف، وفي الماضي كان الطلاق شيئا سهلا أما اليوم فهو خراب بيوت.

أرجو أن توضحوا وتشرحوا لي هذا كله جزاكم الله خيرا

الاجابة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنّ الطلاق مسؤولية الرجل، ألقاها الإسلام عليه، وجعل تبعاته المالية مسؤوليّته في الدنيا، وتبعاته الدينيّة مسؤوليّة في الآخرة، فإن استخدم حقّه فيما أباح الله له لم يأثم ولم يؤاخذ، وإن طلّق لمرضاة الله عزّ وجلّ أثيب، وإن تعسّف في استعمال حقّه أو تجاوز وتعدّى أثم، ولا ينتهي الأمر بتلفّظه في هذه الدنيا بلفظ الطلاق، وعلى هذا فليس الأمر تفويضًا مطلقًا للرجل يفعل ما يشاء بلا رقيب ولا حسيب.

وتعسّف كثيرٍ من الرجال المطلّقين في استعمال هذا الحقّ الشرعيّ لا يغيّر من كونه شرعيًّا، ولا يعود بالنقض على أصل جعل الله تعالى هذا الأمر بيد الرجل ابتداء.

والطلاق كما هو (خراب بيوت) للمرأة فهو كذلك خراب بيوت للرجل، وإبعاد له عن أولاده في فترة الحضانة، إذ جعل الإسلام حقّ الحضانة للأمّ في فترة الطفولة، وهو كذلك دفعٌ للمال في حقّ الرجل، ففي الطلاق تكليف له بالنفقة على المطلّقة والنفقة على عياله منها، وفيه تكليف له بدفع المهر المؤخّر إن كان ثمّة شيء لم يدفعه من الحقوق، وتسامحت معه الزوجة لسنين بسبب زواجهما، فإذا طلّقها طالبته به، وغالب التأجيل في الحقوق يكون إلى أقرب الأجلين: الطلاق أو الموت، وعلى هذا فإنّ الإسلام كلّف الرجل المطلّق كثيرًا، وهذه التكليفات ينبغي أن تمنع الرجل العاقل من الطلاق إلا في أضيق نطاق وأشدّ حال.

ولا يشترط الإشهاد لوقوع الطلاق، فالإشهاد في حالة وجود اتفاق بين الزوجين على الطلاق، أو إيقاعه مقابل مال مثلا، فهذا ممّا يستوجب الإشهاد لئلا يقع النزاع، أمّا لزوم الطلاق فإنّه يكفي فيه إيقاعه ممّن له الحقّ في إيقاعه.

وأقوال بعض الفقهاء الشاذة التي توقع الطلاق دون عناية بحال المرأة أو الأسرة، وتتسرّع في عدّ ما دون النطقٍ طلاقًا ممّا لا يفتى به عادةً، والفقهاء حريصون على بقاء الأسر، ولهذا فإنّهم يبحثون كثيرًا عن مخارج للمطلّقين تمنع وقوع طلاقهم! لكنّ هذا ممّا زيّن لكثيرٍ من المطلّقين أن يستمرئ الطلاق، فيظنّ أنّه مهما طلّق سيجد المشايخ له مخرجًا! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نسأل الله أن يفقّه أزواج المسلمين في دينهم، وأن يصلح أحوال الأزواج جميعهم. 

والله أعلم


التعليقات