بمناسبة اليوم العالميّ للّغة العربيّة .. ماذا قدّمنا للغتنا؟

أكاد أجزم أنّ العرب ـ إلاّ من رحم ربّك ـ أكثر الناس تقصيراً مع لغتهم ، وإهمالاً لها ، وتخلّياً عنها على كلّ مستوى .. ولا يلغي هذا القول ولا يقلّل منه بعض المظاهر التي تخرج عنه هنا وهناك .. فالوردة كما يقول المثل لا تشكّل ربيعاً ، وقطرة الندى لا تبلّ صدى ..

فالخاصّة على تنوّع اختصاصاتهم بمن فيهم كثير من المختصّين في الغة العربيّة إذا تكلّموا في المجالس والمناسبات سمعت ألسنة ترطن بلغة غريبة ، هي هجين من العامّيّة السوقيّة ، والكلمات الدخيلة ، والأساليب الركيكة .. وهم على ذلك يتوارون من فصيح لغتهم كما يتوارى الإنسان السويّ من السوأة المكشوفة ..

ومناهج تعليمنا للغتنا تعاني من التخلّف والقصور وكثير من التشوّهات ، ولا تخرّج لنا إلاّ أجيالاً يكرهون لغتهم ، وينفرون منها ..

ومعلّمو تلك المناهج داء وبلاء .. وأيّ بلاء .! وما أقبح العلّة في الأطبّاء .!؟

والنخبة المجتمعيّة من الوجهاء والأثرياء أقصى أمانيهم أن يرطن أبناؤهم بلغة أجنبيّة ، وأن يتعلّموا في مدرسة أجنبيّة .. ولتذهب اللغة الأمّ مع حمار أمّ عمرو ..

وتدخل الفنادق والمؤسّسات الخاصّة في كثير من أرجاء وطنك العربيّ ، فلا تجد من يتفاهم معك بلغتك .. ويعتذر لك بعضهم بعذر أقبح من ذنب بأنّ اللغة الإنجليزيّة قد أصبحت لغة عالميّة .. فهم مضطرّون للتعامل بها ..

ويتغرّب بعض العرب عن بلادهم سنوات معدودة ، فتضيع لغة أبنائه ، ويتغرّبون عن لغتهم إلى غير رجعة ..

ولا نريد أن نتحدّث عمّا فعل عدوّنا بلغته الميّتة ، من باب أنّ الشيء بالشيء يذكر ، فتلك حسرة لها مكان آخر ، وهي تقطع لنا كلّ حجّة ..

فمن ينقذ لغتنا ، ليس من عدوّنا ، بل من أنفسنا .؟

الحقّ أنّه لولا القرآن لكانت اللغة العربيّة في خبر كان .

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين