بل نقذف بالحق على الباطل

 

 

 

 

 
مؤسسة زيد بن ثابت
 

 
قد ينتفش الباطل بقوّته...وقد يتبجح مستعيناً بسطوته....يتباهى بانتصاراته...ويخدع الناس بجوْلاته.....لكنه لا يلبث أن يتصاغر ويندحر....ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ! سورة الأنبياء – الآية 18 .
 
تشهد اليوم حمص الجريحة أياماً نحسات، تقصف فيها بكل ما أنتجه الإلحاد الروسي من صواريخ وأسلحة، ويمنع عنها كل ما يقيم الحياة...حتى كادت الناس تأكل القطط والكلاب، أو هي في الحقيقة فعلت !
 
في هذه الأيام السود يقف إعلام النظام الأسدي ومن يسانده متبجحاً بانتصاراته الكاذبة في حمص، وراقصاً على أشلاء الأطفال...وأنّات النساء والشيوخ! معلناً بأن الحسم بات قريباً، وأن حمص لن تصمد إلا كما صمدت القصير !
 
ينتفش أزلام النظام وأعوانهم بأعداد الشهداء الذين يقتلونهم كل يوم....وأعداد المساجد التي يدمرونها، ويدنسونها بحقدهم، وطائفية من يساندهم....ولكن أليس : للباطل جولة وللحق ألف جولة...؟؟؟...
 
ربما على حين غفلة من إيمان....وأمام كل ما ذكرنا ...يتسرب القنوط إلى بعض الناس، ويحاول الباطل بصلفه وبطشه أن يخلط عليهم الأمور، وأن يوهمهم بأن الحق في صف القوي الذي يحقق الانتصارات...ولكن هيهات هيهات لمن وثق بالله أن يتسرب إليه هذا الشعور؛ لأنه يعلم أن الله هو الحق، وأنه لا محالة ناصرٌ لأهل الحق، ولكن ربما تأخر النصر لميز الله الخبيث من الطيب!
 
يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا وَطَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ نَصَرَهُمْ » . رواه ابن ماجه في سننه .
إنهم أهل الحق الذين يناصرونه ولو تمالأت عليهم الدنيا بما فيها !
 
إن المعركة بين الحق والباطل ـ أيها الناس ـ معركة قديمة منذ أن خلق الله آدم وأمر الملائكة له بالسجود...فسجدوا إلا إبليس...وهي دائمة ما دامت الأرض ومن عليها...إلى أن يحارب عيسى ابنُ مريم الدجال ويقتله في آخر الزمان!
 
إنها معركة خاض غمارها الأنبياء، والمصلحون والعلماء...وكاد الحق في كثير من المرات يداس بالنعال ....إلى أن جاء النصر من العلي القدير( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) . سورة يوسف – الآية 110 .
إن القوة كثيراً ما تُلبس الباطلَ زيفاً من الحق! وكثيراً ما يستضعف الحق حتى ينزوي ويكاد يموت ! ولكن كل ذلك إلى حين...
 
كيف لا وقد قال الله تعالى في كتابه: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ! سورة الأنبياء – الآية 18 .
إنّ فعل القذف الذي استخدمه القرآن الكريم، يدلّ على المفاجأة والمباغتة...ودخول إذا الفجائية على الجملة الثانية( هُوَ زَاهِقٌ ) يؤكّد هذا المعنى ويثبّته.
 
إن الباطل حين يأذن الله بزواله لا يغدو شيئاً مذكوراً....فلينتفش النظام الخبيث بأسلحته وتدميره...وليعلُ ببطاله وزيفه.... فما النصر إلا للمؤمنين الصادقين...الذين استضعفوا في الأرض ونالوا من الأذى ألواناً!
( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ). سورة القصص – الآية 5


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين