بعد شهرين على الهدنة الرثة ...أي بديل ؟!إلى الخليين الهجع

 

 

لن نكتب شيئا في التأكيد على رثاثة هذه الهدنة التي فرضها ديمستورا على الشعب السوري ، وقدمها لهذا الشعب المستضعف كبديل ذهبي للقصف والقتل والتهجير ، وللقتلة المعتدين فرصة ذات بحبوحة ليبالغوا في عدوانهم ، ويذهبوا بعيدا في تحقيق أهدافهم .

كان من أهم أهداف الهدنة المزعومة هدفها النفسي في إدخال الوهن على قلوب المقاتلين السوريين ، بإشعارهم بشيء من الأمن الوقتي الكاذب ، حيث يراهن المجرمون على إطفاء جذوة التحدي في العقول والقلوب ، وتزيين الوهن بتغليفه بالأمن والدعة والسلامة وهذا بعض ما قدروا أن يكون ,,

وكان من أهداف الهدنة المزعومة أيضا تصدير الخلاف إلى صفوف الثوار والمعارضين ، بين قابل ورافض ، ومزين ومفند ، في حال يغيب فيها عن الثورة والثوار ، الموقف الموحد ، والقرار المركزي ..

لن ننسى في تعداد أهداف الهدنة ، أو إعطاء فرصة للقتل من طرف واحد ، التغطية على عجز المجتمع الدولي ، أو على قراره الإجماعي بخذلان الإنسان السوري ، والانحياز المتوافق عليه إلى القتلة والمجرمين والغزاة المحتلين ..

شهران مرا تقريبا على عمر هذه الهدنة الرثة المشؤومة ، والأعجب أنها كانت وما زالت هدنة من طرف واحد . ففي الوقت الذي وجد فيها البعض فرصة لنفش الريش ، والاستعراض بالألوان ، فإن غرف عمليات القتلة والمحتلين ما توقفت عن شن الحرب ، والإغراق في القتل والتهجير ، والادعاء والاتهام وتحقيق المزيد من الانتصارات على حساب الشعب المخذول ، والثورة التي لم تجد لها بين الناس من نصير .

شهران مرّا وفي كل يوم نسمع إعلان توثيق عن عدوان أثيم وخرق جديد ، دون أن يستتبع هذا التوثيق ما يستحقه من موقف حازم رشيد . أكثر من ألفي خرق للهدنة ، معظمها بسلاح الطيران والمدفعية الذي لا يملكه غير القتلة ، والغزاة المحتلون ، حتى لا يعتذر داعموهم الدوليون ، أنهم مثل ديمستورا ، لا يدرون مَن الخارقون ؟!

لقد آن الأوان لتعلن كل جهة تمسك من قرار الثورة السورية بطرف رفضها للهدنة . وانتهاء اللعبة ، والمضي الجاد الهادف في طريق البديل .

لن يقول أحد إن تصعيد القصف على حلب وحمص وإدلب ودوما جاء نتيجة انسحاب المعارضة من جنيف ، فذلك باطل من القول ما عليه دليل . إن غرف عمليات الروس والإيرانيين وبالتوافق الأمريكي تتحرك على الأرض السورية باستراتيجية وليس بردود أفعال .

إن المخطط الروسي – الإيراني – الإسرائيلي بالتوافق الأمريكي ماض في سورية إلى غايته ، سواء ( داومت ) المعارضة في جنيف أو (غابت) ، وسواء جهر المعارضون بالقول أو أسروا به . وبالتالي فإنه لا يجوز لأحد أن يتخوف من عواقب إطلاق رصاصة الرحمة على هدنة رثة ، هي في حقيقتها مضغة لبان يجتر تحت عنوانها القتل والتدمير الماضغون .

القصف على المدن السورية جميعا ولاسيما في حلب وحمص وإدلب وغوطة دمشق ، والعودة إلى البراميل المتفجرة القاتل الأقل كلفة ، ودفع المدفعية الروسية إلى حدود محافظة حلب في انتظار فرصة للنهزة ؛ كل أولئك عمليات استراتيجية مخططة ومبرمجة كانت ستنفذ سواء كان لواء الهدنة منكسا أو معقودا ..

ومن هنا فإن المطلوب من كل من له علاقة بقرار الثورة أو المعارضة السورية ، بعضه أو كله ، أن يبادر إلى ...

أولا – إعلان رفض الهدنة ، وإسقاط عنوانها ، واعتبارها كذبة دولية كبرى ، تدين من يعرضها ، وتشين من يقبل بها ..

ثانيا – التوقف عن التفكير والتشاغل بصغائر الأمور وسفاسفها ، ولنتذكر قول محمد رسول الله – إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها أو سفسافها – وما أضاع الفرص على الثورة ومشروعها ، إلا قيادات تشتغل عن المعالي بالتوافه والصغائر والسفساف والسفاسف .

ثالثا- الإصرار على استعادة منطلقات الثورة الحقوقية المدنية ، وأهدافها الوطنية ، ورفض الانجرار إلى السبل الضيقة ذات الأبعاد الفئوية والطائفية ، التي يصر على محاصرة ثورتنا فيها الآخرون .

رابعا – التفكير الجاد المستدام الليلي والنهاري في مشروع البدائل الحقيقية لواقع اتضحت أبعاده ، ولقوى استبانت أحجامها وأوزانها ومواقعها .

التفكير في إطار فعل ثوري يقوم على ( إن البعوضة تدمي مقلة الأسد ) ويؤمن به ، ويعمل عليه ، وفق برامج لا تحتاج إلى إمكانات دول كما يتعللون، وإنما إلى العقل الذي اكتشف النار والعجل والرافعة ليجد أدوات مشروع انتصاره من جديد

خامسا – لا بد من التفكير الأولي في إطار إعادة الثقة للإنسان السوري بثورته وبمستقبله ، وبقياداته المجتمعية على كل المستويات . وإعادة الثقة على هذا المستوى لا يكون بالتفنن في أساليب الخطاب المملول ، وإنما في المبادرات العملية الرائدة . باستعادة دور الرائد الذي لا يكذب أهله ، والقائد الذي يلبس لأمته فلا يضعها حتى يحقق هدفه ..

إن المبادرات التي نشير إليها هنا ليست عسكرية فقط كما قد يتصور البعض ، وإن كانت المبادرات الثورية العسكرية هي بعض المقصود ، فمن المبادرات ما هو إنساني ومنها ما هو مجتمعي ، ومنها ما هو سياسي عملي ، ولن يعجز عاقل التقدم خطوة في كل لحظة وباتجاه رشيد ...

سادسا – استراتيجية الردع – المتبادل ، بالنوع ، وليس بالحجم أو الكم . يجب أن تفعّل : قاعدة (( إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ )) . ولا يجوز أن يفلت قاتل من قصاص ، ولا مجرم من عقوبة . ولا بد من التفكير الجاد ، بمستوى من المبادرات المؤثرة والنوعية ، تجعل كل الذين يظنون أن قطارهم في محاصرة الثورة السورية ، وإنهاك الشعب السوري قد وضع على سكته ، يكتشفون خطأهم ويراجعون حساباتهم من جديد...

إن الذين سكتوا ويسكتون عن أولوية قضية العدالة ، ويتغاضون عن مطلب محاكمة المجرم والمجرمين ، الذين وثقت جرائمهم بست مائة ألف وثيقة ودليل ، مهما تكن بواعث سكوتهم وتغاضيهم ، هم أنفسهم الذين يعطون الفرصة للمتآمرين والمخادعين المناورين. فحين يكون مطلب محاكمة المجرمين كل المجرمين مطلبا أوليا ؛ لن يكون هناك فرجة لاقتراح نائب واحد أو ثلاثة نواب لمجرم ما يزال في مجتمع الإجرام الدولي من يقبل بتلقيبه ( الرئيس ) ..

سابعا – بالأمس ملايين من الآباء والأمهات والأبناء والأخوة والأخوات من السوريين لم يتناولوا عشاءهم ، ولم يناموا ليلهم كانوا كشأنهم كل ليلة مع المفجوعين ومع المهجرين ومع المجوعين ...

بينما كان الخليون هجعا ...

يا حسن الوجه إن استطعت أن تقي وجهك النار فافعل ، ولن تقيه حتى ترفض أن تكون من هؤلاء الهجع السادرين ... ولكن مالنا ما زلنا نسمع من قبلكم الغطيط ؟!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين