النُّور النَّفيس لتَصفيد إبليس

عناصر المادة

1- صفِّده صباحًا ومساءً2- مِن الجِنَّة والنَّاس

مقدمة:

شهر رمضان شهرٌ مباركٌ، فيه العديد مِن المزايا والفضائل، ومِنها تقييد الشّياطين فيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا جَاءَ ‌رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ ‌الشَّيَاطِينُ). [ 1 ]

أما وقد انتهى رمضان، فإنّ هذه المزية انتهت، فما الحلّ؟

والشّيطان عدوّنا الأوّل، نصّت الكثير مِن الآيات القرآنيّة على عداوته لنا: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ إِنَّهُۥ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ مُّبِينٌ} [البقرة: 168].

{يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ إِنَّهُۥ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ مُّبِينٞ} [البقرة: 208].

{وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ حَمُولَةٗ وَفَرۡشٗا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ إِنَّهُۥ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ مُّبِينٞ}

{وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِنَّهُۥ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ مُّبِينٞ} [الزّخرف: 62].

ويوم القيامة يخاطب الله ابن آدم الّذي أطاع الشّيطان: {أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِنَّهُۥ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ مُّبِينٞ * وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ * وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلّٗا كَثِيرًا أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ * هَٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ * ٱصۡلَوۡهَا ٱلۡيَوۡمَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} [يس: 60-64].

ولا تقتصر هذه العداوة على إبليس الأوّل، بل هي ممتدّةٌ إلى ذرّيّته: {وإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوُّۢ بِئۡسَ لِلظَّٰلِمِينَ بَدَلٗا} [الكهف: 50].

وفي موضعٍ آخر يخبرنا بالعداوة ويأمرنا بجعلها في الحسبان {إنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ ‌لَكُمۡ ‌عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6].

وإذا كان كذلك فكيف نصفّد الشّياطين وقد زال قيدها بانقضاء الشّهر الفضيل؟

1- صفِّده صباحًا ومساءً

يترصّد الشّيطان لابن آدم في شأنه كلّه، وفي مواطنه كلّها، وقد علّمنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن نتوقّى شرّه عند خروجنا مِن المنزل، عن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ -يَعْني: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ-: ‌بِسمِ ‌اللهِ ‌تَوَكَّلْتُ ‌عَلَى ‌اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلَاّ باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ)، زاد أبو داود: (فيقول -يعني: الشَّيطان- لِشيطانٍ آخر: كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ ‌هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟). [ 2 ]

فإذا كنت تقصد المسجد بخروجك مِن البيت فضع القيد في يده قبل أن تلج المسجد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: (‌أَعُوذُ ‌بِاللَّهِ ‌الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ ‌الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). [ 3 ]

فإذا صلّيت فلست في مأمنٍ، فإن وسوس فاتفل واستعذ؛ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ ‌الشَّيْطَانَ ‌قَدْ ‌حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ ‌خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا) قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي. [ 4 ]

فإذا خرجت مِن المسجد فشدّ عليه القيد مِن جديدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ ‌افْتَحْ ‌لِي ‌أَبْوَابَ ‌رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ، وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ ‌الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). [ 5 ]

وعند عودة المؤمن إلى بيته يترصّده الشّيطان يريد أن يدخل معه فيدرك المبيت عنده، وعندما يأكل المؤمن يترصّده الشّيطان يريد أن يأكل معه فما الحلّ؟ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ ‌الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ ‌الشَّيْطَانُ: ‌أَدْرَكْتُمُ ‌الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: ‌أَدْرَكْتُمُ ‌الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ). [ 6 ]

وكذلك عند الجماع للشّيطان كيدٌ: عَنِ ‌ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، ‌اللَّهُمَّ ‌جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ). [ 7 ]

فتأمّل كيف علّمنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن نقيّد عدوّنا في كلّ حينٍ.

2- مِن الجِنَّة والنَّاس

أمرنا الله سبحانه أن نستعيذ به مِن شياطين الإنس والجنّ: {قل أَعُوذُ ‌بِرَبِّ ‌ٱلنَّاسِ * مَلِكِ ٱلنَّاسِ * إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ * مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ * ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ * مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} [النّاس: 1-6].

ومِنَ استعاذتنا مِن الشّيطان أن نقرأ آية الكرسيّ قبل النّوم، عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‌بِحِفْظِ ‌زَكَاةِ ‌رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ)، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ سَيَعُودُ)، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يا أباهريرة مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قال: (أما إنَّه كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ)، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وهذا آخر ثلاث مرات تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: (مَا هِيَ؟) قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ من أولها حتى تختم: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (ذَاكَ شَيْطَانٌ). [ 8 ]

وكذلك قبل دخول الخلاء حيث تستوطن، نستعيذ بالله مِن ذُكرانها وإناثها، عَنْ ‌عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ‌أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ ‌الْخُبُثِ ‌وَالْخَبَائِثِ". [ 9 ]

هذا عن شياطين الجنّ، فماذا عن شياطين الإنس، هل نقيّدهم كذلك؟ وإنّما يكون تقييدهم بالابتعاد عنهم وعدم الاستماع لهم وإلغاء متابعتهم عبر وسائل التّواصل، وإلغاء الاشتراك في أقنيتهم ومنصّاتهم وحساباتهم.

خاتِمةٌ:

وصف لنا ديننا العدوّ، ودلّنا على سبل مقاومته، فهو الّذي أخرج أبانا مِن الجنّة، {يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ ‌أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوۡءَٰتِهِمَآ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ} [الأعراف: 27].

وإنّ للشّيطان هدفًا، ألّا نرجع إلى الجنّة، ويجتهد في سبيل ذلك أحد عشر شهرًا، حتّى يكون رمضان فيَبطلُ سعيُه، ويغفر الله لمن صام وقام، فإذا انقضى استأنف الشّيطان جهده فينا، لكنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم علّمنا كيف نلزمه القيد دائمًا، فلا يكون له سلطانٌ علينا: {فإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ * إِنَّهُۥ لَيۡسَ لَهُۥ ‌سُلۡطَٰنٌ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلۡطَٰنُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوۡنَهُۥ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشۡرِكُونَ} [الّنحل: 99].

وقد أُمرنا بالاستعاذة مِنه في أكثر مِن موضعٍ: {وإِمَّا ‌يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200].

{وإِمَّا ‌يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} [فصّلت: 480].

ما الّذي نستفيده مِن تكرار وصف عداوة الشّيطان لنا، وتكرار الأمر بالاستعاذة، وبيان السّنة النّبوية لأذكارٍ كثيرةٍ تقيّد الشّيطان وتُبطل فعله؟ المستفاد أنّ هذا أمرٌ له اعتباره في شريعتنا، فلنأخذه على محمل الجدّ، ولنحرص على إنفاذه.

1 - صحيح مسلم: 1079

2 - رياض الصالحين، (83) وفيه: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وَقالَ الترمذي: "حديث حسن"

3 - سنن أبي داود: 466

4 - صحيح مسلم: 2203

5 - صحيح ابن خزيمة: 2706

6 - صحيح مسلم: 2018

7 - صحيح البخاريّ: 141

8 - صحيح البخاريّ: 2311

9 - صحيح البخاريّ: 142

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين