الممثلون في جنيف وأشياعهم

 

من فقد البديل فقد الاختيار وخضع وإن باضطرار

 

يُعيّر متحدث باسم الممثلين في جنيف وفد بشار، بأنه ( لا يملك قراره ، وأنه مضطر للعودة إلى دمشق ليقدم رأياً في ورقة ديمستورا ) . ويضيف الممثل مزهوا ( نحن نملك قرارنا ، ليس لدينا مرجعية تقيدنا ولذا رحبنا بالورقة وعلقنا عليها بملاحظتين . ) لا أدري في أي خانة يصنف العقلاء مثل هذه الكلمات ، وهل هو التمدح بما حقيقته الذم ، أو هو التعبير المناسب عن حالة انعدام الشعور بالمسئولية تجاه الموقف وتبعاته وما يترتب عليه. لست مناوئا لوفد الممثلين بل أنا داع لهم بالتوفيق والرشد وحسن الأداء وتقدير التبعة ، ولذا لن أزيد على هذه الإشارة إلا بالتأكيد على مقولة العرب ( لا يصلح لهذا الأمر إلا الرجل المكّيث ) . ولعلهم يسألون أيضا : وماذا يعني العرب بالرجل المكّيث ..؟!

جاء لقاء جنيف الأخير بعد أن ظن القائمون على المجتمع الدولي وعلى رأسهم ( الولايات المتحدة وروسية ) أن معركة إنهاك الشعب السوري لتطويعه قد بلغت مداها . إن 9000 غارة جوية نفذها الطيران الروسي على المستضعفين من أبناء الشعب السوري ، مع ما رافقها من قصف دولي وأسدي وحرب إيرانية مع تحشيد فصائل عميلة من مختلف الانتماءات كل هذا أشعر الكثير من السوريين أنهم لم يعودوا يملكون من امر معركتهم شيئا . حتى القوى السياسية التي تدرك بحسها السياسي غاية ( حرب التطويع والترويض والتدجين وكسر الإرادات ) لم تعد تجرؤ على أن تقول فيما يجري غير بعض الكلمات الخجلى ، فتتدارى وراء عبارات عامة من التمسك بالثوابت العائمة على بحر الدماء . وتسر قبولا في رفض معنعن ، لا يسمن ولا يغني من جوع .

الكل يغمغم في الخفاء . ويتفق على أن المركب يدخل مثلث برمودا برفق دبلوماسي . لا أحد يجرؤ أن يرفع رأسا أو صوتا . ربما شكل ما صدر عن فصيل ( أحرار الشام ) من موقف أشبه بحركة مريض وخزه طبيب بمسلة وليس برأس دبوس ..

ولكن لماذا لا أحد يجرؤ على قول لا ، ولماذا يصر البعض في سياق ثورة بلغت كلفتها نصف مليون شهيد ، وعشرة ملايين مشرد أن يستعيد حكمة : الاعمام والعمات : ( حط راسك بين الروس وصيح يا قطاع الروس ) . الروس المقصودون في المثل الشعبي ليسوا هم الذين يقطعون الرؤوس اليوم على الأرض السورية ..

لا أحد يجرؤ على أن يقول لخطة الاستسلام الكئيبة البائسة المقيتة ، ولا كاتب هذه السطور ، لأن على الذي يقول ( لا ) أن يقدم لملايين المستضعفين من أبناء الشعب السوري بديلا عن الواقع الذي آل أمرهم وأمر بلدهم وأمر ثورتهم إليه . ولا أحد من هؤلاء جميعا من يملك من أمر هذا البديل شيئا ، ولاسيما بعد أن انكشفت أوراق الكثير من الأصدقاء ، وعرف الناس ما عرفوا من أمر ( عبد المعين ) الأحوج إلى العون إما بما هو فيه ، وإما بما أجلب على نفسه بسوء تقدير الموقف وببؤس القرار .

( الممثلون والممثلات ) ، الذين يتحدثون باسم الثورة السورية والشعب السوري في جنيف ، لا يملكون بديلا عما يقودهم ديمستورا إليه بدبلوماسيةِ ( فدلاهما بغرور ) . والدبلوماسية هنا ضرورية ليظل هؤلاء ( الممثلون ) وأرجو فهم الكلمة بكل مستوياتها الدلالية ، يمتلكون القدرة للوقوف أمام الكاميرات للقول :( نحن عرضنا نحن عارضنا .. نحن قدمنا .. نحن أخرنا .. نحن قبلنا ..نحن رفضنا ) ، وإن كانوا في حقيقة الأمر لا يقدمون ولا يؤخرون ، ولا يسبقون ولا يتأخرون ، بل هم كما قال الأول ( ممثلون في قفص ) . وهذا ليس اتهاما لأحد منهم بل هو تقرير لواقع يحكمهم ، وإن كانوا هم الذين صنعوه.

 نقرر هذا لنعلم أن لحظة الحقيقة في سورية قد اقتربت . وأن لحظة العودة إلى البيت ، بيت الطاعة ، قد حانت ؛ إن لم يكن هناك رجال حق وصدق وجد يأخذون كتاب الثورة بقوة ، ويذهبون به إلى غايته بعزم ، وأول أمر هؤلاء الرجال بصيرة رشد تضع بينهم وبين مناورة المناورين فاروقا يفرق بين حقنا وباطل المبطلين ..

حين لا يملك الإنسان غير أن يقول فأضعف الإيمان أن يقول : لا تقولوا إن أحدا لم يقل لكم ...

رحم الله شهداء سورية وخلفها في بنيها خيرا . وعوض الله المصابين والمضحين والصابرين والمصابرين ..

ويقولون لك : متمسكون بوثيقة المبادئ الخمسة ..وأقول ماضون على طريق ثورة الحق حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين