المتجرئون على حمى الشريعة

أرسل إليّ بعض الإخوة الفضلاء مقطعاً مرئيّاً، وقد يكون قديماً بعض الشيء، لمُتمشيخ مُفتٍ، يروّج لإمامة المَرأة، وهي تصلّي بالرجال والنساء، ويشيد بما في تراثنا بزعمه من الاجتهادات والآراء، التي تفتح آفاقاً عظيمة للتجديد..

وهذا تعليقي على ما سمعت من قول هذا المُتمشيخ المُفتي وأمثاله:

1 ـ إنّ قمّة المَهازل الخلقيّة قبل العلميّة والفكريّة، ألاّ نفهم التجديد ونُعملَه إلاّ في شواذّ المَسائل، وما لا وزن له في تحقيق نهضة الأمّة ورقيّها، وإنّما يقصد به التقرّب إلى ثقافة الغرب، ومحاولة استرضائه، ويبعدنا عن محاسن الإسلام وآدابه، وسموّ قيمه ومقاصده..

2 ـ بعض الناس يتغنّون بمقاصد الإسلام في كلّ مناسبة، ويتمسّحون بها كلّما لاح لهم برق للترخّص والتنصّل عن بعض الأحكام الشرعيّة، المُتّفق عليها بين جمهور العلماء، وقد تقترب من الإجماع، ولكنّهم يأخذون بشواذّ الأقوال، وينسون ما كانوا يتغنّون به من مقاصد الإسلام، عندما تتنافى مع أهوائهم..

3 ـ ويا أيّها المُتجرّئون على حمى الشريعة المَصون..!! قدّموا لنا منهجكم بأصوله الشرعيّة المُعتبرة، لنعرف مدى علمكم ورسوخ قدمكم، وإلاّ فلا وزن لكلامكم واجتهاداتكم عندنا ولا تقربون!.. فهي عبث من العبث، وليست من بابة العلم والدين في شيء.. ودين الله أجلّ من عبث العابثين..

4 ـ وأنتم أيّها الغيورون على قدس دينكم، وحمى شريعته! أميتوا هذه الأراجيف الهزيلة المُتطاولة على شريعة الله تعالى بهجرها في أرضها، وقتلها في مهدها، وعدم نشرها..

فهي زوابع هشّة تافهة، من جهلة، أو مُتعالمِين، قصارى همّهم أن تنتشر بين عامّة المُؤمنين، فتشوّش عليهم دينهم، أو أن يظهروا بين الناس بمظهر العلماء، والباحثين المُحقّقين، وهم لم يفقهوا أدنى الفقه بدينهم.. أو هي من أعداء للإسلام مُغرضين، هذا دأبهم منذ زمن طويل.. أو من مدفوعين منهم مأجورين يعلمون، أو غير مأجورين، لا يعلمون، والمُؤدّى واحد، لا يختلف.. والله لا يصلح عمل المُفسدين..

5 ـ وإنّ ممّا سمعت ووعيت من شيخنا الدكتور محمّد فوزي فيض الله رحمه الله تعالى، وأعلى منزلته، وأنا في السنة الأولى من كلّية الشريعة في جامعة دمشق، أنّه قال لنا: قابلت امرأة مسيحيّة على درجة جيّدة من الثقافة والفهم، فقالت لي: « لو لم يكن في دينكم بالنسبة للمرأة إلاّ الفصل بين الرجال والنساء في مكان العبادة لكفاكم فخراً بهذا الدين.. نحن نعيش في كنائسنا قمّة الخزي والمَهزلة والأعمال المَاجنة.. إنّها حقيقة ليست مكان عبادة، بل مكان لقاء العشّاق، وأهل العبث والمجون ».

وإنّ هؤلاء الجهلة المُتعالمين من أبنائنا يريدون بمثل هذه الفتاوى الضالّة أن يعبثوا بمقاصد ديننا، ويفقدونا محاسنه السامية، ويجرّدونا من فضائله وآدابه، ليلحق شباب الأمّة بركب الغرب الهابط أسفل سافلين..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين