المبالغة في جلد الآخرين ليس من صفات المنصفين

تحميل المتدينين مسؤولة تردي أوضاع الأمة دون غيرهم

هناك مقطع فيديو منتشر كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي وجاءني مرات متعددة ، فأحببت أن أعلق بهذه التعليقات خشية الانبهار بهذا المتحدث وبأسلوبه .

إن بعض المتحدثين عندما يريد معالجة واقع الملسمين وما وصلوا إليه من تخلف : يأخذه الحماس إلى المبالغة وإلى نكران كل فضيلة يتمتع بها المسلمون ، وكذلك يجعل مصيبة المسلمين في تردي أوضاعهم قاصرة على الملتزمين بالصلاة والحج والصيام وغيرها من العبادات دون غيرهم ، وهذه نظرة سوداوية وظالمة لأن مصيبة الأمة ليست في كل المسلمين الملتزمين بل في كثير منهم ، والخير ليس معدوما على الإطلاق في أمة الإسلام من العلماء المصلحين وأفراد من الأتقياء الملتزمين الذين يسعون حسب إمكانياتهم وما يسمح لهم من نشر الوعي والإصلاح .

وكذلك لابد من الاعتراف أن من أسباب تردي أوضاع الأمة أن هناك من غير الملتزمين سواء من العلمانيين أو أصحاب التيارات الفكرية المنحرفة ومن أصحاب الشهوات والنزوات والنفوذ والطغيان من لا يهتم أصلا بالدين سواء في جانب العبادات أو الأحكام الشرعية أو الأخلاق الفاضلة ، فلماذا يتم تحميل الملتزمين فقط دون غيرهم .

وهذه أهم الملاحظات التي وجدتها في كلام هذا المتحدث في هذا المقطع :

1- قال المتحدث : ( الدين هو : المعاملات ، والتدين هو : هو الحج والصيام والزكاة ، ومشكلة المسلمين أنهم أخذوا التدين وتركوا الدين )

تعريف الدين على أنه هو المعاملات ، ليس دقيقا بل فيه عقائد وأحكام ومعاملات وأخلاق وآداب

2- قال المتحدث : ( الأعمال اللازمة التي بيننا وبين الله كالصلاة والحج فعلناها ولم نستفد منها شيئا ، والأعمال المتعدية التي بيننا وبين الناس كالصدق تركناها )

هذه مبالغات غير لائقة فليس كل المسلمين الآن ملتزمين بالصلاة وغيرها من العبادات، وكذلك هذا التعميم على الذين التزموا بالصلاة : أن الصلاة لم تفدهم شيئا غير لائق على الإطلاق .

3- قال المتحدث : ( نحن الآن حكَّمنا القرآن المسطور ) وهذا غير صحيح فكثير من المسلمين غير الملتزمين لم يحكموا القرآن كلياً سواء كان مسطورا أو منظوراً .

4- قال المتحدث : ( المسابقات في القرآن الكريم من أسباب تخلفنا ) هذا كلام منكور ومعيب ، فالمسابقات القرآنية ليس هي السبب في تخلف المسلمين بل على العكس من ذلك هي من أسباب المحافظة على كتاب الله وصيانته من الضياع والعبث والتلاعب به ، وكان ينبغي على المتحدث أن يؤكد على إقامة مسابقات تهتم بتدبر القرآن الكريم والعمل به وتطبيقه موازية لمسابقات حفظ القرآن الكريم .

5- قال : ( الغرب عندهم عدل بدون دين ، ونحن عندنا تدين بدون عدل ) وهذه حكم جائر فالعدل ليس موجودا في الغرب بهذه الصورة الناصعة ، فلا زالت التفرقة العنصرية منتشرة لديهم إلى عهد قريب ، بل ولا زالت في بعض دولهم إلى الآن ، وكذلك هم أظلم الناس مع الشعوب التي يستعمرونها ولا زالوا إلى هذا الوقت ينهبون خيراتها ، وهذا التعميم على المسلمين أن التدين عندهم لا يوجد فيه عدل : فهذا تعميم جائر .

الفيديو لمن أراد الاطلاع عليه هنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين