المأساة السوداء للسودانيين!

ما حدث ويحدث في السودان هو طوفان حقيقي واسع النطاق، ومأساة محزنة من النوع الثقيل؛ فقد تواطأت على الفيضان ٩ أنهر جاءت من إثيوبيا وجنوب السودان وإريتيريا وكانت غاضبة بصورة غير مسبوقة، لتغرق مساحات زراعية واسعة على ضفافها الممتدة في معظم ولايات السودان، وليسقط أكثر من مائة ألف منزل، ويموت أكثر من مائة وعشرة شخصا وتنفق آلاف المواشي وتتعرض المزروعات والثمار في مئات الآلاف من الأفدنة للتلف.

وفي ذات السياق سقطت في بعض المناطق أعمدة الكهرباء وانعدمت المياه الصالحة للشرب، وانقطعت بصورة شبه كلية الأعمال والإمدادات ولا سيما الأدوية، وعجز مئات الآلاف عن الحركة بسبب البحيرات التي تكونت والتي لا تخلو من التماسيح والثعابين والأفاعي والعقارب وأنواع لا تحصى من الهوام والحشرات، وكأننا في فلم رعب!

ومن المعلوم أن الناس عند تصوير شدة ما يقع في الكوارث يقولون بأن النازحين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، لكن إخواننا في السودان صاروا يتمنون أن يفترشوا الأرض بعد أن استحالت إلى بحيرات تبتلع خيراتهم وتحمل إليهم الكثير من الأخطار!

والله إنها مأساة سوداء تدمي القلوب الحية، حيث هام مئات الآلاف على وجوههم لا يجدون ما يسد الرمق بل أجزم أن بعضهم لم يستوعبوا ما حدث وكأن طوفان نوح قد عاد أو أن القيامة قد قامت، وصار كل إنسان مشغولا بنفسه، ولم تمتد الأيدي لكثيرين منهم بالعون والمساعدات.

وكم حزنت في هذه الظروف على شعب الجود والكرم في يمننا الحبيب الذي كان دوما سباقا في مثل هذه الكوارث والظروف بمد أيدي العون، فقد طحنته الحروب والحصار والكوارث الطبيعية وعلى رأسها السيول التي قتلت المئات منهم وأفقدت مئات الآلاف بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم الأخرى.

فيا أيها المترفون والمتخمون العرب مدوا أيديكم إلى إخوانكم فإن لم تنجدوهم الآن فمتى ستفعلون؟ أنسيتم توجيه نبيكم بأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟!

اللهم لطفا بالضحايا الذين لا بيوت تأويهم، ولا غذاء يشبع بطونهم، ولا كساء يغطي أجسامهم، ولا دواء يخفف أوجاعهم، اللهم هيئ لهم يا رحمن الأسباب وسخّر لهم المقتدرين، وعوضهم خيرا مما فقدوا.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين