اللقاء العلمائي التضامني في صيدا مع أهلنا المظلومين في سوريا

 

اللقاء العلمائي التضامني مع أهلنا المظلومين في سوريا
تداعي علماء مدينة صيدا ظهر يوم الأحد  26 / 6 / 2011م إلى "اللقاء العلمائي التضامني مع أهلنا المظلومين في سوريا" في مسجد الحسين في صيدا، حيث حضر اللقاء علماء المدينة وجوارها من جميع أطياف الحركات والجمعيات والشخصيات الإسلامية، أئمة مساجد وخطباء ودعاة.
بدأ اللقاء بتلاوة قرآنية بصوت الشيخ إبراهيم الديماسي، ثم كلمة لإمام وخطيب مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير الذي تحدث عن وجوب نصرة المظلومين في كل مكان، وتحدث عن مسؤولية العلماء في بيان حكم ما يتعرض له الشعب السوري، وقال: ألم نسمع أنين الأطفال الذين قتلوا بدبابات النظام، ألم نشاهد كيف يضرب أبناء الشعب السوري بالأقدام وهو ينادون يا الله.. يا الله...
بعد كل هذا كان لا بد لنا من وقفة صريحة نعلن فيها موقفنا مما يجري لإخواننا وأخواتنا في سوريا فتداعى العلماء وأصدروا بيان تنديد وشجب واستنكار لمجازر النظام السوري بحق شعبه.
ثم تلا الشيخ مصطفى الحريري البيان صادر عن اللقاء العلمائي المنعقد في صيدا، جاء فيه:
تضامناً مع أهلنا المظلومين في سورية
قال الله تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )
الحمد لله ناصر المؤمنين المستضعفين ومذل المتكبرين المتجبرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
قال تعالى: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون"
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما من امريء ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته, إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته)
مئة يوم مرت من ثورة اللاعنف واللاخوف على امتداد سورية الأسيرة والجريحة, مئة يوم أو تزيد من نزيف الدماء ودموع الحرائر ونبض الأحرار ونزوح اللاجئين، وها هي قافلة الشهداء تقترب من ألفيتها الثانية وسلسة الاعتقالات طالت الآلاف وجموع اللاجئين تجاوزت الآلاف العشرة, في مشهدية ملحمية للكرامة والفداء.
وها هو العالم يشهد انبعاث فجر ثورة جديدة جريئة جديرة بالنصرة والنصر بإذن الله, فمع فجر كل جمعة ومع جنازة كل شهيد, تتوجه أنظار العالم الى أرض المحشر والمنشر إلى شام الثورة والعزة, حيث ينساب الأحرار من أبواب المساجد إلى أبواب السماء مشاريع شهادة ومشاريع حياة, من درعا إلى دمشق وريفها, إلى حلب وحمص وحماة واللاذقية والقامشلي ومعرة النعمان وإدلب وجسر الشغور وسائر المدن والبلدات السورية الأبية.
وها هو العالم يشهد أنه فقط في سورية لا يستعمل السلاح والرصاص الحي والمروحيات ومدافع الدبابات الذي تحوزه السلطة لتحرير الأرض بل لقمع الإحتجاجات ومطاردة الشعب الأعزل الأبي وقتل المتظاهرين السلميين, فقط في سورية يمثل بجثث الأطفال ويسلخ جلد الإنسان حياً, فقط في سورية يهجر
الشعب من أرض الوطن, وتخلو المدن من أهلها وتنهب البيوت ويعتدى على العجائز.
وأمام هذا الواقع المرير تابع الـلقاء العلمائي جملة التداعيات والانتهاكات التي تمارسها عصابات النظام المسلحة ضد الشعب السوري الأعزل, وصدر عنه ما يلي:
في المجال الإسلامي
أولاً: تأييد بيانات ومواقف المناصرة للشعب السوري الصادرة عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة العلماء السوريين في الخارج، ورابطة علماء السنة، ورابطة علماء الخليج واتحاد المنظمات الإسلامية بأوربا والمؤسسات الإسلامية الأخرى المؤيدة لهذه التوجهات.
ثانياً: مطالبة منظمة المؤتمر الإسلامي بالخروج عن صمتها إزاء ما يحدث في سورية.
ثالثاً: مطالبة جامعة الدول العربية بموقف عاجل ومشرف يحفظ لهذه الجامعة ما بقي من ماء وجهها, درأً لأي تدخل عسكري غربي على الأراضي السورية.
إلى الأهل في سورية
أولاً: تأييد الثوار الأبرار في مطالبهم الشرعية ونضالهم المشروع للتحرر من الطغيان.
ثانياً: توصية أهلنا في سورية الحبيبة بأن يستعينوا بالصبر والصلاة وأن يحرصوا على وحدة الصف والكلمة دفاعاً عن أنفسهم وأعراضهم وثورتهم.
ثالثاً: تنبيه الإخوة في قيادة الثورة من الإنزلاق إلى أتون السلاح أو أفخاخ التفاوض أو دوامة الطائفية.
رابعاً: التوجه إلى حماة الديار أبناء المؤسسة العسكرية, مخاطبين فيهم إيمانهم بالله وعقيدتهم القتالية وإنسانيتهم ونخوتهم العربية، بأن يهبوا لحماية البلاد والعباد، مذكرين لهم بقوله تعالى "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً" النساء 93. ومع دعوتهم إلى الإقتداء بالموقف الشجاع والنبيل للجيش المصري في انحيازه للشعب.
خامساً: دعوة الشرفاء من أعضاء الحكومة والبرلمان والسلك الدبلوماسي وسائر المؤسسات المرتبطة بالحاكم المستبد والنظام الفاسد إلى إعلان البراءة من هذا المنكر الأكبر والانحياز إلى حق شعوبهم في العيش الكريم. في إطار ثورة ديبلوماسية على غرار الثورة الليبية.
سادساً: مناشدة رجال المال والأعمال السوريين وغيرهم من أحرار العالم تعزيز الدعم المالي واللوجستي لأهلهم في سورية حتى زوال النظام بإذن الله.
إلى الجوار الإقليمي
أولاً: دعوة دول الجوار الإقليمي, إلى الوفاء بحقوق الجوار على المستوى الإنساني على غرار ما قدمته تركيا, إغاثة للنازحين ومداواة للجرحى وإيواءً للشرفاء الممتنعين عن توجيه السلاح إلى بني قومهم.
ثانياً: شكر الشعب التركي والأردني واللبناني على المواقف الإنسانية النبيلة تجاه العائلات السورية التي اضطرت للنزوح خارج حدود الوطن.
ثالثاً: مؤازرة إتحاد الأطباء العرب في استنكاره للمضايقات والمعوقات التي تتعرض لها الطواقم الطبية التابعة له, والتي هبت لإغاثة ضحايا القمع المفرط في سورية.
رابعاً: استنكار الضغوط التي تمارس لمنع المتضامنين مع الشعب السوري من التعبير عن تضامنهم في الوقت الذي تفتح فيه القاعات وتعقد اللقاءات لمؤيدي النظام الظالم.
خامساً: إدانة الاعتداء على المتظاهرين المتضامنين مع الشعب السوري في طرابلس والتي نعتبرها سابقة إرهابية خطيرة، تغذي مناخ الفتنة الذي يتهدد نسيج المجتمع اللبناني, وبناءً عليه فإننا ندعو الأجهزة الرسمية للقيام بواجباتها في حفظ أمن الناس.
سادساً: إدانة تحول بعض وسائل الإعلام اللبناني إلى جزء من الإعلام الرسمي السوري في الوقت الذي يدعو فيه رعاة هذا الإعلام إلى عدم التدخل في الشأن السوري الداخلي، ويدعوهم اللقاء إلى الإلتزام بالمصداقية في نقل الخبر، والتمسك برسالة الإعلام السامية في الدفاع عن المظلوم وليس العكس.
سابعاً: شكر وسائل الإعلام التي تتحرى الدقة والمصداقية في نقل الخبر, ودعوتها إلى إنشاء مرصد إعلامي لرصد وفضح المؤسسات والشخصيات المتواطئة مع النظام الظالم.
ثامناً: شكر جميع الحقوقيين وناشطي حقوق الإنسان والعاملين في هذا المجال على جهودهم لتوثيق الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري.
تاسعاً: دعوة سائر الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى التضامن والتعاون حتى زوال الطغاة.
على الصعيد الدولي
أولاً: مطالبة الأمم المتحدة ومؤسساتها بالمسارعة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعوب كافة لا سيما على مستوى حقوق الإنسان في سورية.
ثانياً: مطالبة كل من روسيا والصين، إلى عدم التمادي في مراهنات تلحق الضرر البالغ بمصالحها إضافة إلى ما يلحق بسمعتها الدولية من الإساءة, نتيجة حمايتها للأنظمة التي ترتكب جرائم الإبادة والترويع بحق شعوبها في كل من ليبيا وسوريا.
ثالثاً: تحذير الدول الغربية من إبرام أية تسوية مع النظام على حساب الخيارات المصيرية والمحقة للشعب السوري ولو كان الثمن هو السلام مع إسرائيل لأنها تسوية مع نظام زائل على أمر باطل.
وفي الختام يؤكد اللقاء أن لقاءاته واعتصاماته ستبقى مفتوحة ومتنقلة في كافة المناطق اللبنانية لمواكبة التطورات في سورية وغيرها من دول عالمنا العربي والإسلامي, والوقوف إلى جانب الشعب السوري المظلوم, باعتباره واجباً إنسانياً وأخوياً وإسلامياً, يحتم على العلماء أن يقوموا بدورهم في الوقوف إلى جانب المظلوم في مواجهة الظالم.
ونسال الله تعالى ان يعجل لشعب سورية الشقيق النصر والفرج وأن يولي عليهم خيارهم ويكف عنهم شرارهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ثم رُفعت الأيادي إلى الله للتأمين على دعاء الشيخ عبد الله البقري إمام وخطيب مسجد الحاج بهاء الدين الحريري الذي سأل الله فيه أن يرحم الشعب السوري ويزيل الهم والغم والظلم عنه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين