الكفل من بني إسرائيل

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُّ النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يحدِّث حديثًا لو لم أسمعه إلَّا مرَّة أو مرتين، حتى عدَّ سبع مرات، ولكن سمعته أكثر.

سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورَّع في ذنبٍ عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارًا له على أنْ يطأها، فلمَّا قعد منها مقعد الرَّجل من امرأته، أرعدت وبكت، فقال: ما يبكيك أأكرهتك؟

قالت: لا، ولكنَّه عمل ما عملته قطّ، وما حملني عليه إلَّا الحاجة. فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته قط؟! اذهبي فهي لك.

وقال: لا والله لا أعصي الله بعدها أبدًا، فمات من ليلته فأصبحَ مكتوبًا على بابه إنَّ الله قد غفر للكفل» ([1]).

الشرح:

ثَبَتَ في "صحيحِ ابن حبان" عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من عشرين مرة يقول:.... وذكر الحديث.

وهذا دليلٌ على استحباب إعادة الحديث وتكرار الموعظة، لتتعود النفوس خشية الله، ويتمكَّن السَّامعون من حفظ الحديث وتبليغه كما أمروا.

«والكِفْل» بكسر الكاف: اسم رجلٍ، وأصله في اللغة: الحظُّ والنَّصيب.

«وذو الكفل»: نبيٌّ على نبينا وعليه الصَّلاة والسَّلام.

«والدينار» عملة ذهبيَّة، يساوي نحو: ثلاثة وستين قرشًا صاغًا، وبقيَّة ألفاظ القِصَّة واضحة.

والعبرة منها

أنَّ هذا الكفل لم يتورَّع عن ذنبٍ ولا رجع عن معصيةٍ اشتهتها نفسه، حتى إذا أثقلَ كاهله بالذنوب والمعاصي، أدركته عناية الله فصدق في التوبة، وأخلص النِّية، وصحَّح العزيمة، فقبلَ الله توبتَه، وغفر له حوبَتَه، وأعلن ذلك للملأِ من بني إسرائيل كي يعرفوا عناية الله بالمذنبين التائبين، ويدركوا سِعة رحمته للعصاةِ إذا أتوا نادمين مخلصين.

وفي الحديث الصَّحيح: «اللهُ أفرحُ بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضلَّه بأرضٍ فلاة».

يعني: بأرض صحراء لا طعام فيها ولا ماء.

" سمير الصالحين"

([1]) رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصحيحه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين