القلب الحي



لما كان الإيمان محله القلب، ومنه تنطلق الجوارح بالطاعات، كان لا بد للقلب من تهيئة لتلقي أمر الله تعالى، وتزكيته وترقيته ليصل إلى درجة القلب السليم الذي أخبر الله عنه: [يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ] الشعراء: ?? - ??


وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه ، قال : سمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : - وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه - " إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه ، وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى ، يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت ، صلح الجسد كله ، وإذا فسدت ، فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب " رواه البخاري ومسلم.


يقول أبوهريرة رضي الله عنه: «القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده». 
قال تعالى بعد أن وعظ عباده المؤمنين بأخبار الجنة والنار: [إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ] {ق:37}. قال السعدي: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي: قلب عظيم حي، ذكي، زكي، فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله، تذكر بها، وانتفع، فارتفع وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله، واستمعها، استماعًا يسترشد به، وقلبه { شَهِيدٌ } أي: حاضر، فهذا له أيضا ذكرى وموعظة، وشفاء وهدى.
وأما المعرِض، الذي لم يلق سمعه إلى الآيات، فهذا لا تفيده شيئًا، لأنه لا قبول عنده، ولا تقتضي حكمة الله هداية من هذا وصفه ونعته
) تفسير السعدي - (ج 1 / ص 807).


وسلامة القلب لا تكون إلا بتخليصه من أمراض الشهوات والشبهات التي تجعل العبد ينحرف عن أمر الله تعالى ليصير بعد لهواه والشيطان.
اللهم ارزقنا القلب السليم واهدنا الصراط المستقيم إنك أنت الجواد الكريم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين