القرضاوي : اليوم المآذن وغداً المساجد نفسها - بيان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

القرضاوي: اليوم المآذن وغدا المساجد نفسها

أحمد عبد السلام - صبحي مجاهد

الدوحة، القاهرة- حذر العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من أن تصل الاستفتاءات الغربية في الغد إلى حظر بناء المساجد نفسها، وذلك على خلفية الاستفتاء الذي أجري في سويسرا الأحد 29-11-2009 ومنع بناء مآذن جديدة في البلاد. فيما دعا الاتحاد مسلمي العالم إلى وقفات احتجاجية أمام السفارات السويسرية للتعبير عن رفضهم لنتيجة الاستفتاء.
جاء ذلك بينما طالب الأزهر الشريف الحكومة السويسرية بإيقاف قرار حظر بناء المآذن، اعتبرت دار الإفتاء ووزارة الأوقاف في مصر أن إقدام سويسرا على تنفيذ الاستفتاء بالمنع سيؤدي إلى انهيار جهود الحوار التي استمرت أكثر من 20 عاما.
ودعا الشيخ القرضاوي في الثلاثاء 1-12-2009 "الأقلية المسلمة في سويسرا إلى المناضلة بالوسائل البرلمانية والقانونية، والقضائية المشروعة، أمام المحاكم الفيدرالية والدولية، وهيئات حقوق الإنسان، لإلغاء هذا القرار".
?    
وأعرب عن حزنه من نتيجة الاستفتاء، قائلا: "قد أحزنتني نتيجة الاستفتاء في سويسرا، الناتج عن الدعاية اليمينية المتطرفة ضد المسلمين، لتخويف الأوربيين من الإسلام، رغم أننا منذ شبابنا ونحن نعلم عن سويسرا أنها بلد الحياد والأمان والحرية -يفر إليها المضطهدون في بلادهم- وأنها لا تعارض أيَّ دين".
وأبدى الشيخ القرضاوي استغرابه من "أن تثار ضجة حول بناء المآذن في مساجد سويسرا، وغريب أيضا أن تنجح دعاية اليمين المتطرف في حمل السويسريين على التصويت لقرار المنع، بدعوى أنها دفاع عن الهُويَّة المسيحية، أو اليهودية للمجتمع السويسري، رغم معارضة الحكومة، والمجلس النيابي لهذا الاتجاه".
وحذر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من التأثير السلبي لإقرار مبادرة حظر المآذن على ولاء مسلمي سويسرا للوطن.
بيان الاتحاد
في السياق نفسه، أعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان وصلت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه، وذيل بتوقيع الشيخ القرضاوي، عن صدمته من نتيجة الاستفتاء السويسري.
واعتبر البيان أن تلك النتيجة "كشفت عن التناقض الصارخ بين تغني الشعب السويسري وتباهيه بالديمقراطية وحرية الأديان وبين المضمون العنصري و"الإسلاموفوبي" لهذا الاستفتاء ومعارضته للدساتير ومواثيق حقوق الإنسان، والحرية الدينية، والتنوع الحضاري".
وحذر من أن تصل الاستفتاءات في المستقبل إلى حظر المساجد، قائلا: "فاليوم المآذن وغدا المساجد نفسها!! وما الذي يمنع ذلك ما دام اليمين العنصري المتعصب ضد الأجانب هو الذي يقود الحملة".
ورأى الاتحاد أن النتيجة التي أسفر عنها هذا الاستفتاء "تعبر عن نموذج جديد من العداء للإسلام والمسلمين في هذا البلد بصفة خاصة وفي أوروبا بصفة عامة". وحذر من أن نتيجة الاستفتاء "ستقوي موقف العناصر المتطرفة من المسلمين الذين يقولون لنا: هذا هو الغرب الذي تدعوننا للتحاور معه، والتعاون معه، يكرهكم ويطاردكم".
وطالب البيان الحكومة السويسرية بأن تتحمل "المسئولية كاملة عن النتائج التي من الممكن أن تنتج عن هذا الاستفتاء، وفي مقدمتها تنامي ظاهرة العداء والكراهية للإسلام والمسلمين في سويسرا".
ودعا الاتحاد الأقلية المسلمة في سويسرا إلى "التزام الهدوء وعدم الانفعال والعمل على سلوك الطرق السلمية الحضارية والقانونية في التصدي لمثل هذه المواقف، وفي مقدمتها العمل مع العديد من المنظمات والجمعيات المحلية والدولية التي عبرت عن موقفها الرافض لهذا الاستفتاء، وما ترتب عليه من نتائج".
كما طالب الاتحاد منظمة المؤتمر الإسلامي "بأن تقوم بحملة دولية في أوساط البلدان ذات الأقليات المسلمة وخصوصا في الغرب، من أجل تبيان خطورة هذا الاستفتاء على مستقبل التعايش بين المسلمين والمجتمعات الأخرى".
إيقاف القرار
بدوره، طالب الأزهر الشريف الحكومة السويسرية بإيقاف قرار منع بناء المآذن، محملا السفير السويسري في القاهرة دومينيك فورجلر مسئولية إيصال احتجاج المؤسسات الدينية المصرية إلى حكومته.
وقال شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي -خلال لقائه السفير السويسري بمشيخة الأزهر الثلاثاء 1-12-2009- إنه لا يوافق على أن تمنع المآذن لمجرد تخوفات أو تصرفات من قلة.
وأضاف د. طنطاوي أن "هذا القرار له أثره السيئة في نفوس المسلمين، ونرجو من الحكومة السويسرية إيقاف قرار المنع؛ لأنه لا فائدة من ورائه، وإنما سيؤدي إلى بلبلة وإساءة ظن من المسلمين بسويسرا التي نريد أن نبقيها محل احترام وتقدير بألا يصدر عنها أي تمييز أو إساءة للإسلام أو عقائد المسلمين".
وأضاف: "أننا نطمئن سويسرا بأن الإسلام دين يدعو للأمان ونشر السلام، والمسلمون طوال المدة التي قضوها هناك لم نسمع أن واحدا منهم قام بعمل يضر الدولة، وإن قامت قلة بالمخالفة فللحكومة السويسرية معاقبة المخالفين لكن لا تعاقب الأغلبية". وأردف قائلا: "على الحكومة السويسرية نزع المخاوف من تزايد أعداد المسلمين وإيقاف قرار منع المآذن، ونحن نضمن بأنه لا يحدث من مسلم يعيش بسويسرا أي إساءة".
من جانبه، قال السفير السويسري إن سبب التصويت لصالح حظر بناء مآذن جديدة هو الخوف من تزايد أعداد المسلمين في سويسرا، وظهور مجتمعات موازية تطالب بتطبيق تعاليم دينها أو تفرضه في نظم التعليم.
وأكد أن حكومته ستبقي على المآذن القديمة وعددها أربع مآذن، كما أنها لن تمس مسألة بناء المساجد، موضحا أن حكومته مجبرة على إصدار قوانين لتطبيق نتيجة الاستفتاء، ولكن للمسلمين اللجوء للمحكمة السويسرية للاستشكال، فإن رفضت فليلجئوا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والحكومة متعهدة بتطبيق أي حكم يصدر.
20 عاما من الحوار
من جهته، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، إن "قرار منع المآذن أظهر مشكلة مفادها أننا نشتغل بالحوار منذ 20 عاما، ثم يصدر قرار بمنع المآذن ليحطم كثيرا من قواعد الحوار، فنحن نبني ليعيش الجميع على الاحترام والحوار فتأتي الأحزاب اليمينية المتطرفة فتهدم بقرار واحد تلك القواعد".
بينما أكد وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق، أن نتيجة الاستفتاء السويسري تناقض الدستور السويسري في المساواة، حيث يتيح لغير المسلم أن يعبر عن دينه بالرمز وترفض ذلك للمسلم. وكان أكثر من 57.4% من السويسريين صوتوا في استفتاء الأحد الماضي لصالح مبادرة اليمين حظر بناء المآذن

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين