القرآن وصف الزلازل بدقة بالغة

القرآن وصف الزلازل بدقة بالغة.. والدرس المستخلص العودة إلى الله تعالى

 

د. زغلول النجار

حاوره: حسن القباني

 

«لا بد من الفزع إلى الله»، بهذه الكلمات، دعا عميد الإعجاز العلمي للقرآن الكريم الجيولوجي البارز العلاَّمة د. زغلول النجار، عبر حوار لـ«المجتمع»، المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى الاعتبار من الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غرب سورية وجنوب تركيا، مؤكداً أن القرآن الكريم والسُّنة النبوية وصفا بدقة ما وصل إليه العلم الحديث في الزلازل، فيما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من كثرتها في آخر الزمان.

 

تطرق القرآن الكريم والسُّنة النبوية للزلازل، ما الإعجاز العلمي فيما جاء فيهما؟

 

- سبق القرآن الكريم جميع المعارف المكتسبة بأكثر من ألف وأربعمائة سنة، وذكر ربنا سبحانه وتعالى عدداً من الآيات القرآنية الكريمة التي تصف الهزات الأرضية بدقة فائقة، قبل أن يعرف الإنسان شيئاً عن هذه الكارثة، ومن أبلغ هذه الآيات: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ {45} أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ {46} أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (النحل)، وهذه الآيات تصف فعل الهزات الأرضية بدقة كبيرة.

 

كذلك جاء وصف الزلازل في العديد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، علماً بأنه لم تحدث زلزلة واحدة في زمانه كرامة له، ولكن جاء في أحاديثه ما يفيد بأن من علامات الساعة كثرة الزلازل، ومن أبلغ تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: «تكون في أمتي رجفة يهلك فيها عشرة آلاف، عشرون ألفاً، ثلاثون ألفاً، يجعلها الله موعظة للمتقين، ورحمة للمؤمنين وعذاباً للكافرين».

 

تدبر القرآن

 

كيف ترون فضيلتكم دلالات الكوارث في هذا الزمن الصعب على المسلمين؟

 

- يقول الله تبارك وتعالى: (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف: 136)، وفي سورة «سبأ»: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) (سبأ: 9)، وقال تعالى في ذات السورة: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ {16} ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) (سبأ)، وفي سورة «الإسراء»: (أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً) (الإسراء: 68)، وفي سورة «الملك»: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) (الملك: 16)، وفي سورة هود: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود: 117)، وفي سورة «التغابن»: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن: 11).

 

ربما نعلم الحكمة فيما بعد

 

يقول البعض: ضرب الزلزال الأخير دولة تناصر قضايا المسلمين بقوة كتركيا، هل ذلك فتنة للناس في دينها أم ابتلاء؟

 

- لا شك في أن تركيا تحت قيادتها الحالية تمثل طليعة إسلامية مباركة، ونسأل الله تعالى أن يوفق تلك القيادة إلى المزيد من العمل والتأييد حتى تعيد تركيا إلى دورها القديم في قيادة العالم الإسلامي، ولكن لا يخلو الأمر من معارضين لهذا التوجه، وهنا نتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يؤكد أن الذي حدث هو ابتلاء من الله تعالى، ربما نعلم الحكمة منه بعد انتهاء هذه المحنة ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الشهداء خمسة.. منهم صاحب الهدم»، ولا ننسى طاعون «عمواس» الذي قضى على حوالي 30 ألفاً من المسلمين، وكان فيهم من هم خيرة أهل الأرض.

 

ابتلاءات السوريين تحديداً تتعاظم، من قتل إلى تهجير إلى زلزال، ما يثير حيرة بعض المسلمين؟

 

- قد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث»، وإغاثة الملهوفين في أوقات الشدائد تعتبر من أعظم القربات إلى الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».

 

مد يد العون والصحوة

 

كيف يتعامل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها مع توابع الزلزال على المستوى العقائدي والإيماني؟

 

- الزلازل وأمثالها من الابتلاءات هي من وسائل إيقاظ المسلمين من غفلتهم، ورد الضالين منهم عن ضلالهم، وعقاب الكفار والمشركين في الدنيا قبل الآخرة، فالزلازل وغيرها من الكوارث هي من جند الله تعالى، التي يحركها على من يشاء، عقاباً للعاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين.

 

في الختام، برأي فضيلتكم ما واجب المسلمين في هذا الوقت تجاه المتضررين من الكوارث عامة والزلزال الأخير خاصة؟

 

- مد يد العون بسخاء للمتضررين، ومن ذلك توفير المأوى والطعام والشراب والعلاجات الصحية والنفسية وإزالة آثار الدمار، وصحوة الناجين والإيمان بأن الله سبحانه هو رب هذا الكون ومليكه، والاعتبار بما حدث وفي مقدمته محاربة شح النفس، وأن المعاصي تستوجب العقاب والفزع إلى الله وأداء العبادات المسنونة لذلك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين