القدس الشريف والأقصى المبارك... إلى أين - القدس الشريف

القدس الشريف والأقصى المبارك.. إلى أين؟


الأستاذ : خالد هنداوي

لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس وضاعت من قبلها الحمراء تستضيف دولة قطر في الدوحة المؤتمر السادس لمؤسسة القدس الدولية في ظروف عصيبة تكتنف العالم أجمع والإسلامي والعربي بوجه خاص على جميع الأصعدة، وتبقى قضية القدس أشد كارثة في ظل الاعتداءات الصهيونية المحمومة من قبل جمعياتها المتعددة التي تسعى بكل وسيلة لوضع يدها على القدس الشريف عامة وعلى القدس القديمة خاصة بوساطة سماسرة مأجورين لإقناع المقدسيين ببيع أراض وبيوت وساحات ومحال تجارية بأسعار مغرية جدا.
 وأما الأهم من ذلك فهو استمرار الحفريات في محيط المسجد الأقصى المبارك وبالأخص تحت المصليات وقد تم من قبل افتتاح الكنيس اليهودي الموازي لقبة الصخرة وهو على بعد ?? متراً ???? م، وهكذا يخططون /?/ من مركز القبة بتاريخ ?لجعل القدس في مزاد علني والوصول إلى أن تظل هذه المدينة عاصمة أبدية لإسرائيل وتعزيز الاستيطان اليهودي في مناطقها جميعا، كما صرح بذلك زعماؤهم وأحزابهم على أنه قد شهدت بداية الألفية الثالثة ارتفاع وتيرة السعار اليهودي والنصراني، كذلك من أجل فرض ما كان أطلق عليه بالحل النهائي لتجتمع الجهود التي ترمي إلى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث لإذلال العرب والمسلمين في أوطانهم وقد جرى التصريح بذلك من أحد أمناء الهيكل وهو (جرشون سلمون) الذي قال:
لقد انتهى الاحتلال الإسلامي ونريد أن نبدأ عهدا جديدا من الخلاص للشعب اليهودي، أي بأي وسيلة وهو ما أدلى به الخبير الإسرائيلي جوزيف سيرج حينما صرح بقوله: سنقوم بإعادة بناء الهيكل الثالث على أرض المسجد الأقصى الذي تستطيع إسرائيل تصديعه باستخدام الوسائل الحديثة، هذا الهيكل الثالث الذي يعني اكتمال دولة صهيون في زعمهم مع أن التاريخ يثبت أن المسجد الأقصى قبل الهياكل الثلاثة وهكذا.
 وكما يقول د. أنور الجندي في كتابه الضربات التي وجهت للانقضاض على الأمة الإسلامية ص ??? ، فإن احتلال بيت المقدس كان مطمحا غاليا من مطامح الصهيونية العالمية لتحقيق نبوءة إعادة بناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى وقد بدأت المؤامرة منذ وقت بعيد من الحروب الصليبية حتى دخول بريطانيا القدس عام ???? حيث سلمتها للصهيونية وقال اللورد اللنبي وقتها: الآن انتهت الحروب الصليبية، وقال غورو في دمشق: ها نحن عدنا يا صلاح الدين، إنه مخطط رسمه الماسون ونفذته الصهيونية بالاشتراك مع الاستعمار الأوروبي وتوالى الاستيطان منذ عام ???? وازدادت الهجرة مؤخرا ومازالت الجهود على قدم وساق لتهويد القدس الشريف جغرافيا وديمغرافيا وتعليميا باستراتيجية دقيقة وعلى المراحل السابقة والحاضرة لإنشاء إسرائيل الكبرى بحماية القواعد العسكرية داخل القدس وخارجها ، فهل نكون على يقظة وصحوة قبل أن تضيع القدس، فالوضع جد خطير.
 وهذا ما أكده الشيخ رائد صلاح مجاهد المسجد الأقصى في صرخته إلى كل غيور ص ??: أنه جندت مئات الملايين من الدولارات بيد المؤسسات الصهيونية التي تضع يدها بأساليب قرصنة لئيمة وحيل ملتوية على بيوت القدس وبقية الأراضي والعقارات خائفا من خنق المسجد الأقصى المبارك من كل الجهات وبذلك تتم مصادرة حَقِّنا الديني والتاريخي والحضاري ثم مصادرة وجودنا في القدس الشريف وبهذا يتحقق حلم ديفيد بن جوريون: لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل.
وإن هذا السعي المحموم من قبل الصهيونية ليؤكد عمق المؤامرة بالاشتراك مع أمريكا ألعوبتها حين عمدت منذ مؤتمر مدريد للسلام ???? إلى تأجيل قضية القدس واللاجئين والاستيطان والحدود لنفهم أن الغرض من هذا التأجيل إنما هو تمكين العدو الإسرائيلي من تهويد القدس ومن ثم تكريس السيطرة عليها كما يؤكد د. أحمد صدقي دجاني في كتابه . "الخطر يتهدد القدس< ص ???
ويضيف أن الأخطار المحدقة بالقدس تتعاظم مما ينذر بتصعيد التوتر فيها بفعل الإصرار الصهيوني على تهويدها ونفي الآخر منها، وهل ننسى تصريح شيمون بيريز: ستظل القدس عاصمة إسرائيل الموحدة ويمكن لعرفات أن يأتي للصلاة فيها!
القدس ليست قبلة العرب إنها هويتنا الروحية وستظل لها الأولوية في سياستنا، أقول: ومن المعروف لدى الساسة الفلسطينيين وغيرهم أن إسرائيل لم تتعهد بأي تجميد لإقامة المستوطنات في منطقة القدس بل إن مسألة توسيع المستوطنات وضم الأراضي بالقوة تمثل استراتيجية تحظى بدعم لا محدود من الحكومة ولا تزال إسرائيل تواصل عملية تهويد القدس وفق مخطط مرسوم لتفرض أمراً تعتقد أنه لا عودة عنه، كما أكد د. أسعد عبدالرحمن في مقال عن استراتيجية ابتلاع القدس نشرته جريدة الاتحاد ???? على أن جريدة الوطن السعودية قد نقلت خبرا مفاده: التحذير من تهويد القدس وتدمير الأقصى بعنوان: كنيسة مصرية تحذر من تهويد القدس: حيث حذرت الكنيسة الأسقفية في مصر برئاسة المطران د. منير حنا من الخطط الإسرائيلية الساعية إلى تهويد القدس مؤكدا أنها مدينة مقدسة لأتباع الديانات السماوية الثلاث ولا يمكن أن يستأثر بها أصحاب أي دين دون آخر، وأضاف المطران خلال احتفال الكنيسة بإصدار الطبعة العربية لكتاب "القدس لمن" والذي ألفه كاتب بريطاني وطلبت العديد من الدوائر الإسلامية والمسيحية ترجمته إلى العربية: أن الممارسات الإسرائيلية الممثلة في بناء المستوطنات والحفر أسفل المسجد الأقصى أفعال لا يمكن السكوت عليها لأنها تستهدف تهويد القدس وإقصاء المسلمين والأقباط منها، لكن حسب الرؤية الإسرائيلية والمعتمدة على مؤتمر كندا الأخير لليونيسكو 19/8/2008 فإنها شرعت لإسرائيل جواز الحفريات ضاربة بذلك جميع الأعراف الدولية في الأقصى كما في وكالة وفا.
وعلى كل فإنه قد يحسن بنا أن نقف عند قول المطران د. منير حنا بأنه لا يمكن أن يستأثر بالقدس أصحاب أي دين دون آخر، إن الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية وهو مسيحي سياسي كان منصفا عندما سأله السياسي اليهودي الأمريكي (كيسنجر) كما نشرته جريدة الشرق الأوسط أوائل عام ???? ونقله ناشر كتاب د. حسن ظاظا عن القدس مدينة الله ص ?? عمن يجب أن تكون القدس تحت رعايته فأجاب: العرب المسلمون! قال: لأن المسيحيين لا يؤمنون بنبوة محمد، واليهود لا يؤمنون بنبوة المسيح ولا محمد، بينما المسلمون يؤمنون بنبوة موسى وعيسى وسائر الأنبياء فهم وحدهم المؤهلون لرعاية هذه المدينة. أقول: لأنه ثبت تاريخيا أن المسلمين وحدهم هم الذين تسامحوا مع النصارى واليهود وهم في ذمتهم والشواهد أكثر من أن تحصى، هذا من جانب، ومن جانب آخر فيجب ألا ننسى أن القدس عربية وأن اليبوسيين وهم ولد كنعان أي: من أصل العرب قد بنوا القدس قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام.
 ويستطرد الأستاذ جهاد ليدلل - حجاج في كتابه القدس تاج العرب من ص 35 ـ52  على عروبتها رغم مرور الحضارات المختلفة عليها في التاريخ ومن جانب ثالث فقد تجلت قدسية بيت المقدس وما حوله تاريخيا بهجرة الخليل إبراهيم عليه السلام حوالي الألف الثاني قبل الميلاد كما نقل الشيخ محمد عبد الكريم الشيخ في كتاب المسجد الأقصى وقفات وعبرات ص ?? كما حكى الله عنه وعن لوط [وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ] {الأنبياء:71} قال المفسر ابن كثير: وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لكم ولخلفكم إلى آخر الدهر، أي إلى المسلمين؛ لأن الله ذكر عنه: [مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ] {آل عمران:67}  لقد أخرج الله اليهود وطردهم من القدس وفلسطين لما اعتدوا على دين الله وأنبيائه وأورث أرضهم المسلمين فأزاحوا عنها الرومان بعد حكم ستة قرون، وحكمها المسلمون ثلاثة عشر قرنا إلا القرن الذي احتلها فيه الصليبيون فنحن العرب المسلمين ورثة سيدنا إبراهيم والمحافظون على القدس والأقصى إلى يوم الدين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين