الفوتوشوب

 

 
أبو عبيدة الغريب :
كثيرة هي المواقف والذكريات التي حملتها معي من سجون النظام وكثيرة هي كذلك المواقف المؤلمة الحزينة التي كنا نعيشها كل يوم والتي أتقن النظام ممارستها طيلة هذه الأعوام الماضية الطويلة وزركشها بألوان من الذل و العذاب و الإهانة .
ولكن بالمقابل كان هناك الكثير من المواقف التي تدل على غباء النظام وجهله صحيح أن النظام ذكي أمنياً لأنه سخر كل إمكانات الدولة لصالح مؤسسته الأمنية القمعية حتى أصبحت الفروع الأمنية أكثر من المستشفيات والمدارس إلا أنه نظام غبي الكترونياً وسأتحدث هنا عن بعض هذه المواقف التي حصلت معي أو مع الشباب الذين كانوا معي في السجن وسأبدأ بنفسي فعندما أخرجوني إلى التحقيق في فرع الأمن السياسي بحمص أخذوني إلى غرفة فيها كمبيوتر و مهندس الفرع للاتصالات والحاسوب وطلبوا مني الدخول إلى برنامج المحادثة ماسنجر هوت ميل طلب مني المهندس أن أُدخل اسم المستخدم وكلمة السر وتولى هو الباقي حاول المهندس الدخول أكثر من مرة لكنه لم ينجح فقال لي مستغرباً البرنامج لا يفتح قلت له افتح الانترنيت أولاً فالسيد المهندس يريد أن يفتح البرنامج قبل الاتصال بالشبكة وهو المهندس المسؤول في الفرع عن الاتصالات .
موقف آخر :
بقي أحد الشباب في السجن لمدة 3 سنوات بتهمة الاتصال مع جماعة سياسية محظورة وخرج من السجن ولم يُطلب منه الايميل الذي كان يتحدث من خلاله و أنا الآن أتحدث مع الرجل على إيميله القديم الياهو الخاص به قبل أن يسجن
وبالمثل شخص من حلب سجن مدة أربع سنوات وهو من المزورين الخبراء لأحد الجماعات فعندما أوقف هذا الرجل كان في جيبه يو إ س بي فيه كل مال قام بتزويره وقد تنقل هذا الرجل بين 10 فروع أمنية واليو إ س بي يتنقل معه ضمن أماناته لأنهم لم يفتحوه وخرج الرجل من السجن وسلمت له أماناته واليو إ س بي معه  
الآن أين الفوتوشوب في الموضوع ؟
الفوتوشوب قصة شاب كان معي في فرع الدوريات من اللاذقية صاحب مكتبة . جاء إليه بعض الشباب وصوروا في مكتبته بعض الأوراق التي تتضامن مع شعب غزة ونشروها فاعتبر النظام ذلك منشورات محظورة وقام باعتقال هؤلاء الشباب مع صاحب المكتبة الذي صور لهم الأوراق وبعد اعتقال صاحب المكتبة جاؤوا به إلى المكتبة ليصادروا الحاسوب والكتب وما شابه وقف قائد الدورية في المكتبة والرجل أمامه وقال له : أين الفوتوشوب ؟ ظن الرجل أنه يقصد برنامج الفوتوشوب المعروف فقال لقائد الدورية الفوتوشوب بين السيديات ! فرد عليه قائد الدورية بغضبٍ قائلاً : الفوتوشوب الفوتوشوب يا حيوان فقال الرجل الفوتوشوب بين السيديات !
فغضب قائد الدورية ومد يده إلى جيبه واخرج يو إ س بي وقال أقول لك الفوتوشوب يا حمار قال الرجل قل لي يو إ س بي يا سيدي فأجابه نفس الشيء فقال اليو إ س بي في درج الطاولة
يقول الرجل : ما يحزنني من كلام قائد الدورية أنه يشعرك كم أنت غبي وهو يقول الفوتوشوب الفوتوشوب !
ومن غبائهم أنهم إذا أرادوا أن يصادروا كمبيوترا ً أخذوا الشاشة و الماوس ولوحة المفاتيح ومنظم الكهرباء لا لأنها لن تعود أبداً بل لأنهم لا يعرفون الكمبيوتر إلا قطعة واحدة و إذا أرادوا أن يسألوا عن كمبيوترك قالوا ما نوع كمبيوترك بالاعتماد على نوع الشاشة سامسونغ – إل جي وهكذا حتى على مستوى مراقبة الهاتف النقال إذا أرادوا مراقبة هاتف ما وتسجيل مكالماته كلف موظف خاص بهذه الوظيفة يسمع المكالمات ويسجلها على الورقة و لا يسجلها صوتيا ً...
وفي النهابة النظام لا يحتاج إلى التكنولوجيا صحيح أنه يمتلكها لكنه لا يحسن استعمالها و لذلك استعان بالخبرات الروسية و الإيرانية في هذه الثورة لمراقبة الانترنيت و الهاتف وغيره النظام لا يحتاج إلى التكنولوجيا مادامت السياط تعمل النظام لا يحتاج إلى تكنولوجيا مادام المخبرون هم عصب الفروع الأمنية ولولا وجود هؤلاء المخبرين صدقوني فإن الفروع الأمنية لا تعلم ما يحصل أمام بابها و مادام المخبرون موجودين ويملؤون ربوع هذا الوطن الحبيب فوداعاً لكل التكنولوجيا .
 
 المقالة القادمة : عفو ناقص من ناقص ( إن يسرها الله لي )
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين