الفتح المبين !!

 ( وظنوا أنهم مانعتُهم حصونُهم من الله ، فأتاهم اللهُ من حيثُ لم يحتسبوا ، وقذف في قلوبهِمُ الرعب ، يُخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبِروا ياأُولي الأبصار)

 

إلى أبطال تحرير المسطومة !! شعر : يحيى حاج يحيى

 

صبرت أُخيّ على الظالمين ْ / وماكان صبرُك إلا لِحين ْ !

فهذا الأوانُ أوانُ القِصاص / وسحْق ُ اللئيم الكفور المهين ْ!؟

ترفرفُ راياتُ فتْح ٍمُبين / وتخفُق ُ بالنصر للمؤمنين ْ!!

فأطيبْ بعيش عزيز ٍ كريم / وأحببْ بإخوان حقٍّ ودين !

لدرب الشهادة هم سالكون / ومن أجل دين الهدى ثائرون ْ!

فحبُّ الشهادة ملءُ القلوب / ونورُ العقيدة ملءُ العيون !!

فشُدّوا الصفوف بودِّ الإخاء ْ / وسِيروا على منهج الأنبياء !

فما في التفرّق غيرُ الونى / فكيف ؟! وقد وحّدتْكم دماء !؟

وهذي بشائرُ نصر ٍأكيد ْ / يُطِلُّ عليكم بفجر ٍ جديد ْ

يُعيدُ السيادة للمسلمين / بحُكم العزيز ، ونهْج ٍرشيد ْ !!

فياأمم الأرض قومي اشهدي / وبالمسلمين الأ ُباة اقتدي

لقد أشهدوا الكون كيف الإباء / وكيف الخلاصُ من الملحد ِ!؟

 

أضواء على الأبيات:

موضوع الأبيات انتصار الأبطال المجاهدين في معسكرالمسطومة والتخلص من آخر معاقل النظام النصيري البعثي في ريف إدلب الجنوبي، وقد حوت الأبيات على الأفكار الآتية: 1-الاستعداد للمعركة في البيتين الأول والثاني. 2-الفتح المبين والنصر على الأعداء في البيتين الثالث والرابع 3-الهدف من المعركة إعلاء كلمة الحق وبيان صحة المنهج في الأبيات الخامس إلى الثامن 4-الاتحاد وجمع الشمل سبب في النصر في الأبيات من التاسع إلى الثاني عشر.

 

من هو الشاعر؟

الشاعر أديب سوري من مواليد جسر الشغور نهاية الأربعينيات من القرن المنصرم، حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة حلب، تتلمذ على أساتذة كبار، كالدكتور عمر الدقاق، والدكتور صبري الأشتر والأستاذ عمر يحيى والأستاذ محمود فاخوري، وله قدم سبق في الدعوة وصحبة الدعاة فكان من رواد الحركة الإسلامية في محافظة إدلب، غادر سورية مطلع الثمانينيات، له ديوان شعر متنوع في موضوعاته، عالج في أغلبه قضايا المسلمين ومشكلاتهم، فدعا إلى أدب ملتزم بأسس العقيدة الإسلامية والتمسك الصحيح بمنهج الدعاة، عضو في رابطىة الأدب الإسلامي، له حضور بين الأدباء والشعراء، فهو قامة أدبية سامقة. مارس التدريس أكثر من 40 أربعين عاماً وما زال على رأس عمله، أطال الله طيلته إنه أستاذنا يحيى بشير حاج يحيى.

 

  الدراسة الدبية:

-أيُّها الأبطال إنَّ صبركم لم يكن جبناً، وإنَّما إعدادٌ لساعةِ الحزم وتحقيق النصر، فهؤلاء ظلمة قهروا شعبنا وظلموه والآن حان حسابهم. فجزاؤكم أيها القتلة من جنس عملكم. 

 

-فالنصر آت وراياته ارتفعت يعلوها التكبير والتهليل، ولكم أيُّها الإخوة أن تعيشوا بحريَّة وتتخلصوا من جور السنين، وهذه حياة تحيونها بطيب وهناءة لكم ولِمَنْ خلفَكم.

 

-ثار هؤلاء الأبطال نصرة لدين الله وإحقاقاً للحق، لتحيا أمتنا المسلمة عزيزة كريمة بفضل نصركم وتضحياتكم، ولتعلو راية التوحيد خفاقة. 

 

-رصُّوا الصفوف- أيُّها الإخوة- فطريقكم طريق الأنبياء والرسلفي البذل والتضحية والعطاء والبيان، فوحِّدوا صفوفكم وأجمعوا أمركم، وكونوا يداً واحدة على مَنْ سِواكم. 

 

-إنَّ اتحادكم هو بداية نصر كبيريفتح الله به عليكم، ويهزم عدوَّكم، فما كان هذا إلا شأن أجدادكم الذين انتصروا بفضل الله وتمسكهم بدينهم وعقيدتهم.

 

-لقد كنَّا منارة للأمم والشعوب فاشهدوا أنَّنا أمَّة الحق والعدل والإنصاف، فأجدادنا سيرة وسلوك وسيف وعلم، وقوة وإباء، وأنتم أيُّها المجاهدون تسطرون ببطولاتكم أنصع صفحات المجد وتهزمون الباطل.

 

استعمل أدينا أساليب التوكيد في أبياته من خلال الحصر( وما كان صبرك إلا لحين) ليشدَّ انباه المتلقي، كما غلبت على جمله الأساليب الخبرية نحو قوله: لدرب الشهادة هم سالكون. زاوج بين جمله فجاءت طلبية لتثبت الفكرة في الأذهان في نحو قوله: فشُدّوا الصفوف بودِّ الإخاء ْ وسِيروا على منهج الأنبياء استعمل أسلوب المر بصيغة فعل الأمر. كما عرَّج على أسلوب الاستفهام التقريري وهو نوع من إثبات الحقائق المغيبة فقال: فكيف وقد وحَّدتْكم دماء.

 

عاطفة الشاعر إنسانية صادقة تنبع من قلب كبير عشق الوطن وأحبَّ الإنسان فتفجرت في أبياته لمسات الصدق والإخاء والودّ. لم لا وهو الأستاذ والمربي والمعلم ينشد الحياة على قيثارة الأمل.

 

استعمل بحر المتقارب وهو بحر غنائي درامي يصوَّر الألم والحلم والفرحة والنصر هذا البحر يحمل في نفسية شاعرنا التفاؤل .

 

ألفاظه سهلة واضحة، وتراكيبه قوية متينة متراصفة جاءت ملبية لمضمون الأبيات، وأسلوبه سلس شيق يدفع بكلماته ليصوغ لحناً جميلاً مؤثراً في نفسية المتلقي .... كل التحية والتقدير لأستاذنا الشاعريحيى حاج يحيى

 

بقلم الدكتور سعدالدين إبراهيم المصطفى أستاذ اللغويات بجامعة طيبة- فرع العلا

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين