العلم الذي قدمه القرضاوي للأمة المسلمة

العلم الذي قدمه القرضاوي للأمة المسلمة

موفق شيخ إبراهيم

العلم الذي تحتاجه الأمة وهي تعيش أزمتها الحضارية، هو ذلك العلم الذي يزاول حياة المسلمين، ويوجه سلوكهم نحو العمل. وعندما يصبح العلم ترفاً فكرياً أو وسيلة للمنفعة الشخصية وساحة للتنافس! فإنه لن يقدم شيئاً للأمة، بل سيغدو عاملاً سلبياً يساهم فى ترسيخ الضعف والوهَن.

ومن هنا علم الدكتور القرضاوي، عليه شأبيب الرحمة وسحائب الرضوان، أن الدور المنتظر من أهل العلم، هو تحريك الجماهير، والسمو بها إلى مستوى مرموقاً؛ وذلك بالتركيز على جانبين اثنين:

أولاهما البناء النفسيُّ الذي يربط المسلمين بدينهم، فيجعل منهم دعاة استنارة ورسل حضارة، يحفزُّهم نحو العمل، المقترن بالتضحية والفاعلية لتحقيق أهداف دعوتهم.

وثاني الجانبين الرؤية الحضارية، التي تساهم في منح الثقة للمسلمين، آحادٍ وجماعاتٍ، بأنهم أصحاب رسالة، تعمل على صنع حضارة متميزة على صعيدي الرقيِّ المادي والسمو الروحي، وأنهم يمتلكون أدوات الخلاص من معاول الهدم، التي جعلت حصون الأمة مهدَّدة من الداخل.

 إن العلماء الربانيين هم مرجعية الأمة، حققوا في أنفسهم كل صفات السبق وقيم التغيير، من مثل الفاعلية والثبات، ثم انطلقوا لقيادة الأمة نحو السؤدد والشهادة على الناس، وبذلك كله سيكونون في مقام وراثة النبوة.

كان الشيخ القرضاوي رحمه الله، ذو تأثير في قلوب الناس وعقولهم، تماماً كالجدول الساكن ينساب منه الماء انسياباً، يخاطب أحاسيس سامعيه فيلهبها، ويخترق بشاشة أفئدتهم فيأوي إليها إيمانها، ويملأ عقول أصحابها ضياء ونوراً. ولا غرابة في ذلك فهو أحد أمناء دين الله؛ على سطح هذ المعمورة.

فلله المنَّة تبارك في علاه، حيث هيَّأ لدينه حفظاء من عباده، يحملون قواعد شريعته، ويذبُّون عن عراه بغي من قصده بسوء، ويدفعون عنه كيد أهل الضلال. فجعلهم لأهل الحق أعلاماً، وللهدى مناراً، وللسالكين قدوةً، ولسائر الخلق أئمة وسادة؛ يبتغون من مولاهم جزيل الثواب، ويتحرَّون رضاه بالصواب.

لفقيدنا الراحل الوفير من الدعاء، أن يرفع مقامه مع النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

وكتبه مقيِّده عفا الله عنه: موفق شيخ إبراهيم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين