العلماء يجب أن يكونوا قادة رأي للثوار المتظاهرين

أين الدور الحقيقي للعلماء في الثورة السورية؟!..

د. خالد هنداوي
عضو رابطة العلماء السوريين
الشرق القطرية
لايزال السؤال الملح وارداً في المشهد السوري عن دور العلماء الفعال في الداخل والخارج وأنا لا أعني الاقتصار على علماء سوريا بل يتساءل الكثيرون ونسمع من الجنسين في جولاتنا حول العالم أين يقف علماء ودعاة الأمة الإسلامية في محطاتهم المفترضة والميدانية من مسرح الأحداث الدموية التي يتحمل مسؤوليتها نظام القمع الوحشي الفظيع في الشام من حيث الأساس والقراءة الفاحصة ويتحمل كثير من العلماء المقتدرين مسؤولية عظيمة فيما آلت وتؤول إليه الأمور.
لأن العلماء الذين يجب أن يكون لهم دور الحل في الأزمة والذين يجب أن يكونوا قادة رادة للثوار المتظاهرين والمؤيدين هم العلماء الربانيون الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله أولئك هم أولو الألباب يغذون المجتمع بكل مفيد ويكونون أسباباً للعمار لا للدمار ولا يزالون في هذا المشهد الأليم ويتخاذلون وينحازون إلى أعداء الشعب فقد ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه كما في قوت القلوب 2/58 إذا زل العالم زل بزلته العالم من الخلق، بينما العلماء العاملون يكونون بعداء عن السلطان الظالم لا مداهنين له وينأون بأنفسهم عن مواقع الفتن قال حذيفة رضي الله عنه إياكم وطريق الفتن قالوا وما هي، قال أبواب الأمراء يدخل أحدكم فيصدقهم بما ليس فيهم ولأن الحاكم الظالم هو الذي يفتنهم ويفتن المؤمنين وليس العكس، وعندها ينحازون إليه لا إلى المظلوم يذهب عنهم بركة العلم ويبقى عليهم رسم فقط.
وإذا كان العلماء ورثة الأنبياء وكان العلم عبادة فعليهم أن يأخذوا دورهم الريادي، الحق في التفاعل مع الجماهير العامة لأنها هي قوتهم وأمانة في أعناقهم ولذلك كان الإمام مالك رحمه الله يقول: إذا منع العلم عن العامة فلا خير في الخاصة، وإنه بهذا التفاعل مع الشعب يحدث التأثير والتفاعل ويكون العلماء هم الذين يبنون رصيدهم القوي في الأمة، أما إذا لم يفعلوا ذلك واكتفوا بالالتفاف حول الحاكم الظالم الذي لا شبهة في ظلمه كما هو الحال في الواقع السوري فإنهم يصبحون بمثابة المساعد لهذا الغاصب للسلطة ولولا مثل هؤلاء لانهارت السلطة شيئاً فشيئاً وفقدت مصداقيتها ومن هنا وجدنا الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين 2/150 ينبه فيقول: فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفاً من إنكارهم ومن هنا امتنع سفيان الثوري رحمه الله أن يناول الخليفة في زمانه دواة حتى يعلم ماذا يكتب بها ثم يقول: فعلى العالم الرباني أن يزداد منهم اجتناباً كما أن دور العالم في تقويم الراعي والرعية مطلوب لأن الحكومات الفاسدة كما نرى في سوريا مثلاً تريد أن يقتصر دوره على تأييدها فقط وكلما حزبها أمر تلجأ إلى من يؤيدها لرد الجماهير إلى بيت الطاعة وكما قلت يتحدث الناس في الداخل والخارج عن دور العلماء في هذه المحن وإننا نرى أن يكون تواصل بين العلماء في جميع العالم للوصول إلى رأي واحد يجابه الحاكم الظالم ويحشد قوى الجماهير لحصاره بكافة الأساليب، فإذا حدثت الأزمة في أي بلد فكل عالم مطالب بالمشاركة في حلها بما يحقق النصرة للمستضعفين دون تردد.
وقد أحسن الاتحاد العالمي شيئاً ما وكذلك رابطة العلماء السوريين في الجهود للوصول إلى هذا الهدف وكان توافق الإسلاميين من العلماء والمفكرين والدعاة مؤخراً أمراً يصيب في هذا المجرى نفسه للعمل على الوصول إلى أدوار مجدية للعلماء في المشهد السوري المتأزم وإذا لم يشعر العالم أنه يعمل بعلمه في هذا الميدان اليوم فهو لا يعدو أن يكون سفينة بلا ملاح أو شجراً من دون ثمر وقد قال سلمان الفارسي رضي الله عنه لن نكون بالعلم عالماً حتى تكون به عاملاً تقتحم به حياة الناس وهكذا يكون العالم مؤدياً دوره إذا أيقن أن العلم حق وواجب فمن وجب له وجب عليه ومن وجب عليه وجب له كما يقول أهل العلم وكما قال ابن الوردي: وجمال العلم إصلاح العمل وإلا فإن العالم الهامشي الذي يعيش خارج واقعه وتاريخه ويركن للذين ظلموا وهذا محرم يكون عبداً لا حراً ويشارك المستبدين في استعبادهم للعباد وكما قال عبدالرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد في فصل الاستبداد والدين ص18: وكم عالم انحاز إلى السلطان فجر على الأمة أعظم الويلات، وهكذا نظم الإسلام علاقة العالم بالحاكم تأثراً وتأثيراً لأن ذلك يعود على الأمة إما بالخير العميم أو الشر الجسيم وفي الحديث الذي رواه أبو القيم في الحلية عنه صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء) فما أجمل أن نرى المقتدرين والشجعان من العلماء يقودون المظاهرات في سوريا ويقرعون أبواب الجنة بالشهادة ليكونوا خير قدوة وأصحاب دور حقيقي أو يجهرون بالحق ويعينون إخوانهم من الثوار والمحتاجين فإن لهم بذلك الدرجات العلى وقد ضرب والحمد لله بعضهم المثل في ذلك ونريد المزيد، حتى لا نبقى حائرين في الجواب على السؤال الملح، أين دور العلماء في وقت يسير فيه الباطل في سوريا بسرعة الصاروخ ويسير كثير من أهل العلم ببطء السلحفاة للأسف إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين