العالم المؤرخ المحقق  جوزف فون هَمَر

 

رائد المدرسة الجرمانية في الاستشراق

حدث في الرابع والعشرين من ربيع الأول 1273

 

في الرابع والعشرين من ربيع الأول من عام 1273 الموافق 23 نوفمبر 1856، توفي في فيينا، عن 83 سنة، جوزف فون هَمَر- بورجشتالJoseph von Hammer-Purgstall الدبلوماسي النمساوي والمؤرخ والمترجم والمحقق والمؤلف، ورائد المدرسة الجرمانية في الاستشراق.

 

 

ولد فون هَمَر في التاسع من حزيران/يونيو سنة 1774 في مدينة جراتس Graz  في جنوب شرقي النمسا، وكان أبوه موظفاً في الحكومة النمساوية، وبعد أن أنهى دراسته الأولى جاء إلى فيينا في سنة 1788 ليدرس في الأكاديمية الإمبراطورية للغات الشرقية، ليتخرج منها ويعمل في تركيا في السلك الدبلوماسي النمساوي، وكانت الأكاديمية التي تأسست سنة 1754مخصصة لتعليم اللغات لموظفي السلك الدبلوماسي، وهي اليوم كلية فيينا للدراسات الدولية، وتعلم فيها فون همر العربية والفارسية والتركية، وإلى جانب الألمانية كان يتكلم اللاتينية والفرنسية واليونانية والإيطالية، وبدت ملامح نبوغه في المدرسة، وصار محل رعاية المستشار النمساوي فون كوبينزل، فشارك وهو طالب في السنة الأولى في الترجمة لبعض البعثات التركية الزائرة.

وتخرج فون همر بعد 5 سنوات من الأكاديمية، ولكن تخرجه صادف إقالة راعيه المستشار فون كوبينزل، فلم يعين على الفور في السلك الدبلوماسي كما كان يأمل،وبقي في الأكاديمية بضع سنوات أخرى بعد تخرجه، حيث عمل في ترجمة بعض كتابات العالم التركي حجي خليفة معاوناً للمؤرخ يوهانس فون مولر المتوفى سنة 1809، ونشرت كتاباته سنة 1806 في موسوعة الشرق العلمية، كما عمل مع المستشرق برنارد فون ينيش المتوفى سنة 1807 في معجم تضمن المفردات العربية والتركية والفارسية،وما يقابلها من اللغات اللاتينية والفرنسية والألمانية والبولندية.

وفي سنة 1796 عين فون هَمَر سكرتيراً في وزارة الخارجية النمساوية.

وفي سنة 1797 أوفدته الحكومة النمساوية إلى استانبول مترجماً في سفارتها، ثم تمت ترقيته إلى نائب القنصل، ويبدو أن النمسا كانت كذلك تتولى التمثيل الدبلوماسي للبندقية والفاتيكان، فقد عمل فون همر كذلك مترجماً للقاصد الرسولي البارون هربرت.

 وفي سنة 1800 شارك في الحملة البحرية البريطانية العثمانية التي استهدفت إخراج نابليون وقواته من مصر وسواحل فلسطين ، وعمل مترجماً لقائدها الأدميرال وليام سيدني سميث، وشهد حصار الإسكندرية واستسلام القوات الفرنسية التي تركها نابليون فيها، كما شهد استلام عكا، وانتهت الحملة  في سنة 1801 بخروج فرنسا من مصروانتهاء المحاولة النابليونية لاحتلالها.

وعاد فون هَمَر مع الأدميرال إلى لندن في سياحة أوروبية فأمضى فيها 5 شهور درس الإنجليزية فيها، وراجع المكتبات البريطانية في لندن وأكسفورد، ثم غادرها إلى باريس حيث التقى بالمستشرق سيلفستر دي ساسي، المولود سنة 1758 والمتوفى سنة 1838، وأستاذ العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس منذ سنة 1795، وقد شد الرحال إليه وأخذ عنه كثير من المستشرقين الأوربيين.

ثم عاد فون همر إلى فيينا فمكث فيها 4 أشهر، وعاد بعدها في أواخر سنة 1802 إلى استانبول سكرتيراً في السفارة النمساوية، وقام برحلة قصيرة في أرجاء تركيا واليونان وكتب مذكراته عن الرحلة، وكتب كذلك قصة بطلها عنتر بن شداد ، وترجم بعضاً من قصص ألف ليلة وليلة.

ولاختلافه الدائم مع مرؤوسيه بسبب عمله الأدبي والتاريخ عوقب في سنة 1806 بأن عين في القنصلية النمساوية العامة في مولدافيا، ثم أعيد في سنة 1807 إلى النمسا ليعمل مترجماً في الديوان الإمبراطوري، ولم يرسل بعدها في مهمة دبلوماسية خارج النمسا، بل ما كان يكلف بمهام كثيرة لأن

علاقته مع وزير الخارجية مترنيخ لم تكن على ما يرام، ولعل المهمة الكبيرة التي قام بها هي عندما ترجم لمبعوث فارسي جاء إلى النمسا، فقد أرسل إليها الشاه فتح علي شاه القاجاري سفيره ميرزا أبو الحسن في سنة 1819 و1820، وبتلك المناسبة ترجم فون همر من اللاتينية إلى الفارسية كتاباً للإمبراطور الروماني القيصر ماركوس أورليوس، عرف بالتأملات، ودون فيه القيصر خواطره وسوانحه أثناء حكمه الذي دام 19 سنة، وقدم فون همر ترجمته الفارسية إلى السفير هدية إلى الشاه، فمنحه الشاه وسام الأسد مكافأة على ذلك، وتلا ذلك في سنة 1824 أن منحه إمبراطورالنمسا رتبة فارس.

أصدر فون هَمَر في سنة 1223=1809 مجلة علمية أدبية باللغة الألمانية أسماها: مخزَن الكنوز المشرقية ومعدِن الرموز الأجنبية، وجعل شعارها على غلافها الآية القرانية من سورية البقرة: ?قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي

مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ?، وخصص هذه المجلة لنشر ما يتعلق

بالشرق أو يصدر عنه من دراسات ونصوص عربية وفارسية وتركية، واشترك في الكتابة فيها قرابة 50 عالماً أوروبياً، أغلبهم من النمسا، وكان للأدب الفارسي النصيب الأوفى في هذه المجلة التي استمرت إلى سنة 1818، كما كان لفون همر النصيب الأوسع من المساهمة في المجلة، ولم يقتصر إسهام فون هَمَر على مجلته وحدها، بل كان يكتب في مجلات أخرى مثل: حوليات فيينا الأدبية التي كانت تصدر في فيينا.

وفي سنة 1809 شنت النمسا حرباً على فرنسا كانت نتائجها كارثية تماماً، وعين الإمبراطور فرانسيس الأول على إثرها مترنيخ وزيراً للخارجية ليحاول إنقاذ ما يستطيع في المفاوضات مع نابليون الثاني، ومن جراء هذه الحرب احتل نابليون النمسا وأخذت قواته من المكتبة الوطنية في فيينا 300 مخطوط من أنفس المخطوطات العربية والإسلامية إلى باريس، فعمل فون هَمَر على منعها من أن تأخذ مخطوطات أخرى.

وبعد انتهاء الحرب سعى سعياً حثيثاً حتى استرجع 100 منها ثم 100 أخرى

بمساعدة صديقه المستشرق الفرنسي سيلفستر دي ساسي.

وكان فون هَمَر إذا أنهى ما عليه من عمل حكومي فتح كتبه وأوراقه وعكف على التحقيق والترجمة، وكان لكونه موظفاً في الحكومة النمساوية يستطيع أن يطلب رسمياً من المؤسسات والمكتبات المراجع التي يحتاجها في عمله وتحقيقه الأدبي،ولذا كان مكتبه مليئاً بالكتب النادرة بلغات مختلفة، ويبدو أن بعض الموظفين شكاه إلى وزير خارجية النمسا العتيد مترنيخ، الذي دام في منصب وزارة الخارجية من سنة 1809 إلى سنة 1849،  فأنكر عليه ذلك ومنعه، فاقتصر في تحقيقه وترجماته على العمل في بيته بعد انتهاء عمله الحكومي، ولكن ذلك حرمه من الوصول السهل إلى المراجع التي لا تخرجها المكتبات والتي كان يطلبها بصفته الرسمية في وزارة الخارجية.

كان فون همر بحاثة لماحاً، قرأ في كتاب "كشف الظنون" لحاجي خليفة عن كتاب اسمه "المحيط" كتبه سيدي ريس أحد أمراء البحر العثمانيين، واسمه علي بن الحسين الغلطه وي ويعرف كذلك بكاتبي، والمتوفى سنة 989 هجرية، ويتعلق برحلة قام بها أميرالبحر إلى الهند، وبقي أمر الكتاب في ذاكرة فون همر 30 سنة حتى وجد في سنة 1825 مخطوطة للكتاب في متحف آل بوربون في نابلي بإيطاليا فنسخها، ثم وجد في سنة 1832 مخطوطة أخرى معروضة للبيع في استانبول فاشتراها، وكتب عن الكتاب بحثاً ترجم فيه أكثره، ونشره في مجلة الجمعية الآسيوية في البنغال من سنة 1834 إلى سنة 1839.

في سنة 1816 تزوج فون هَمَر السيدة كارولين فون هِنيكشتاين ابنة المتمول

اليهودي جوزيف، وأثمر هذا الزواج ولدين وثلاثة بنات، ولا يبدو أن أحداً منهم

سار على خطى والده العلمية، وإن كانت إحدى بناته المسماة إيزابيلا والمولودة

سنة 1819 والمتوفاة سنة 1872، قد ساعدته في مراسلاته وتنظيم أوراقه، وتوفيت له في حياته ابنة وهي في الرابعة، وابن كان في الحادية والعشرين، وقد أثرت وفاة ابنه في نفسه واعتبرها الكارثة الثانية في حياته بعد وفاة زوجته.

وتوفيت زوجته في سنة 1844 عن 47 سنة، وقد خلَّد فون هَمَر الوفي زوجته الراحلة وذِكْرَها في كتاب صلوات وأدعية باللغتين العربية والألمانية أسماه: ميقات الصلاة في سبعة أوقات. وهو كتاب من 150 صفحة، يدل على انغماس فون هَمَرانغماساً لا مثيل له في الثقافة العربية والدين الإسلامي، فالنص العربي من الكتاب يدور على الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتسبيحات والتحميدات الشائعة المعروفة، وختمه فون همر بأسماء الله الحسنى. ويتصدر الكتاب إهداءٌ بالألمانية إلى زوجته كارولين، وفي نهاية الأدعية بالنص العربي يختمها هامر برجشتال بما يلي نصاً: تمَّ الحزب الأعظم، الوِرد الأفخم، جامع الكنوز في يوم الثاني والعشرون شهر تموز وهو يوم الميلاد الغرا، زين النسا، زوجتي المرحومة والمغفورة لها، قارولين، في شهر وين سنة 1844 ميلاد العيسوية وهي سنة 1260 هجرة المحمدية.

 

 

ويدل على تشبعه الروحي بالثقافة العربية الإسلامية أن له خَتماً عربياً نقش

عليه اسمه على طريقة العرب، واختار أن يعربه : السَّياح السامر، يوسف حامرز ووضع تحته تاريخ السنة الهجرية: 1223، والتي توافق سنة 1809.

 

وحصل فون هَمَر على لقب بارون في سنة 1835 وضم إلى اسم عائلته اسم بورجشتال، وذلك أن الكونتيسة حنة آن بورجشتال أرملة صديقه الكونت جوتفريد وِنزِل فون بورجشتال توفيت، ولم يكن لها ولزوجها أولاد، فأوصت لفون همر بكافة ثروتها وممتلكاتها وألقاب زوجها، وحصل بذلك على لقب بارون وغير اسم عائلته إلى همر- بورجشتال، وتضمنت الممتلكات قصر هاينفِلد Hainfled Schloss في فِلدباخFeldbach في شرق ستايريا في النمسا، فملأه فون همر بعجائب الزخارف والخطوط العربية والآثار، ومن ذلك حجر فوق باب القصر نحت عليه بالعربية: الله يحرس مجدك العالي، فسر في حفظه، فالله خيرٌ حافظاً. ثم يليه التاريخ الهجري: 1252، وهي توافق سنة

1836، ولا يزال القصر قائماً ومعدوداً في المعالم الأثرية للمنطقة.

 وفي سنة 2008 أقيم فيه معرض حول فون همر- بورجشتال عرضت فيه بعض آثاره ومخطوطاته ورسائله.

وكان فون همر من أول الداعين لإنشاء الأكاديمية النمساوية للعلوم في فيينا، بدأ

ذلك في سنة 1810، ولكنها لم تر النور حتى سنة 1847، وكان هو أول رئيس لها تولى رئاستها سنتين ثم تخلى عن المنصب في سنة 1849، ومن قبل ذلك كانت الأكاديمية الفرنسية قد اختارته عضواً مراسلاً لها في سنة 1835.

وتتلمذ على فون همر مستشرقون كثيرون من أبرزهم المستشرق النمساوي ألويس سبرنجر المولود سنة 1813 والمتوفى سنة 1893، والذي درس عنده في سنة 1833 ليصبح فيما بعد من أبرز المستشرقين الدارسين للتراث الإسلامي في القارة الهندية، والتي أقام فيها 14 سنة من سنة 1843 إلى سنة 1856، ودرَّس في مدارسها وكلياتها، وكان من أكثر الناس تأثراً بأستاذه وأقربهم إليه، ولذا تتسم مؤلفاته بالجدية والاحترام للإسلام وعلمائه وتراثه.

وفي سنة 1959 تأسست الجمعية النمساوية الشرقية بهدف تنمية العلاقات الثقافية مع الشرق الأدنى، واعترافاً بدور فون همر الرائد في هذا الميدان وتخليداً لذكرى هذا العلامة الكبير، أجمع المؤسسون على أن يكون اسمها الرسمي: جمعية هامربرجشتال النمساوية الشرقية،.

 وفي سنة 1981 أصدرت النمسا طابعاً بريدياً يحمل صورته، وذلك بمناسبة مرور 125 سنة على وفاته.

كان فون همر غزير الانتاج ألف كثيراً من الكتب والأبحاث على مدى 50 سنة، تزيد مؤلفاته على 100 مؤلف في التاريخ والأدب والشعر، وأهم كتاب له دون شك هو كتابه: تاريخ الإمبراطورية العثمانية، الذي أخرجه في عشرة أجزاء بين سنوات 1827-1835،وترجم إلى عدد من اللغات، ويعده النقاد أول كتاب يؤرخ بموضوعية للدولة العثمانية، والتي كانت تُذكر من قبل بكل نقيصة، ولا غرابة في ذلك فهي العدو الذي حارب النمسا مرات عديدة وحاصرت جيوشها فيينا  مرتين، ويشير النقاد لتعاطف فون همر الواضح في كتاباته مع العثمانيين، ويعتبرون أن الكتاب ساهم في تعديل النظرة الجرمانية للدولة العثمانية وأرسى قواعد كتابة التاريخ العثماني لديها.

ومن ناحية أخرى فإن كتابه أول كتاب يعتمد على الوثائق التركية والإيطالية والتي يزخر بها أرشيف البندقية، ولذلك قصة عجيبة استحسنت ذكرها، وهي أن البندقية كانت تحت حكم النمسا منذ سنة 1799، فلما شب النزاع بين النمسا وبين فرنسا وأجبر نابليون النمساويين على الانسحاب من البندقية في سنة 1805، أخذوا معهم من البندقية أهم الوثائق في سجلاتها التاريخية مثل سجلات مجلس وزرائها ومجلس نوابها وكثيراً من الوثائق العثمانية التي كانت في المكتب السري بالبندقية، وبعد توقيع معاهدة برسبرج في آخر سنة 1805 أعاد النمساويون جزءاً من هذه الوثائق، ولكن الجزء الأكبر بقي في أرشيف الدولة في فيينا إلى سنة 1866 حين بدأت النمسا في إعادته للملكة الإيطالية التي أضحت تحكم البندقية، وكما ذكرنا من قبل كان وجود هذه الوثائق فرصة استفاد منها فون همر في تصنيف كتابه في التاريخ العثماني.

بل إن فون همر سافر للبندقية في سنة 1825 بغرض الاطلاع على وثائق لزمته في كتابه، وكان القيم على دار المحفوظات في البندقية عسر الخلق يرفض أن يريها من جاءه من الباحثين، ولكنه اضطر للسماح لفون همر برؤيتها لكونه أحد كبار موظفي البلاط الملكي النمساوي.

 ولنعطي فكرة عن محفوظات البندقية نورد قول أحد الباحثين الذي عملوا على فهرستها والذي قال إن طول رفوفها لو قيست لبلغ 60 كيلومتراً.

أما كتابه الثاني في الأهمية فهو ترجمته من الفارسية إلى الألمانية لديوان شاعر

الفارسية العظيم شمس الدين حافظ الشيرازي، والذي أخرجه سنة 1812 في مجلدين، واستغرقت ترجمته منه 10 سنوات، وهي الترجمة التي ألهمت شاعر الألمانية الكبيرجُوتِه، المولود سنة 1749 والمتوفى سنة 1832، ليكتب ديوانه العجاب الشهير: الديوان الشرقي للشاعر الغربي. والذي عبر فيه جوته عن امتنانه لفون همر، وذكر أنه مدين لترجمته لديوان حافظ الشيرازي.

وقد انتقد ترجمة فون همر بعض المستشرقين لمفارقتها النص الأصلي، وهو أمر عسير في الترجمة الشعرية، فكيف بشعر غزلي رمزي مثل ديوان حافظ، وعلى كل فقد أثارت الترجمة الاهتمام الأوروبي بالأدب الفارسي، ولا تزال أهم ترجمة من حيث مطابقتها للمعاني والمغازي التي سعى إليها حافظ الشيرازي.

ولفون همر كتاب في الأدب الفارسي، أسماه: "تاريخ فنون القول الجميل في فارس"، ونشره في سنة 1818، واستعرض فيه أشعار 200 من شعراء الفرس، وهو مبني على كتاب تذكرة الشعراء للأمير دولتشاه بن علاء الدولة بن بختيشاه السمرقندي المتوفى سنة 913 هجرية، وله كتاب عن تاريخ الشعر العثماني أخرجه في سنتي 1836-1838.

وقد حقق فون همر كتاب أطواق الذهب للزمخشري ونشره مع ترجمة ألمانية سنة 1835، كما ترجم مختارات من شعر المتنبي إلى الألمانية شعراً تحت عنوان: شاعر العربية الأعظم، كما ترجم إلى الألمانية مع نشر نصها العربي تائية ابن الفارض الصوفي، والتي تبلغ 762 بيتاً، والتي أولها:

سقتني حميّا الحب راحةُ مقلتي ...  وكأس محيا مَن عن الحسن جلَّت

وترجم كذلك قصيدة البردة للبوصيري، وترجم أجزاء من الكتب الشعبية غير الأدبية كسيرة عنترة، وكتاب ألف ليلة وليلة.

ونستعرض هنا بعضا من كتبه التي كتبها بالألمانية مع تاريخ نشرها لما في ذلك من الفائدة:

 كتاب: تاريخ طائفة الحشاشين من مصادر أصلية، وهو هنا يستخدم الاسم

الشائع سابقاً لدى الأوربيين للطائفة الإسماعيلية، ونشر الكتاب سنة  1818.

 كتاب حول أصول العرق الروسي، سنة 1825.

 كتاب تاريخ خانات القِرِم، سنة 1856.

 كتاب القسطنطينية والبوسفور، سنة 1822.

 ترجمة جزئين من كتاب: سياحة نامه، والذي تضمن رحلات قام بها على مدى 40 سنة الرحالة العثماني أوليا جلبي المولود سنة 1020=1611 والمتوفى سنة 1095=1684، ونشرها فون همر سنة 1834، ولعله صاحب الفضل

في التعريف بهذا الرحالة ورحلاته التي تتضمن وصفاً دقيقاً ومفصلاً للأماكن التي زارها.

وكان آخر مؤلفاته : كتاب تاريخ الأدب العربي الذي نشره بين سنوات ????-????، وحالت المنية بينه وبين أن يكمله، فصدرت منه سبعة مجلدات ضمت قرابة 7.000 صفحة، أورد فيها 9915 ترجمة، وقد حفز الكتاب مستشرقاً ناطقاً بالألمانية آخر هو كارل بروكلمان، المولود سنة 1285=1868 والمتوفى سنة 1375=1956، فنسج على منوال فون همر عندما وضع كتابه العظيم تاريخ الأدب العربي، كما ذكر ذلك بروكلمان في كتابه.

 

 

ولعل فون همر شعر بقرب منيته عندما كتب في سنة 1852 كتاباً بعنوان: ذكريات عن حياتي: 1774-1852، وأدركته المنية في الرابع والعشرين من ربيع الأول من عام 1273 الموافق 23 نوفمبر سنة 1856، ودفن في مقبرة فيدلينج Weidling قرب فيينا، في نفس القبر الذي دفن فيه زوجته، حيث أَعدَّ قبل وفاته قبره فيها على الطراز التركي الإسلامي، والقبر تعبير حي عن شخصية فون همر، ففي لوحة عند رأس القبر باللغة الألمانية تحمل اسم زوجته وتاريخ ولادتها ووفاتها يصف زوجته بعد ذلك:

السيدة النبيلة، ثم يلي ذلك اسمه وتاريخ ولادته ووفاته، ويقول: وهنا أرقد معها.

ونحتت على القبر عبارات بلغات عشر منها العربية والفارسية والتركية، وقد كتب على الضريح بالتركية بيت شعر يخاطب زائره: زيارتك مشكورة، ولكني لدعائك أحوج،وعلى جانب آخر كتب بالعربية: هو الباقي، كل نفس ذائقة الموت، إنا لله وإنا إليه راجعون، كل ناس سيموت، كل مُلك سيفوت، ليس حياة سرمدا، إلا الذي لا يموت. وفي جانب ثالث كتب: هو الحي، المرحوم والمغفور، المحتاج إلى رحمة ربه العفو الغفور، مترجم الألسن الثلاثة، يوسف بن حامر، لروحه ذكر جميل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين