العالم أصبح مدرسة

 

هل أصبح هذا العالم الفسيح..

بأرضه وسمائه..

مثل مدرسة صغيرة...

كأنه قد صار كذلك..

***

إنها مدرسة منضبطة تماما..

فيها أقسام مختلفة

ومراحل مختلفة

ابتدائية وإعدادية وثانوية

الابتدائية هي للعالم الثالث

والإعدادية لمن يمثلون سابقا العالم الثاني

والثانوية تمثل العالم الأول..

***

وهناك فصول دراسية ومجلس إدارة ومدير ونائب له، ومراقبون وحراس وخادمون وكافتيريا، وساحة صغيرة للتنفس والرياضة، وطبيب طوارئ، وقبو صغير لاحتجاز الكسالى والمشاغبين بشكل مؤقت، ورمي الأثاث القديم...

***

ولهذه المدرسة قواعدها الصارمة

من يتمرد على قوانين وشروط المدرسة

ويعمل شغبا وتمردا

سيفصل من هذه المدرسة

ويكون أميا على قارعة الطريق

لا مكان له في عالم الغد

***

العاقل المجد

هو من التزم بالدوام

ودرس دروسه كما قررها النظام

ونجح وأخذ الشهادة..

وصار حلس بيته..

ولم يتفلسف ويحشر نفسه في قضايا الإدارة المعقدة التي لا يفهم فيها شيئا...

ولا يدس أنفه في كل فتنة..

ولا يتبع كل ناعق...

والجاهل هو من يريد تغيير نظام المدرسة..

وينتزع الإدارة من أهلها...

وهو من ضيع نفسه بالصراخ والبعاق واللطم...

بلا فائدة

***

لعبة السيطرة على هذا العالم انتهت..

تم رسم الشكل النهائي لخريطته..

وتحديد مستقبل كل بقعة فيه..

والإجابة على كل الأسئلة والتحديات التي تواجهها...

من أين؟ إلى أين؟ كيف؟ متى؟ ولم؟ أمازال؟

لم تعد تنبت عشبة.. أو تتفتح زهرة إذا لم تكن مهجنة...

آفاق الطبيعة ضاقت وكأنها جدران سجن..

وليس كل متهور بعد الآن يستطيع رسم الخريطة من جديد.

***

اقنع بما يعطيك إياه الكبار

وإلا طحنوا عظامك وافترسوك..

وقديما قيل

سؤر الهزبر (الأسد) وليمة السرحان (الذئب)

***

انتهى عهد العنترة

وعنترة حلق شنبه.. وكذلك لحيته الكثة..

وعمل عدة عمليات تجميل..

وفتح سلسلة مطاعم ومقاهي حول العالم

إنه تحول إلى إنسان جديد..زئبقي.. لولبي.. من الطراز الأول..

وعبلة صارت مديرة أعماله في فرع باريس..

ولديها مجموعة صالونات للتجميل..

وهو مشغول بمتابعة رصيده من العملة الصعبة كل يوم..

***

العالم صار مثل علبة سردين

مغلفة بشكل صارم

فيها خلطة من طعام قديم ومواد حافظة بلا أكسجين

كل شيء مقفل

تلقيها من برج إيفيل فلا تنفتح...

فقط يمكن أن يفتحها المالك عند حاجته

أي حركة ممنوعة..

وأي اعتراض ولو بشطر كلمة.. يعتبر إرهابا

قمع من كل الألوان..

وفي كل الاتجاهات...

وصدق نزار حين قال:

"هل تعرفون الآن ما دولة (قمعستان)؟

تلك التي ألفها.. لحنها..

أخرجها الشيطان...

هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟

حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

ورغبة الزوجين في الإنجاب

تحتاج إلى قرار

وشعر من احبها

يمنعه الشرطي أن يطير في الريح

بلا قرار..".

***

رب الكون وضع سننا لهذا الكون

من اتبع الأسباب

كما فعل ذو القرنين

وملك مفاتيح كنوز الأرض...

وتزود بالمعرفة والسلاح والعتاد...

يستطيع أن يملك مشارق الأرض ومغاربها...

ويقرر فيها ما يريد..

وأن يبني سدا على من يريد أن يحاصره من بقايا يأجوج ومأجوج...

إذا رأى أنها لا تستحق الحياة...

(رفعت الأقلام وجفت الصحف)

***

اللعبة انتهت..

(في الوقت الحالي على الأقل)

وأمتنا صارت كما وصفها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: مائدة تداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها..

فقد روى أبو داود عن أبي عبد السلام، عن ثوبان، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».

***

تقبل واقعك بسلام..

وتفاعل معه بشكل إيجابي

بدلا من أن تجري خلف السراب

وتثكلك أمك خلف الوادي

***

لا ندعو لليأس..

فاليأس يقتل الروح والحياة والجمال..

لا يأس مع الحياة..

ولا حياة مع اليأس..

ينبت الورد من وسط الشوك

ويتفتح الزنبق بعد الشتاء

اشتدي أزمة تنفرجي...

سبحان ذي الملك والملكوت..

بسم الله الرحمن الرحيم:

(يقلب الله الليل والنهار)

(كل يوم هو في شأن)

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ (19)/ الروم.

***

ولكن...

يومنا هذا

هو مثل (يوم نحس مستمر)

كل المبادئ والقيم قد أصبحت

مثل (أعجاز نخل منقعر)

فلنفهم واقعنا جيدا

ولا نسير خلف خلب السراب..

(يحسبه الظمآن ماء)

***

عش يومك

مضى ما مضى والمؤمل غيب

ولك الساعة التي أنت فيها

ومن أحسن ما قد قيل في الحكمة:

إذا لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين