الشهيد عبد المنعم رياض

اليوم 9 مارس- آذار. في مثل هذا اليوم التاسع من آذار من عام 1969 ارتفع نسر مصر الشهيد عبد المنعم رياض، وأخذ قلوبنا معه. وهو رجل يندر أن يجود الزمان بمثله، لأنه تفرّغ بكل ذرة من كيانه لدراسة وتطبيق العلوم العسكرية، ومات أروع ميتة، مات وهو واقف، مات بقذيفة مدفع، اصطدمت بشجرة فتطايرت عليه شظاياها، فردمه حطام الشجرة، وذلك عند معاينته لضرب المدفعبة المصرية لخط بارليف شرق قناة السويس.

-من أمجاده الشخصية  أنه أسقط طائرتين ألمانيتين في معركة العلمين في ليلة واحدة عام 1942، فجاءه عقيد في الجيش البريطاني صباحا ليقلده وسامًا، ولما أراد عبد المنعم أن يعتذر عن سوء هندامه قال له العقيد لو علمت أنك نائم لوقفت بباب خيمتك حتى تصحو.

- من بعد نظره: أنه قال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إن الحرب القادمة ستكون حرب صواريخ.

 - ذهب للتخصص في الدفاع الجوي في أمريكا عام 1945 وفي حقيبته أهم مجلات العلوم والكهرباء التي تعود قراءتها 

- أتقن اللغات الفرنسية (1951) والألمانية (1952) والروسية (1954)  ثم الصربية، وكانت اللغتين العربية والإنجليزية هما لغتا التعامل اليومي، ومات وهو طالب في كلية التجارة.منها مجلة RRR. 

- صنع مع أخيه الدكتور في الهندسة طائرات بدون طيار عام 1953 في الإسكندرية لتدريب طلاب الدفاع الجوي واستمر انتاجها عدة سنوات.

- أرسله الجيش عام 1954 لشراء مدفع للدفاع الجوي من سويسرا، فسأل المصنع الذي عرض عليه المدفع: أصنعتم هذا المدفع للحروب الماضية أم للحرب القادمة؟ وبين لهم عيوب المدفع والإصلاحات الواجب إدخالها عليه، فقاموا بتغيير عدة أجزاء فيه بناء على طلبه، وفورًا قام حلف الأطلسي بتعديل جميع مدافعه المضادة للطائرات بناء على ملاحظات عبد المنعم رياض، وأذكر منها التحريك الكهربائي للرامي وللمدفع.

- حرس الجسر الثاني فوق قناة السويس أثناء حرب عام 1956، وعبر الجيش المصري فوقه بسلام، وتناثرت أشلاء طائرات الأعداء من حوله، ولم تستطع أي طائرة أن تلقي قنبلة واحدة على هذا الجسر.

- طوّر دراسته في العلوم العسكرية في فرنسا ثم في روسيا. وكان الروس يسمونه الجنرال الذهبي.

- هو أول من طالب باستقلال سلاح الدفاع الجوي كسلاح مستقل، ونفذ ذلك بيده لما صار رئيسا للأركان.

- أخذه الملك حسين ليقود الجيش الأردني أثناء حرب 1967، ولكنه أمر الجيش الأردني بعدم تنفيذ أوامره، فكأنه أخذه ليحرم القيادة المصرية منه فقط.

- حياته كلها كانت بهدف تحسين الجيش. فكان يعمل دومًا على تطوير الرجال والأسلحة والخطط والمفاهيم العسكرية .

- كان زاهدا في الطعام والمال والأثاث والسكن. ولم يكن يجد الوقت الكافي للراحة والنوم، وكانت أخته الدكتورة زاهية رياض ترسل له الطعم إلى مكتبه وهو رئيس للأركان في عمود (مطبقانية)، ولم يتزوج ولم يكن ينام في بيته يوميًا وكان يبيت إما في السفر وإما في المكتب، فكان نحيلا تلتصق بطنه بظهره، وكان يعيش في بيت العائلة، وعلى نفس الفرش الذي كان له وهو بعد شاب يافع.

- تميز منذ اليوم الأول في الكلية الحربية، فكان قائدًا للطلبة، فقد دهسه زميله في الكلية الحربية بشاحنة، وهو واقف يحرس باب الكلية، فكسر فخذه ومضى، لكن عبد المنعم أخبر إدارة الكلية أنه سقط من فوق الحائط، فصار زملاؤه ينظرون إليه كأسد يمشي على رجلين.

- أعجبت به وتابعت أخباره في آخر سنتين من عمره ومشيت باكيًا في جنازته، وتمنيت لو مشى هو في جنازتي.

- من أهم أقواله: ليس لنا صديق في الدنيا إلا أنفسنا.

-ألهب استشهاده البطولي المشاعر، وعزز كرامة ضباط الجيش المصري، وجعل الانتصار على إسرائيل ممكنا. 

وقد وجدت تشابهًا  مدهشًا بينه وبين السلطان محمد الفاتح:

فكلاهما كان يتقن سبع لغات إتقانًا تامًا وكان إداريًا بارعًا. 

والسلطان محمد الفاتح  قد نقل السفن برا بجرها فوق مجرى خشبي مشحم، وكان هذا شيئًا عجيبًا، وقد صنع عبد المنعم رياض طائرات بدون طيار عام 1953 لتدريب رماة المدفعية المضادة للطائرات.

والسلطان محمد الفاتح صنع مدفعا عملاقا لم ير مثله قبل ذلك اليوم، وطور المدفع المضاد للطائرات عام 1954  بناء على تصوره  الشخصي وجعله يتحرك كهربائيا.

وكلاهما علم أن النصر ثمرة الدراسة والعلم، ومجهود بدني وعقلي كبيرين، وصبر وشجاعة، وحسن رعاية للمرؤوسين. 

وأخيرًا مات كلاهما بيد اليهود فقد دس الطبيب اليهودي داود باشا السم للسلطان فقتله، وأصابت قذيفة مدفع إسرائيلية الفريق عبد المنعم رياض فقتلته.

اللهم أعل مقامهما في الجنة ومقام كل من عمل لرفعة دينك وخدمة عبادك. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين