الشلل الحركي

إن الجماعة السائرة في الطريق إن لم تكن على دراية بالطريق أو أخطأت التخطيط ربما تتعرض لهزة قوية توقعها و تصيبها بالشلل الحركي.

والشلل الحركي هو مرض قد يصيب الجماعة المسلمة السائرة في الطريق كما يصيب غيرها من الجماعات و الحركات و المجتمعات فيفقدها القدرة على الحركة و يجعلها تموت شيئاً فشيئاً نتيجة عدم قدرتها على توليد كوادر جديدة لمواصلة الحركة. 

وهذه الكوادر الحركية الجديدة لابد من أن تكون قادرة على سبر الطريق بشكل دائم و إجراء الصيانة فيه لأن الطريق الذي لا يسير فيه أحد يصبح مع الزمن طريقاً مهجوراً و تتراكم عليه الرواسب نتيجة الإهتزازات المتكررة و العواصف الآتية من طرق أخرى. 

 

ولا تلبث هذه الرواسب أن تتحول مع الزمن إلى كتل كبيرة ملتصقة بالطريق و تصبح جزءً منه يصعب إقتلاعها و هذا بدوره سيؤدي لإنقطاع الطريق و عدم وجود سائرين جدد و تنقطع وسائل الإتصال بين المحطات المختلفة في الطريق و بالتالي هذه المحطات لن يكون فيها قادمون جدد و ستفقد مع الزمن من وصلوا إليها سابقاً دون أن يحدث تعويض و ترميم لها مما يجعلها تتآكل شيئاً فشيئاً حتى تصبح جزءً من الماضي.

 

وهذا بدوره سيؤدي للعودة إلى نقطة الصفر مما يعني بالمفهوم الحركي الدوران حتى العودة لنقطة البداية أي أن الحركة لم تنجز عملاً نافعاً لأن الإنتقال كان مساوياً للصفر و ما لم يحدث إنتقال فإن الطاقة ستبذل دون وجود نتيجة و بالتالي هذه الطاقة بمثابة طاقة ضائعة مبددة لم تحدث عملاً نافعاً لأن العمل يعبر عن نقلة من نقطة إلى أخرى و إن لم تكن نقطة الوصول أفضل من نقطة الإنطلاق أو من سابقتها فإن العمل لا يكون نافعاً و يكون التغيير في هذه الحالة سلبياً.

و بهذا نكون قد عرفنا المرض و أسبابه و أعراضه و لابد من ذكر الوقاية منه لأن علاج الشلل بعد حدوثه سيكون من الصعوبة بمكان و إحتمال نجاحه ضئيل لذلك لابد من اتباع إرشادات السلامة و الوقاية.

للوقاية من الشلل الحركي لابد من أن تكون الحركة ولادة تقوم بتهيئة كوادرها بشكل دائم و أن لا تركن للعمل في محطة ما و تقصر في بناء كوادر جديدة بسبب انشغالها في محطة ما من الطريق فالطريق لا يتوقف على محطة و الطريق طويل و ماض إلى يوم الدين و لابد من تجديد الدماء التي تغذي هذا الطريق حتى يحافظ على حيويته و ديمومته.

 

فقد تصل الحركة بنا إلى محطة ما فينشغل الكوادر في بناء هذه المحطة لمتابعة السير إلى المحطة القادمة و يتم إغفال أن هذه الكوادر كان لها مسؤوليات حركية تخلت عنها تحت ضغط متطلبات المحطة و لم يتم تعويضها و أن هذه الكوادر ليست باقية إلى الأبد و إنما سترحل في لحظة ما و تترك المحطة التي تعمل فيها دون قدوم وافدين جدد لهذه المحطة ليقوموا بالتخديم عليها و لذلك لابد من وجود البديل الجاهز أيضاً حتى لا يحدث الخلل الحركي.

فالطريق لابد و أن يبقى مفتوحاً و لا يخلو من أقدام السائرين الجدد حتى لا يهجر فتغطيه الرواسب مع الزمن فيضيع و لا يعرف أين المسار.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين