السيرة النبوية منهج حياة

كثير من المسلمين يطالعون سيرة الحبيب المصطفىr وكأنها قصة جميلة ومؤثرة، ويستمتعون بأحداثها وتفاصيلها، وقد كتبت كتب كثيرة في هذا الموضوع، فمنهم من أطال، ومنهم من اختصر، ومنهم من جمع كل ما نقل دونما تمحيص أو تدقيق، ومنهم من بحث ودقق.

-والحقيقة أنني لا أبتغي من هذه السطور القليلة أن أتناول تلك النقاط، وإنما أبتغي أمراً آخر.

قال الله تعالى: ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[. (الأحزاب ٢١)، وقال أيضاً: ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[. (آل عمران ٣١).

-ولا يشك عاقل بأنه لا يمكن للإنسان أن يتبع أحداً دون أن يعرف تفاصيل حياته وكيفية تعامل هذا القائد أو الإمام للأحداث من حوله، وكلما ازدادت المعرفة لها ولدقائقها مع الفهم والفقه لها ولمعانيها كان الاتباع أصح وأقرب لمشابهة القائد المتبع، فكيف إن كان هذا الإمام هو سيد المرسلين ورسول رب العالمين؟

-وإضافة إلى ذلك فدقة المعرفة بسيرته وشخصيته تجعل الإنسان يؤمن به أكثر، إذ كلما عرف المسلم صفات الكمال في شخصه زاد اتباعه له، فتلك المعرفة تولد طاقة إيجابية كبيرة تدفعه للمسارعة في طاعته وتنفيذ أوامره مهما كانت التضحيات المطلوبة كبيرة وعظيمة.

-مما تقدم يتضح ضرورة معرفة السيرة النبوية بكاملها، والأمر يتطلب سنوات من المطالعة والمتابعة، وسأقدم بعض الكتب تقرأها أو تسمعها تجعلك ممن يعرفون كل أمر أو موقف من سيرته الشريفة، ودون أن تشعر بأي ملل أو إطالة، بل على العكس تماماً، فكلما سمعت أو قرأت ]وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا[. (طه: 114).

-ومن تلك الكتب على سبيل المثال لا الحصر:

١)        مختصر الرحيق المختوم - ٢٨٨ صفحة -  للمبارك كفوري.

٢)        الرحيق المختوم -٥١٢ صفحة - للمبارك كفوري.

٣)       تهذيب سيرة ابن هشام - ٣١٩ صفحة.

٤)        صحيح السيرة للألباني - ٢٦٣ صفحة.

٥)        صحيح السيرة النبوية - إبراهيم العلي- ٥٨٥ صفحة.

ومن ثَم انتقل إلى كتب فقه السيرة النبوية، ومنها:

١)        فقه السيرة لمحمد الغزالي - ٣٦٨ صفحة.

٢) فقه السيرة لمصطفى السباعي - ١٧٦ صفحة.

٣)       فقه السيرة لعماد الدين خليل - ٤٠٥ صفحة.

٤)        فقه السيرة لمحمد منير الغضبان - ٧٥٢ صفحة.

٥)        فقه السيرة لراغب السرجاني - ١١٩٠ صفحة.

وبعد التبحر في السيرة الشريفة ستعلم أن السيرة منهج حياة، نتعلم منها كيف نتربى ونربي، وكيف نعلم ونتعلم، كيف نعيش، وكيف نموت بإذن الله تعالى.

-تعلمنا كيف ومتى نجاهد باللسان والسنان، كيف ومتى ولماذا نرضى أو نغضب، كيف نتزوج وكيف نطلق إن اضطررنا.

-السيرة النبوية تعلمنا كل ما يلزمنا في شؤون حياتنا وكيف ننهض بأمتنا من جديد وكيف نسير مهما كانت العقبات والصعوبات وتحيط بنا.

-تعلمنا مواقف نبينا كيف تدار العلاقات الدولية والسياسة الشرعية.

-وكذلك نتعلم من مواقف صحابته الكرام الكثير الكثير، فمن أبي بكر نتعلم التصديق والتسليم لصاحب الرسالة، ومن عمر نتعلم ألا نخاف في الله لومة لائم والعدل مع الضعيف قبل القوي، ويعلمنا عثمان بن عفان الكرم، والإنفاق في سبيل الله، وأما علي فيعلمنا الشجاعة والإقدام والتفاني والفداء، نتعلم من خبيب أن الإيمان أقوى من حر الجمر على الظهر، ويعلمنا خبيب الحب العظيم لرسول اللهr لئن يصلب أهون عليه من أن يشاك النبيr بشوكة في قدمه، وأما خالد بن الوليد فهو سيد الحنكة والتكتيكات العسكرية في المعارك والحروب التي ما زالت تدرس إلى اليوم.

-مواقف تكاد لا تنتهي في السيرة النبوية لو تعلمناها وعلّمناها لمن حولنا لعشنا حياة هنيئة كريمة ملؤها العز والفخار كلها قرب من الله ورسوله.

-لقد كانت السيرة النبوية تطبيقاً عملياً لآيات القرآن الكريم، فمن وعاها وعمل وفق مقتضاها مع فهمه لواقعه الذي يعيشه كان قرآناً يمشي على الأرض وأنشأ جيلاً كجيل الصحابة رضي الله عنهم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين