السيرة الذاتية للعلامة عميم الإحسان المجددي (1)

نبذة من ترجمة عبد ربه الوليّ السيّد محمد عميم الإحسان المجددي ابن السيد أبي العظيم عبدالمنان بن السيد نورالحافظ بن المير شهامت علي بن المير مظفر علي المجددي المفتي بجامع ناخدا بكلكته ملتقطاً من مقدمة كتابه تعليقات البركتي في علم أصول الحديث مع بعض إيزادات[كذا](2)

أوردها تحديثاً بنعمه تعالى وتذكيراً وتعريفاً لمن غاب عني أو يأتي بعدي فيذكرني بدعاء حسن الخاتمة،وأنا ما بأول باد بهذا الوادي وأول مدير لهذا الرحيق في النادي بل عملت بسنة السلف الهداة وسلكت مسلك العلماء الثقاة كالجلال السيوطي والشمس السخاوي والشيخ الدهلوي وآزاد البلجرامي والفاضل اللكهنوي وغيرهم رحمهم الله تعالى، فأقول وبالله أحول، بعد الصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي وعلى آله وصحبه وعترته وحزبه أجمعين

فإنّ لي ذمة منه بتسميتي=محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم

أولاني الله تعالى بعميم إحسانه خلعة الوجود وأراني بعين عنايته عالم المظاهر في مناظر الشهود في ليلة الاثنين الثاني وعشرين من المحرم الحرام سنة تسع وعشرين بعد الألف وثلاث مائة من هجرة سيدنا وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم في فسنه موطن جدتي القريب[كذا]من جهة الأمّ في البيت التي[كذا]ولد فيها الوليّ الكبير الشيخ الشهير منعم باك قدس الله سرّه العزيز.

بلاد بها حلّ الزمان تمائمي=وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها

ثم جاءت بي أمي بعد ثلثين يوما إلى رانكر(3)موطن أبي ولقبني جدي المولوي السيد نورالحافظ(4) القادري حين كنت في بطن أمي بعميم الإحسان، وقد فات قبل ميلادي بسنة حيث قال رحمه الله تعالى في المنام لعمي الصوفي الزاهد السيد ميرعبدالديان شاه المجددي(5) أطال الله بقائه، هذا عميم الإحسان سيأتي، فالحمد لله ولذلك اشتهرت بذلك، فلما طعنت في السنة الخامسة وزرت كلكته وشرعت على والدي القرآن المجيد وفرغت منه في مدة ثلثة أشهر ثم قرأت رسائل اردو وكلستان وبوستان وبعض رسائل الفقه بلساننا، وكذا قرأت على والدي ميزان الطب وأجازني ببعض الوظائف والأوراد، وفي ذلك الزمان شرعت تعلم الإنجليزي على بعض فضلاء ذلك اللسان، فلما طعنت في العاشرة وردت خانقاه سيدي وسندي سند السالكين إمام العارفين العلامة المحقق الفهامة المدقق واقف حقائق المعقول وكاشف دقائق المنقول وسيلة يومي وغدي مولانا الحاج السيد بركت علي شاه رحمه الله تعالى ونوّرالله ضريحه وتلمذت عليه بقراءة الصرف وبعض كتب الأخلاق والحصن والحصين وجلست في مجالس تدريسه كتاب الله العظيم والصحيح للإمام البخاري ومكتوبات سيدنا المجدد للألف الثاني رضي الله تعالى عنه، وبايعته(6) في الطريقة العلمية النقشبندية المجددية وصحبته زهاء أربع سنين وأخذت منه إجازة كثير من الأدعية والأوراد والأذكار، وفي بعض تلك الأحيان وقت ذهاب شيخنا إلى السفر قرأت نبذاً من الصرف ورسالة في الفقه على أخيه العلامة الطبيب الذكي مجمع الكرامات مولانا كرامت علي شاه أطال الله بقاءه.

ثم حضرت عند شيخنا العلامة رئيس أرباب المعقول عمدة أصحاب المنقول الفقيه المحدث شمس العلماء مولانا ماجد على الجونفوري رحمه الله وقرأت عليه النحو زهاء سنتين وكذلك في ذلك الزمان قرأت كتبا في الأدب على مولانا الشيخ عبدالمجيد وقرأت كتابا في أصول الفقه وكتابا في المنطق على مولانا الشيخ عبد الرحمن الكابلي رحمه الله تعالى وحضرت عند المجود الشهير القاري عبد السميع رحمه الله تعالى وحصلت منه قراءة القرآن بالتجويد وحصلت الكتابة من عمي الصوفي السيد مير عبد الديان شاه صاحب المطبع السراجي ومن الكاتب المفتي ماجد على اللكهنوي صاحب المطبع الكليمي ومن الكاتب المفتي عبد الرشيد خان صاحب المطبع الكمال وقرأت قانونجه في الطلب على العلامة مولانا الحكيم الشيخ أبي البركات عبد الرؤوف الدانافوري.

ثم حضرت إلى المدرسة العالية بكلكة ورتعت في مرحبا وذلك سنة ألف وثلاث مائة وخمس وأربعين وقرأت هناك جميع الكتب الدرسية سبقاً سبقاً وصعدت من درجة إلى درجة بالفوز والنجاح ووجدت وظائف الشهرية في سائر سنوات التحصيل وقد لبى والدي داعي الأجل وراح إلى الله عزوجلّ، وكان طبيباً حاذقاً وإماماً في مسجد جليا تولى بكلكته وقيّمه، وذلك في سنة ست وأربعين بعد الألف وثلاث مائة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فقلدت الأمامة وتوليت الأمور بعده واشتغلت بتلك الأمور فظلت[كذا والصحيح فضللت] ساعتئذ كالحيران وصعب عليّ التحصيل، غفر الله لي ولوالديّ ورحمهما كما ربياني صغيراً، فأعانني الله تعالى عليه بفضله العظيم وإحسانه العميم، وكان روعي من حين الصبا تنفر عن اللغو واللعب والمنزل والجهل، واستلذ[كذا] بالعلم فنشأت من ذلك الزمان داعية العلم الصادقة وحصلت لي قوة المطالعة الصادفة حتى فرغت من تحصيل الكتب الدرسية ولقّبت بالفاضل وبممتاز المحدثين من عند مشائخ المدرسة العالية وصرت في ذينك فوق جميع أقراني، فالحمد لله، ولذلك أعطيت سكة تذكاريه من الذهب في سنة ألف وثلاث مائة واثنين وخمسين يوم الجمعة الثامن من ذي الحجة من عند زعماء حكومة البريطانية، وقد منّ الله تعالى عليّ في ذلك اليوم بأنّ شيخنا الشيخ الأجلّ المحدث الفقيه المجود المهندس بحرالعلوم شيخ الحرم مولانا مشتاق أحمد بن العلامة الشهير أمام وقته المتفق على جلالته وفضله ووفورعلمه شيخ مشائخنا شيخ الزمن مولانا أحمد حسن الكانفوري المكي رحمه الله تعالى ألبسني عمامة أبيه، أطال الله بقاءه وزاد علاءه، فالحمد لله، وألبسني في ذلك اليوم شيخنا العلامة الفقيه الصوفي الزاهد الشاه محمد اسماعيل البهاري رحمه الله تعالى قلنسوته، فالحمد لله، وقد أعطاني شخينا الكانفوري بخاتمه بطائق السند وهى موجودة عندي، وأجازني بجميع ما تجوز له روايته وتصح عنه درايته من المنقول والمعقول ومن الفروع والأصول، فالحمد لله.

وأيضاً بعد الفراغ من المدرسة العالية اشتغلت في تحصيل فن التجويد والقراءة وتكميل فنّ المعقول وعلم الهيئة على شيخنا الكانفوري وتعلمت منه رسوم الإفتاء وآدابه حتى أجازني بالإفتاء فالحمد لله، وكذلك أعطاني شيخنا العلامة المفتي فخرالمحدثين مولانا محمد جميل الأنصاري السيواني أطال الله بقاءه سندالإجازة فالحمدلله، وقد أضافني بالأسودين شيخنا المحدث الكانفوري وحدثني بحديث المسلسل بالضيافة وأيضا حدثني بالحديث المسلسل بالمودة والمصافحة وغير ذلك من المسلسلات وأجازني بجميع الكتب الحديثية من الجوامع والسنن والمسانيد والمعاجم وغيرها سوى الحديث المسلسل بالأولية والمسلسل بيوم العيد فإنه حدثني بهما محدث الحجاز الشيخ العلامة محمد بن عمر حمداني المحرسي المدني المكي وكتب لي سندالإجازة بجميع ما يرويه، فالحمدلله.

وقد أجازني عمي الصوفي الزاهد الشاه عبدالديان المجددي خليفة مرشدنا رحمه الله تعالى بإرشاد الطريقة العلية النقشبندية المجددية وبجميع الأوراد والوظائف المعمولة عند مشائخنا رضي الله تعالى عنهم فالحمد لله.

أما مشائخي في المدرسة العالية فكثيرون منهم شيخنا العلامة مولانا مشتاق أحمد الكانفوري المكي المذكور، قرأت عليه كلام الله تعالى وجلّ ذكره بالتجويد والصحيح للإمام مسلم ومسلّم الثبوت والسبع الشداد وملا حسن وغيرها، ومنهم شيخنا العلامة شمس العلماء مولانا السيد وصي الدين، قرأت عليه تفسيرالبيضاوي والتفسيرالكبير للرازي وثلثي الأخير من تفسير الجلالين، ومنهم شيخنا العلامة شمس العلماء مولانا محمد مظهر المجددي قرأت عليه تفسير الكشاف، ومنهم شخينا فخر المحدثين مولانا ممتازالدين أحمد، قرأت عليه الثلث الأول من الجلالين وشرح الوقاية ونورالأنور ومختصرالمعاني والحماسة وديوان المتنبي وسبع المعلقة ومقامات الهمداني ومقامات الزمخشري، ومنهم شيخنا العلامة شمس العلماء مولانا محمد يحيى السهسرامي، قرأت عليه الجامع الصحيح للإمام البخاري والسنن لابن ماجة والتصريح في الهيئة، ومنهم شيخنا المحقق المحدث مولانا محمد حسين السهلتي، قرأت عليه الجامع للإمام الترمذي والسنن للإمام النسائي ومشكاة المصابيح وميزان المنطق، ومنهم شيخنا شمس العلماء مولانا السيد ولايت حسين، قرأت عليه السنن للإمام أبي داوود وديوان سيدنا عليّ رضي الله عنه ورسائل إخوان الصفا والكافية وميزان المنطق والميبذي والتحرير لأقليدس، ومنهم شيخنا العلامة الفقيه الصوفي الشاه محمد إسماعيل البهاري، قرأت عليه مشكاة المصابيح، ومنهم شيخنا العلامة مولانا إسماعيل السنبلي، قرأت عليه مشكاة المصابيح والهداية وشرح الوقاية، ومنهم شيخنا العلامة المحقق مولانا المفتي محمد جميل الأنصاري، قرأت عليه شرح الوقاية والسراجي والشافية وتاريخ الإسلام ورسائل الأدب الهندي والمثنوي لمولانا الرومي قدّس الله سرّه العزيز ووقائع نعمت خان عالي، ومنهم شيخنا مولانا نذيرالدين الأريسوي، قرأت عليه الهداية والقطبي، ومنهم شيخنا مولانا نورالله، قرأت عليه المطول ونخبة الفكر والشافية، ومنهم شيخنا العلامة شمس العلماء خان بهادر الدكتور مولانا هدايت حسين ناظورالمدرسة، قرأت عليه مقامات الحريري، ومنهم شيخنا العلامة الصوفي شمس العلماء ملا صفي الله البشاوري صدرالمدرسين، قرأت عليه السلّم، ومنهم شيخنا العلامة الشهير بالقطب مولانا صديق أحمد، قرأت عليه تصورات مسلم ، ومنهم شيخنا مولانا عبدالسلام قرأت عليه منية المصلي، وغيرهم من الأساتذة الذين قرأت عليهم نبذاً من بعض الكتب والأدب الإنجليزي وغيرذلك ، أماالكتب التي عثرت عليها وطالعتها فهي كثيرة تزيد على الآلاف فالحمد لله.

ثم إني توليت الأفتاء بجامع ناخدا كلكته وإمامة بعض الأوقات فيها والتدريس في مدرسته، وذلك 1353هـ، ومع ذلك توليت القضاء من جهة الحكومة وذلك 1356هـ، وقد صرت بمنّه تعالى مرجعاً لكثير من الناس من الأقاصي والأداني، عكفوا عليّ في مهماتهم الشرعية حتى أفتيت في ألوف من المسائل، وتلمّذ عليّ كثيرون، وذلك بمحض إحسانه تقدس وتعالى.

وقد وفقني الله تعالى بصرف جلّ أوقاتي في تحصيل مطالب الفقه ومآربه ووكلت نفسي على تحقيق مسائله ومباينه وأمعنت نظري إلى أصوله وفروعه، وقد رزقت طبعاً سليماً وقلباً مستقيماً، وبفضله تعالى أحبّ العلم وأهليه و عليه جبلت، وأبغض الجهل وذويه وله خلقت، والحمد لله.

ثم إني لمعترف بجهلي وأسرافي وقلة بضاعتي في العلم والعمل، اللهم وقفني لما تحبّ وترضى وأعنّي على ذكرك وشكرك وأحسن عاقبتي في الأمور كلها وأجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم علمني من الكتابة والسة وأعطني فيهما حظّاً وافراً وفقّهني في الدين،وأنت مقصودي ورضاك مطلوبي، أسالك علماً نافعاً وعملاً متقبلاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء، وأسألك العافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفرلي ولوالدي ولمشائخي ولأحبابي ولأصحابي ولمن له حقّ عليّ ولجميع المؤمنين، اللهم إنك تسمع كلامي وتري مكاني وتعلم سري وعلانيتي ولايخفى عليك شي من أمري، وأنا البائس الفقير والمستغيث المستجير الوجل المشفق المقرّ المعترف بذنبي، أسالك مسئلة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاءالخائف الـضرير ودعاء من خضعت لك رقبته وفاضيت لك عبرته وذلّ لك جسمه ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك شقينا وكن لي رؤفاً رحيماً، يا خير المسؤولين ويا خير المعطين بجاه من أرسلته كافة للناس بشيراً ونذيراً وداعياً إليك بذنك وسراجاً منيراً.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمد كما صليت وسلّمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آله، إنك حميد مجيد وآخردعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه الفقير عبد ربه

الولي السيد محمد عميم الاحسان المجددي عفا الله عنه

25 ذي القعدة 1358هـ

1 هو من أشهر العلماء والمصنفين صاحب قواعد الفقه وفقه السنن والآثار والخدمات الجليلة لكتب الحديث، كان من شيوخ المدرسة العالية بكلكته ثمّ انتقل مع مدرستها ألى دكا ببنغلاديش حيث توفي رحمه الله بعد حياة حافلة بالأعمال، وتاريخ وفاته مشهور معروف.

2 هذا المخطوط مخزون في مكتبة دارالمصنفين بأعظم جراه بخط المصنف رحمه الله فحصلت على صورته وطبعته على الكمبيوتر بعد التصحيح. طلحة نعمت الندوي.

3 أبوه مير شهامت علي بن مير مظفر علي رحمهما الله تعالى، هو الذي توطن رانكر بعد ارتحاله من جرهياري (وطن أبائه الكرام من سادات باره كيان رضي الله عنهم)بوستة[بوسطة] شيخبوره مديريه مونكير وهي على خمسين وأربعين ميلاً من بهارشريف.

4 وهو الذي جاء كلكته أولاً ثم أبي رحمه الله تعالى اتخذه كالوطن، وتوفي رحمه الله في كلكته.

5 ثم لما توفى رحمه الله تعالى وذلك 1345هـ ألجئت إلى مراجعة شيخ آخر وهو مأثور عن الصوفية الصافية رضي الله عنهم، إذا لم يصل المريد إلى الكمال ومات الشيخ فبعد التفحص التامّ تشرفت بملازمة سيّدي وسندي فريد دهره قيّوم زمانه أعلم العلماء المتبحرين عمدة المحققين سراج الأولياء علم الأصفياء مولانا الشيخ أبي السعد أحمد المجددي مدّ الله فيوضه علينا، فبايعته وذلك 1354هـ، وهو ومرشدنا الأول كلاهما من خلفاء قبلة السالكين إمام العارفين برهان المعرفة شمس الحقيقة مولانا محمد عثمان رضي الله تعالى عنه، وابنه مجمع البحار مظهر الأنوار القطب الكامل مولانا محمد سراج الدين الداماني المجددي رضى الله عنه .