الزمن يتوقف عند البوطي

 بقلم الشيخ نور الدين قرة علي

 أعلن الشيخ البوطي في خطبته الأخيرة توقّفَ الزمن ، فلا يمكن أن تلد الدنيا نظاما أفضل من النظام الموجود في سورية ،
وتوقفت الشريعة لديه عند نص واحد ، فلا يمكن أن يتزحزح البوطي عن نصوص الفتنة ، والراية العُمّية التي لا يرى سواها ،
وتوقف التفسير للأحداث عند البوطي ، فليس هناك من تفسير لها إلا أنها حركة تأتمر وتنتهي بأوامر الأمريكيين والموساد الإسرائيلي ،
توقف كل أمر عند نظرة البوطي له ، فلا مجال لتغيير ولا تبديل ، ولا مجال لحركة ولا تطوير ، ولا مجال لرأي ولا اجتهاد ،
فالنظام الموجود لا يماثله نظام ، ولم يكن له في السابق مثال ،
مساكين أنتم معاشر الأمة ، يخاطبكم الشيخ في كل أسبوع ، ويكرر عبر الشهور.. والسنوات.. أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، اهبطوا مصرا ، فهذا هبوط في التفكير ، وهبوط في الفهم ، وهبوط نحو الهاوية التي ما لها من قرار ،
أو تريدون تغيير النص ؟! أتصمون آذانكم عن توجيه الرسالة..؟! ولكن أية رسالة..
 إنها النص الفريد دون بقية النصوص ،
لم ير الشيخ ولم يسمع الرسالة عندما تناديه ليكون رجل الكلمة ، وليقول كلمة الرجل ، أن يقف علنا على المنابر ، لا تهامسا في أقبية النظام ، ليقول للجور ليس لك من سلطان ، وللمسيء ليس لك من طاعة أو إذعان ، وليصدر البيان تلو البيان في مطالبة الحكام ، كما يطالب أخوانه في كل محافظة وفي كل مكان ، بإنصاف المظلومين ورفع يد البطش عن الضعفاء العزل الشجعان ، أو أن يفي بالوعد تلو الوعد ، وأن يحقق إنجازا تلو إنجاز ، وان يذكره بأن من وعد فأخلف فهو المنافق في حق الأفراد ، وإن كان أخلف وعد أمة فهو طغيان وظلم وفساد ،
لماذا لم ير الشيخ نصوص الاجتماع عند الأزمات ، وعدم التفرق عند اللمّات ، ولماذا لم نر له توقيعا مع تواقيع العلماء من أقرانه وأخوة دربه ، ولماذا لم يجتمع وإياهم لمدارسة أمر الأمة ، وتكون رؤية جماعية للأحداث ، واختيار ما يناسبها من هدى المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وإصدار البيان الذي تبتعد عنه ضلالة الرأي من خلال عصمة الاجتماع ، أو ما يقرب منها على الأقل ،
أو ليست أفضل من كتابة خطبته بقلم فرديته ، وضبط آرائه بنوع من العصمة الجماعية ، التي تكون على الأقل أقرب إلى الهدى من ضلالات الفرد ، مهما كان علمه وحاله ،
لماذا لم يستجب لهديه عليه الصلاة والسلام ، صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ، ورأي الجماعة خير من رأي الفرد بما يماثل ذلك ،
إن الصلاة لها مفهوم ، وهل قيادة الأمة في مواقفها يعاكس كل هذه المفاهيم ..
إنك تأمر أيها الشيخ بأن ننتظر الزمن الذي سيطلعنا عما وراء هذه الأكمة من تآمر الموساد ، وقيادة الأمريكان لمواكب الثوار على الظلم والظلمات ، تريدنا أن ننتظر .. ولقد انتظرناك طويلا فلم تجبنا عمن سبب لنا هزائم الأوطان ، وضيع لنا عزة الإنسان ، وعمن رفع الحجاب عن رؤوس نسائنا في الشوارع والطرقات ،
وهناك تساؤلات يطويها الزمان والنسيان ولم تسعفنا بالإجابات عنها ، ولن يلدغ المؤمن من جانب واحد مرتين ،
أيها الشيخ ، لقد سمعنا منك مرارا وفي العديد من المواقف ، في الانتخابات والاحتجاجات ، بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ، فلم إذن الدروس والمواعظ ، ولم الخطب والبيانات ، فلنختم كل موعظة ، ولنطو كل كلام ، فنحن في ظل الخلافة الراشدة ، نعيش برايات العدل والإحسان على أحسن الأحوال!!ولا تفسدوا أيها الثوار المشاغبون علينا هدأة الليل في الأسحار ، ولا أنس اللقاء أيام الجمعة ، ولا تفسدوا بتكبير جهادكم رقاد خمسين عاما إلى الأمام ...                                                        

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين