الرجاء والخوف ـ 9 ـ

 

ـ 9 ـ
من أسباب المغفرة
الشيخ مجد مكي
وإنَّ مغفرة الله تعالى لا خَطَر عليها ولا ضيق فيها، فإنَّ الله تعالى يغفر لمن يشاء بأيِّ سببٍ شاء من أسباب ظاهرة: كالتوبة، والاستغفار، والدعاء، والصَّدقات، والصَّلوات، والأوراد.. ومنها أسباب باطنة خفيَّة هو أعلمُ بها سبحانه...
قال الله تعالى:[إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا] {النساء:48}.
في كل كبد رطبة أجر:
أخرج البخاري (2363)، ومسلم (2244)، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: « بَيْنا رجل يمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنزل بئراً، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثَّرى من العطش، ـ واللهث: ارتفاع النَّفَس من شدة الإعياء، ولهث الكلب: إخراج لسانه ـ، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغفر له. قالوا: يا رسول الله وإنَّ لنا في البهائم أجرا ؟ ـ أي: إذا رحمناها وأحسنَّا إليها؟ ـ قال صلى الله عليه وسلم: (في كلِّ كبدٍ رَطْبةٍ أجر).
إيصال الخير ودفع الشر:
روى البخاري (654)، ومسلم (1914)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:«بينما رجلٌ يمشي بطريق وَجَد غُصْنَ شْوكٍ على الطريق ـ فأخَّره ـ أي: أزاله عن الطريق ـ فَشَكَرَ الله تعالى له، فغفر له».
مغفرة الله للكفْل من بني إسرائيل:
ومن أعظم أسباب المغفرة: الصبر عن المعصية بعد القدرة عليها والتمكن منها:
روى أحمد في مسنده (4747)، والترمذي (2496)، والحاكم في مستدركه (7651) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث حديثاً: « كان الكفْل من بني إسرائيل لا يتورَّع من ذنب عمله، فأتته امرأة، فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته، أُرعدت ( اضْطَربت) وَبَكت. فقال: ما يبكيك أكرهتك ـ هل أرغمتك وحملتك على الفاحشة كرهاً ؟ ـ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط، وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: أتفعلينَ هذا وما فعلته، اذهبي فهي لك. وقال: واللهِ لا أعصي الله بعدها أبداً، فماتَ من ليلته، فأصبح مكتوباً على بابه: إنَّ الله قد غَفَر للكِفْل».
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين