الرجاء والخوف ـ 4 ـ أشد الآيات رجاءً في القرآن الكريم

 

ـ 4 ـ
الشيخ مجد مكي
نتابع الحديث في هذه الحلقة ما تقدم من ذكر أشد الآيات رجاء في القرآن الكريم:
9 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ] {غافر:3}.
فإنه سبحانه قدَّم مغفرة الذنب على التوبة، فكأنَّه يغفر للمذنب قبل أن يتوب، ثم عقب على ذلك بوعيد عظيم [شَدِيدُ العِقَابِ]، لكن ختمه بوعد كريم فقال: (ذِي الطَّوْلِ).
فذكر الوعيد بين وعودٍ كريمةٍ سابقةٍ ولاحقةٍ، فإنَّ رحمة الله سبحانه سبقت وغلبت غضبه.
ذكر القرطبي في تفسيره (15: 255)، والسيوطي، وغيرهما: أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه افتقد رجلاً من أهل الشام، فقيل له: تتابع في هذا الشراب.
 فقال عمر لكاتبه: اكتب. من عمر إلى فلان، سلام عليك، فأنا أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو [حم(1) تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ العَلِيمِ(2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ(3) ]. {غافر}.. وختم الكتاب.
وقال عمر لحامل الكتاب: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحياً، ثم أمر عمر من عنده بالدعاء لذلك الرجل بالتوبة.
فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها، ويقول: قد وعدني ربي، قد وعدني الله أن يغفر لي، وحذَّرني عقابه، فلم يَبْرَح يردِّدها حتى بكى، ثم نزع عن الشرب، وحَسُنَت توبته.
فلما بلغ عمرَ توبتُه. قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زلَّ زَلَّةً فسدِّدوه، ووقّفوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشياطين عليه، أي: بالسبِّ واللعن والشتم وتعجيل إقامة الحد عليه.
10 ـ وقال الصِّدِّيق رضي الله عنه: لم أر آية أرجى من قوله تعالى: [وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا(83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ]. {الإسراء}..
أي: كلُّ أحد يعمل على شاكلته، ثم قال: لا يشاكل بالعبد إلا العصيان، ولا يشاكل بالرب إلا الغفران.وهذا من باب:
إن تغفر اللُهمَّ تغفر جماً                         وأي عبدٍ لك لا ألمَّا
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين