الرجاء والخوف ـ 14 ـ

الشيخ مجد مكي

الرسول صلى الله عليه وسلم سيِّد الراجين:
كان صلى الله عليه وسلم سيِّد الراجين، كيف لا وهو أعلم الناس بالله تعالى وأخشاهم له، وقد شَهِدَ الله سبحانه له بهذا الخُلق، فقال سبحانه:[وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا] {الإسراء:28}.
وقد جعل الله طريق الرجاء بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم:[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا] {الأحزاب:21}.
فمن كان يرجو الله واليوم الآخر فعليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يصدق رجاؤه.
 
حثُّه صلى الله عليه وسلم أمته على الرجاء:
ـ روى مسلم (2749) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر لهم».
ـ وروى مسلم (2755) عن أبي هريرة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المؤمنُ ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنَّته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنَّته أحد».
 
رجاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته:
1 ـ ومن ذلك: رجاؤه أن يكون صاحب الوسيلة في الجنَّة، وهي المنزلة التي لا ينبغي أن تكون لأحد سواه.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذِّن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ، فإنه من صلَّى عليَّ مرةً صلَّى الله عليه بها عشراً، ثم سَلُوا الله عزَّ وجل لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة» رواه مسلم (384).
 
2 ـ ومنها: رجاؤه أن تكون أمته أكثر الأمم:
قال صلى الله عليه وسلم: (ما من الأنبياء إلا وأُعطي من الآيات ما على مثله آمن عليه البشر، وإنَّما كان الذي أُوتيت وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة» أخرجه البخاري (4981)، ومسلم (152) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
 
3 ـ ومنها رجاؤه لأمته أن تكون نصف أهل الجنة:
روى البخاري (6642)، ومسلم (221)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ فقالوا: نعم.
أترضون أن تكونوا ثُلث أهل الجنة ؟ فقالوا: نعم.
والذي نفسُ محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أنَّ الجنَّة لا يدخلها إلا نفسٌ مؤمنة، وما أنتم وأهل الشِّرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود).
والله عزَّ وجل هو المأمول أن يُحقِّق رجاءه ويُؤْتَيه سُؤْله، كما وعده ربُّه سبحانه:
[وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى] {الضُّحى:5}.
ومع ذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى الله عزَّ وجل لتحقيق ما يؤمِّله ويرجوه، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:(رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين). أخرجه أحمد (20430)، وأبو داود (5090)، من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين