الرجاء والخوف ـ 10 ـ

 

ـ 10 ـ
الشيخ مجد مكي
لا تَحَكُّم للمخلوقِ في مغفرة الله عزَّ وجل:
روى مسلم (2621)، عن جندب:« أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم حدَّث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإنَّ الله تعالى قال: مَنْ ذا الذي يتألّى عليَّ ـ أي: يحلف ـ  أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك».
فمن حَلَف أنَّ الله تعالى لا يغفر لفلان، واستبعد ذلك عن الله تعالى فإن الله تعالى يُحبط عمله، ويغفر لذلك المذنب، فلا حكم على الله تعالى، وإنما الحكم لله تعالى.
الرجلان المتآخيان:
المذنب والطائع من بني إسرائيل:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كَانَ رَجُلاَنِ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِى الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لاَ يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ، فَيَقُولُ: أَقْصِرْ ـ أي: كفَّ وأمسك ـ فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ، فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِى وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ.
فَقُبِضَ أَرْوَاحُهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ ـ في العبادة ـ: أَكُنْتَ بِى عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِى يَدِى قَادِرًا ـ أي: حتى حلفت عليَّ أن لا أغفر له؟
وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِى، وَقَالَ لِلآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ ـ أي: العابد ـ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ» أي: أهلكته في الدنيا والآخرة ـ. أخرجه أحمد (8292)، وأبو داود (4901).
فيجب على العابد الطائع أن لا يحتقر غيره من المذنبين، وأن لا ينظر إليهم بعين الازدراء، وينظر إلى حاله بعين التعظيم والإكبار والإعجاب، فإنَّ ذلك من موجبات الهلاك والطرد والشقاء.
قال أحد الصَّالحين: انكسار العاصي خير من صَوْلة المطيع.
 وقال العارف ابن عطاء الله: معصية أورثت ذلاً واحتقاراً خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزاً واستكباراً.
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين