الدّور ...... ثلاثة

 

خلق الله عز وجل دوراً ثلاثة 

الأولى:  دار صفاء لا كدر فيها

والثانية:  دار كدر لا صفاء فيها 

والثالثة:  دارٌ مشوبٌ كدرها بصفائها وصفائها بكدرها .

 

أما الأولى  : فهي الجنة  ، وهي دار الصفاء الخالص .

فإن نعيمها لا ينفد  ، وقرة العين فيها لا تنقطع ، وقد حوت من  النعيم الحسيّ والمعنوي ما لا يبلغه الوصف، ولا تحيطه العبارة .

 

((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ))

 

وجعل الله عز وجل فيها من أنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ؛ ما تقر به عيون الموحدين  ، ويشرح صدور المؤمنين .

وزينها سبحانه بوجود الأنبياء والصالحين  وأتم جمالها وحسنها بوجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها 

قيل لبعض السلف:  شوقنا للجنة؟

قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

وأحسن من ذلك كله رؤية وجه ربنا ورضاه فإنه غاية المنى لأهل التقي .

 

وأما الثانية فهي النار -نعوذ بالله منها - 

وهي دار الكدر الخالص 

سوداء مظلمة 

قبيحة منتنة

قعرها بعيد ، وحرها شديد  ، ومقامعها حديد  ، ولا يزداد أهلها فيها إلا من العذاب والوقيد .

جعل الله عز وجل طعام أهلها نار  ، وشرابهم نار  ، ولباسهم نار  ،وحياتهم في النار .

لايزال أهلها يلعن بعضهم بعضا  ، ويكفر بعضهم ببعض،  ولا ينفعهم أنهم في العذاب مشتركون .

وفوق ذلك يلعنهم ربهم ويخرجهم من رحمته ويهينهم 

{ومن يهن الله فما له من الله من مكرم }

غاية أمنية أحدهم فيها أن يموت  ، ولكن هيهات  ولات حين ممات 

"وحسب المنايا أن تكن أمانيا "

 

وأما الثالثة فهي الدنيا 

وهي دار قد اختلط كدرها بصفائها  ، وصفائها بكدرها .

فلا صفاء فيها لإنسان مهما علت مرتبته وارتفعت منزلته .

 

طبعت على كدر وأنت تريدها  **  صفواً من الأقذاء والأكدار 

ومكلف الأيام ضد طباعها    **  متطلب في الماء جذوة نار 

 

فمن كان عنده عقل يهديه،  وهمة تبصره وترقيه،  وقبل ذلك عون من خلقه وباريه ؛

آثر الصافية علي المكدرة  ، وباع الدنيا واشتري الآخرة 

وعمل في كدره ليوم صفائه 

 

بقدر الكد تكتسب المعالي  **  ومن طلب العلا سهر الليالي 

ومن رام العلا من غير كد **    أضاع العمر في طلب المحال 

تروم العز ثم تنام ليلا        ** يغوص البحر من طلب اللآلي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين