الدرس السادس من دروس رمضان : التعقيب على غزوة أحد (في سورة آل عمران)

 
الدرس السادس من دروس رمضان 1422
 
 
 
 
 
العلامة الشيخ : يوسف القرضاوي
 
 
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأزكى صلوات الله وتسليماته، على من أرسله ربُّه رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، سيدنا وإمامنا، وأسوتنا وقائد دربنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته، وجاهد جهاده إلى يوم الدين. ثم أما بعد..
 
 
غزوات الرسول وسراياه :
 
ففيما استمعنا الليلة إليه من سورة آل عمران، آيات كريمة تتعلق بالتعقيب على غزوة أحد، وغزوة أحد من الغزوات الكبار، التي غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا وعشرين غزوة، شارك فيها بنفسه، وقادها وشهدها.
 
أما السرايا التي بعث فيها أصحابه، فقد كانت بضعا وخمسين سرية، ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم عاش حياته في جهاد متواصل، خصوصا في الفترة المدنية. فقد كان في الفترة المكية في جهاد من نوع آخر، جهاد احتمال البلاء والصبر على العذاب والأذى والحصار، وهو الذي قال الله فيه في سورة العنكبوت المكية: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:6].
 
عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته في جهاد، في مكة والمدينة، سبعا وعشرين غزوة غزاها بنفسه، منها الغزوات الكبار، وهم تسع غزوات، أولاهنّ كانت: غزوة بدر الكبرى، والثانية: غزوة أحد..
في غزوة بدر كتب الله فيها النصر للمسلمين، وسمَّى يومها (يوم الفرقان)، يوم التقى الجمعان، لأن الله فرق في هذا اليوم، بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية.
 
 
من أحداث غزوة أحد:
 
وفي غزوة أحد لم يُكتب النصر للمسلمين، وانكسر المسلمون، بعد ما تحقق لهم النصر في أول المعركة، وكسبوا الجولة الأولى، ولكن غرت بعضهم الدنيا، وسال لعابهم للغنائم، فتركوا مواقعهم، مع تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لهم، أن يتركوا هذه المواقع ولو حدث ما حدث.
 
ولكن تأوَّلوا وتركوا مواقعهم، فانكشف ظهرهم للعدو، وانتهزها خالد بن الوليد، الذي كان على رأس خيل المشركين وفرسانهم، وهو قائد لا تفوته فرصة، فالتفَّ على المسلمين من الخلف، وأعمل فيهم السيف، وحدث ما حدث، وشاعت الشائعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتل، وفتَّ في عضد المسلمين، وفر من فر، ولم يبق إلا طائفة يسيرة من المسلمين، حول النبي صلى الله عليه وسلم.
 
هذه المعركة قدم المسلمون فيها، سبعين شهيدا، من أمثال حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله، ومن أمثال: مصعب بن عمير، الداعية الأول. ومن أمثال: عبد الله بن جحش. ومن أمثال: أنس بن النضر...وغيرهم، قدمهم المسلمون، ولا نقول خسروهم، لأنه كما قال الله في السورة: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[آل عمران:140].
 
في غزوة بدر قتل المسلمون من أئمة الكفر، ومن فراعنة الضلال، ومن صناديد قريش، من أمثال أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمثال هؤلاء، قتلوا في المعركة.. سبعون من أئمة الكفر، من صناديد قريش قتلوا في بدر، وسبعون آخرون أُسروا.
 
فإذا كان المسلمون قدموا سبعين شهيدا في أحد، فقد قتلوا سبعين صنديدا من صناديد الشرك في بدر، وأسروا سبعين مثلهم. ولذلك عقَّب القرآن على ذلك بقوله: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:165] {أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}: يعني قتلتم سبعين، وأسرتم سبعين. {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} من أين جاء هذا؟ {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}.
 
 
أهمية النقد الذاتي :
 
القرآن يقرر هذا، وهو أمر في غاية الأهمية، أن يفتش الإنسان عن عيوبه، إذا حدث له حدث، يسأل نفسه ويتهمها، لا يسأل الله: لماذا فعلت بي هذا يارب؟
 
كثير من المسلمين، إذا أصابهم ما يصيبهم يسأل عن سبب خارجي، انظر في نفسك أولا! لا بد أن هذا من وراء الصهيونية العالمية، أو الصليبية الغربية، أو الوثنية الشرقية...الخ ولا يقل : ماذا قصرنا فيه؟ ما الذي أخطأنا فيه نحن المسلمون؟ وهذا مهم جدا، فالقرآن يأمرنا أن نبحث في أنفسنا عند حلول المصائب، ويسمون هذا في عصرنا: (النقد الذاتي): أي تنقد نفسك وذاتك، ولا تترك غيرك لينقدك، وإنما كن أنت منصفا مع نفسك، وابحث عن عيوب نفسك، وهذا أمر في غاية الأهمية، ولذلك ذكر القرآن لنا، وهو يعقب على غزوة أحد، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:146-147].
 
 
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}:
 
 فقبل أن يسألوا الله النصر والتثبيت، سألوه أن يغفر لهم ذنوبهم وإسرافهم في أمرهم، وهذا يعني أنهم اتهموا أنفسهم بالتقصير، قالوا: لا بد أننا قصرنا في رعاية سنة من سنن الله، أو قانون من قوانين الكون، لم نقم بحق الله في كذا، أو لم يقم بعضنا بحق الله في كذا..وهكذا.. ولذلك قالوا: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}.
 
حينما حدثت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أصدرتُ بيانا أنكرتُ فيه هذه الأحداث، رغم أني أدنتُ من فعل هذا، أيًّا كان دينه، أو أيًّا كان جنسه، أو أيًّا كان وطنه، ولكني ذكرت في هذا البيان، أن هذه الأحداث الجسام، لعلها تنبه الضمير الأمريكي، عسى أن يراجعوا سياستهم الخارجيَّة، ويعرفوا لماذا أصيبوا بهذا؟ لماذا ضربوا في عقر دارهم! لعلهم يتنبهون. ولكن للأسف، الإنسان المستكبر لا يقول: أنا عصيت، ولا يقول: أنا قصرت، ولا يقول: أنا فرطت. ولكن يتَّهم الآخرين دائما، أنهم هم الذين بغوا عليه.
 
 
سنن الله لا تحابي أحدا :
 
نحن المسلمين ينبغي أن نأخذ درسا من أحد، أن الإنسان إذا قصَّر في سنة من سنن الله، لا بد أن تصادمه السنن، فسنن الله لا تحابي أحدا.
 هل هناك أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
 هل هناك جماعة أفضل من صحابة رسول الله؟ ولكنهم لأنهم لم يَرْعوا السنن، وكشفوا ظهرهم للعدو، جاءهم ما جاءهم.
 ولهذا قال الله لهم: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} وفي الآية الأخرى يقول: { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}.
 يقول عبد الله بن مسعود: (والله ما كنتُ أعرف أن فينا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية)، فابن مسعود لصفاء نفسه، وارتقاء منزلته، ظن أن الصحابة كلهم ليس فيهم أحد يريد الدنيا. والدنيا هنا: هي الغنائم. {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
 
 
 {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}:
 
 انظروا إلى نهاية الآية، فبعد هذا كله يقول الله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} الإنسان إذا أخطأ في الطريق لا ينبغي أن نجعل هذا سببا في إخراجه من الملة، أو لطرده من الرحمة، أو إبعاده عن الإسلام، فكل جواد له كبوة، وكل مؤمن له هفوة، وكل سيف له نبْوة، والرسول يقول: "كل ابن آدم خطاء" .
مَنْ ذا الذي ما أساء قط           ومن له الحُسنى فقط
 
لا يخوَّن الإنسان بالأخطاء الطارئة:
ولهذا قال الله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} لأنَّ هذا خطأ طارئ، والأخطاء الطارئة لا يُخوَّن بها الإنسان، فكان ممَّن فرَّ في ذلك اليوم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، رُغم علوّ منزلته، ولكنه أصابه الضعف، فكان من الذين فروا ذلك اليوم. وبعض الناس أرادوا أن يجعلوها سبة له ووصمة عار، فقال لهم: أتعاتبوني في شيء عفا عني فيه ربي، وهو يقول: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}[آل عمران:155] فالشيطان هو الذي غرَّهم وأوقعهم في هذا الخطأ، {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} فالله عفا عنِّي، وتأتون أنتم لتهدموا تاريخي من أجل خطأ أخطأته؟!
 
وهذا من أخطر الأشياء التي يقع فيها الناس، أنه إذا أخطأ إنسان في شيء، تريد أن تهيل على تاريخه كله التراب، أن تهدمه ولا تبقي له أثرا. ولذلك برأهم القرآن، {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}.
 
 
الفرق بين نقد الذات وجلد الذات :
 
ولذلك هناك فرق بين (نقد الذات) و(جلد الذات): أن تمسك عصا لتضرب نفسك لا يجوز! حصل ما حصل، عفا الله عما سلف، فقد وقع آدم عليه السلام في المعصية، يقول الله: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه:121-122]، انتهت معصيته لما تاب إلى الله، وقال: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:23].
 
فلذلك ينبغي أن ينقد الإنسان ذاته، ونعلم أن الإنسان يخطئ ويصيب، فيتعلم كل واحد من خطئه، ويتعلم من يومه لغده، يتعلم من حاضره لمستقبله، ويأخذ الدرس والعبرة، ولذلك نجد القرآن الكريم في غزوة بدر، كان عتابه للمسلمين في شأن الأسرى أشد من عتابه لهم في خطئهم في غزوة أحد، فقال: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} عندما قبلوا الفداء ومنُّوا على الأسرى وأخذوا مالا، فقال: { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فاشتدَّ عليهم في النكير.
 
أما في غزوة أُحد فقال: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}؛ لأن المسلمين لما أصابهم ما أصابهم في أحد، كُسرت أنفسهم، فيكفي ما أصابهم، والناس يقولون في الأمثال: الضرب في الميت حرام. ولذلك اكتفى القرآن بالإشارة إلى خطئهم بقوله: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، ولم يشدِّد عليهم أكثر من ذلك، وقال بعدها: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا... }[آل عمران:166-167].
ثم بدأت السورة تبيِّن أن وراء ذلك آثارا طيبة: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}[آل عمران:140] {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:141] {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}، فكان تمحيصا وتصفية، وكان تقوية وتربية، وكان تمييزا للمؤمنين عن غيرهم، فبين لهم هذا، وبيَّن لهم أن الأيام دول، قال: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:140].
 
الأيام دول، والدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، ونحن نقول في الأمثال: دوام الحال من المُحال. فإذا كانت الدولة عليكم هذه المرة، فستكون في المرة القادمة لكم، {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87].
 
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين