الدرس السابع عشر من دروس رمضان :هلاك الله  للمعاندين لدعوات الأنبياء في سورة الشعراء
 
العلامة الشيخ يوسف القرضاوي
 
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأزكى صلوات الله وتسليماته، على من أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، سيدنا وإمامنا، وأسوتنا وقائد دربنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، الذين {آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف:157].
ورضي الله عمن دعا بدعوته، واهتدى بسنته، وجاهد جهاده إلى يوم الدين.
 
أما بعد.. فيا أيها الإخوة والأخوات:
ونحن نتابع كتاب الله عز وجل، مستمعين إلى آياته، ومستمعين إلى سورة الشعراء، وكيف أنزل الله عقابه على الذين كذبوا رسله وتمردوا على دعوته، وآذوا المؤمنين، ووقفوا في سبيل الدعوة إلى الله، كيف أخذهم العذاب.
 
هلاك الله لفرعون وملائه:
تابعنا كيف أخذ العذاب فرعون وملائه، بعد أن رفضوا الاستماع لنبيهم، والاتباع لدعوته :{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)}.
 
هلاك قوم نوح:
وتابعنا هلاك قوم نوح الذين طغوا وكذَّبوا وعصوا، وحاول نوح عليه السلام أن يردهم إلى الله بالدعوة سرا وجهارا، ليلا ونهارا، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارا، فما كان منه إلا أن قال: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120)}أخذهم الطوفان وهم ظالمون، السماء كانت تمطر وعيون الأرض تفيض، حتى أهلكهم الله بهذا الطوفان {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)}.
 
هلاك قوم عاد:
وبعد قوم نوح قوم عاد: {أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود:60]. أهلكهم الله بريح صرصر عاتية، جعلتهم كأعجاز نخل خاوية، فهل ترى لهم من باقية، أرسل لهم هودا يدعوهم إلى الله {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)}.
 
هلاك قوم ثمود:
وبعد عاد جاءت ثمود، الذين حاول نبيهم صالح، وأخوهم صالح، أن يثنيهم عن الكفر والتكذيب والفساد، واتباع المسرفين المفسدين: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)}، ولكنهم لم يستجيبوا وكذَّبوا وعقروا الناقة، فأخذهم العذاب، أخذتهم الصيحة:{فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)}.
 
هلاك قوم لوط:
وبعدهم قوم لوط، الذين حاول سيدنا لوط أن يردَّهم إلى عبادة الله، وأن يثنيهم عن الفاحشة، التي ابتكروها وابتدعوها، ما سبقهم بها من أحد من العالمين، ولكنهم أرادوا أن يُخرجوه: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)}، سنخرجك من قريتنا، وقالوا بالفعل: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ[النمل:56] ذنبهم الطهارة والنظافة، في مجتمع قذر، مجتمع معتد، كما قال لهم نبيهم لوط عليه السلام: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ }.
 
 ووصفهم بالعدوان:{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)}كما وصفهم في سورة أخرى بالإفساد: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} [العنكبوت:30]، ووصفهم بالإسراف: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ[الأعراف:81].
 
ولذلك كان لا بد أن يطهِّر الأرض من شرِّهم وفسادهم، فعاقبهم بعقوبتين: قلب القرية عليهم، {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا[الحجر:74]، وأرسل عليهم حجارة من سجيل: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (175)}.
 
وننتظر هلاك إسرائيل:
حينما نتابع هذه الآيات أيها الإخوة، نتمنى من الله عز وجل، أن يرينا آية من آياته في هؤلاء {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} [الفجر:11-12]. في شارون وعصابته، الذين يفعلون ما يفعلون، بإخوتنا في أرض النبوات، وأرض الإسراء والمعراج، في أرض فلسطين، بجوار المسجد الأقصى، يفعلون ما يفعلون كل يوم، وإذا دافع إخواننا عن أنفسهم، قالوا: نحن نرد عليكم، مع أن إخواننا يردون، ولكنهم يريدون أن يظهروا للعالم أنهم يدافعون عن أنفسهم.
وتقول واشنطن: إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها. إسرائيل في موقف الدفاع، اسرائيل التي تقتل كل يوم من تقتل، وتذبح من تذبح، وتدمِّر ما تدمر، وتُحرِّق ما تُحرّق، ولا تدع شيئا إلا جعلته كالرميم، هي بذلك تدافع عن نفسها في نظر سيدة العالم، أمريكا، في نظر واشنطن.
جاء شارون من أمريكا ومعه الضوء الأخضر، معه كارت مفتوح، لينتقم وليحمي إسرائيل، من هجمات هؤلاء الإرهابيين، الإرهابيون الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم ومقدساتهم وقوت أولادهم وضروريات حياتهم، هؤلاء هم إرهابيون، ودعاة العنف.
الذي يدافع عن أرضه أصبح من دعاة العنف، وأصبح إرهابيا، والذي جاء من بلاد بعيدة ليغتصب أرضا ليست أرضه، ويطرد أهلها منها، ويشردهم في الآفاق، بالملايين، هذا ليس إرهابيا.
 
أعظم إرهابي في العالم هو دولة إسرائيل:
إنَّ اسرائيل قامت من أول يوم على الإرهاب، بل من قبل أن تقوم، فالعصابات الإجراميَّة الإرهابيَّة، هي التي فرضت وجودها على فلسطين، وعلى أهل فلسطين، وبمساعدة الانتداب البريطاني، الذي مكَّن لهؤلاء ليقتلوا وليخربوا، وليدمِّروا، ولم يمكن أبناء فلسطين من أيِّ قطعة سلاح، إسرائيل قبل أن تقوم قامت على الإرهاب، ومجازر (دير ياسين) وغيرها معروفة في التاريخ.
ثم قامت إسرائيل لتبقى كما قال العالم الغربي كله، أمريكا وبريطانيا وروسيا، كلهم قالوا: خلقت إسرائيل لتبقى. وإسرائيل هذه، التي لم يكن لها وجود في المنطقة في أوائل هذا القرن، حيث كان اليهود آلاف معدودة، ثم جاءت الهجرات الجماعية، من أوربا وأمريكا وغيرها، بمساعدة العالم الغربي عامة، وبريطانيا خاصَّة، ووعد بلفور المشؤوم والمشهور، الذي قال فيه بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقال من قال بعد ذلك: إن من لا يملك وعد من لا يستحق. وعلَّق الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر على ذلك يومها بقولك: إن فلسطين ليست وطنا بغير شعب، حتى تستقبل شعبا  بغير وطن.
إسرائيل أو الصهيونية أرادت أن تفرض نفسها، ومنذ أكثر من مائة سنة عقدوا مؤتمرهم في (بال) في سويسرا، بقيادة زعيم الصهيونية الحديثة (هرتزل)، وقرروا أن تقوم لليهود دولة بعد خمسين سنة. وبالفعل قامت الدولة بعد خمسين أو واحد وخمسين سنة، كما خططوا.
 
أين أمة الإسلام؟
المهم أيها الإخوة: اليهود يخططون، ولهم حكماء صهيون، ومشيخة صهيون، ونحن ليس لنا حكماء يخططون، اليهود يفعلون ما يشاؤون، ونحن أمة مضيَّعة مبعثرة، وتصوروا ما يحدث اليوم، في فلسطين، الآن يضربون غزة، بالطائرات من الجو، وبالبوارج من البحر، وبالدبابات من البر، وضربوا مقر الرئيس عرفات، وحطَّموا طائرات عرفات، والدخان الأسود يتصاعد هنا وهناك، ولا زال في جعبتهم الكثير.
ومع هذا لم نر أحدًا تحرَّك، ماذا أصاب هذه الأمة، كأنَّ هذه الأمة صمتت صمت القبور، كأنما الأمة قد ماتت، لم نر ردًّا على المستوى الرسمي، ولا على المستوى الشعبي، حركة تنادي وتصرخ وتستغيث. فأين أمة العرب؟ أين أمة الإسلام؟
ومما يؤسف له، أن أحد الإخوة أبلغني، أنَّ مما نُسب إلى شيخ الأزهر في هذا اليوم، أنه قال: لا يجوز قتل المدنيين، في أيِّ بلد، ولا في أيِّ دولة، ولو كان في إسرائيل، ولا أدري هل صدر هذا فعلا من شيخ الأزهر؟ كيف يُجرِّم قتل هؤلاء المعتدين الغاصبين، من أبناء صهيون، كيف يعتبرهم مدنيين بُرءآء عزّل، وهم غاصبون، جاؤوا إلى هذه الأرض من بعيد، واغتصبوها رغم أهلها، وشردوا أهلها.
 
شر استعمار عرفته البشرية:
 هذا شر استعمار عرفته البشرية، فهناك أنواع من الاستعمار، ومنها: الاستعمار الاستيطاني، الذي يريد أن يستوطن الأرض، مثل الاستعمار الفرنسي في الجزائر، أراد أن يتخذ من الجزائر وطنا، ويستوطنها، ويعيش فيها، ويعتبرها جزءا من فرنسا.
وشر من الاستعمار الاستيطاني، النوع الذي يسمَّى: الاستعمار الاستيطاني الإحلالي، ففرنسا حين دخلت الجزائر، استعمرتها، ولكنها أبقت أهلها، لم تطردهم، عاشت معهم.
أما اليهود، فهم يريدون استعمارها استعمارا استحلاليا، يريدون طرد أهل البلاد، ويحلون محلهم، ويقومون مقامهم، وهذا ما حدث، فهذا شر مراحل الاستعمار، الاستعمار الصهيوني.
 
غياب بعض العلماء عن فقه الواقع:
 
 
فهل مقاومة هذا الاستعمار، ومحاربة هذا الاستعمار، تعدُّ إرهابا، وأمرا مجرَّما في نظر بعض المشايخ؟ إن هذا يُعد غفلة عن الواقع، وأنا أعيب كثيرا من المشايخ، أنهم ينقصهم فقه الواقع، لا يعرفون أن المجتمع الإسرائيلي كله مجتمع عسكري، ليس فيه مدنيون، الرجال مجنَّدون، والنساء مجنَّدات، ومن ليس جنديا في الجيش اليوم، يمكن أن يُستدعى للتجنيد غدا أو بعد غد، كلهم جنود احتياط، رجالهم ونساءهم، نحن هُزمنا سنة 1967م من امرأة، هي (جولدا مائير)، فالرجال والنساء سواء.
كيف نغفل عن هذه الحقيقة؟ وكيف يقول شيخ الأزهر –إن صحَّ ما نسب إليه- أنه لا يجوز قتل المدنيين في أيِّ بلد، حتى لو إسرائيل، إنَّ إسرائيل كلها مغتصِبة ظالمة معتدية، دخلت أرضا غير أرضها، وغزت أهلها، وتركتهم وشتتهم في الآفاق، فمن حق أهلها أن يدافعوا عن أنفسهم.
وأعجب من بعض المشايخ الذين يغفلون عن هذا الواقع، ولا يفقهونه، ويصدرون هذه الفتاوى تخذِّل المجاهدين والمقاتلين، بدل أن يكونوا معهم، وأن يشدُّوا أزرهم، وأن يُقوُّوا ظهرهم بالفتاوى، التي تقول لهم: ضحُّوا بأنفسكم في سبيل الله، وخوضوا المعركة، وضعوا رؤوسكم على أكفكم، وقدموا الشهداء، كما قال بعض رجال حماس اليوم: إننا مستعدون أن نقدم الشهداء لمدة عشرين عاما، شهداء وراء شهداء.
 
لا يمكن أن نحصل على دولة مستقلة، إلا بالجهاد:
لا يمكن أن ننتصر في هذه المعركة إلا بالشهداء، أما الدبلوماسيَّة، والسياسة، والاستقلال الذي يعطى منحة من شارون وعصابته، ومن أمريكا ومن غيرها.
 إن دولة مستقلة اسما، ولكنها تحت السلطة الإسرائيلية، سماءها مع إسرائيل، وأرضها مع إسرائيل، وطرقها مع إسرائيل، وكل تحكماتها مع إسرائيل، كيف تكون هذه الدولة!
لا يمكن أن نحصل على دولة مستقلة، إلا بدماء الشهداء، ولذلك يريدون أن يوقعوا الفلسطينيين بعضهم ببعض، فمما يؤسف له كل الأسف، ممَّا يندى له الجبين، وما تبكي منه العيون، ومما تنقطع له نياط الفؤاد، وتتفتّت له الأكباد، أن نرى الفلسطينيين يقع بعضهم في بعض.
فالسلطة تقبض على الناشطين كما تسمِّيهم من حركة حماس وحركة الجهاد، وأمثالها من الحركات.. ولحساب من؟! ألحساب الصهيونية؟! أعتقل إخواني وهم القوة الضاربة معي لحساب عدوي؟! هذا ما تريده إسرائيل وما يريده شارون، أن يصبح عرفات جلادا لقومه، جلادا لأمته، وسجانا لأبناء شعبه.
ووالله  مهما عمل، لن يرضوا عنه، لو اعتقل من اعتقل، من أبناء الشعب الفلسطيني، ولو حاصر من حاصر، ولو تتبع من تتبع منهم، لن يرضى عنه شارون، ولن ترضى عنه الصهيونية.
إن الواجب على أبناء فلسطين، أن يقفوا وقفة رجل واحد، كالبنيان المرصوص، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]. والواجب على أبناء العرب والمسلمين أينما كانوا، أن يقفوا هذه الوقفة.
 
مهما تعددت قضايانا فقضية فلسطين هي الأم:
إن بعض القضايا الساخنة كثيرًا ما تنسينا قضية المسلمين الأولى، وهي قضية فلسطين، ما حدث في أفغانستان أنسانا قضية فلسطين، وشغلنا عن قضية فلسطين، وقضية فلسطين هي القضية الأم، هي القضية المحورية، هي القضية المركزية، فلا يجوز أن ننساها أبدا، كثرة الهموم ينسي بعضها بعضا، وكثرة المصائب يشغل بعضها عن بعض. ولكن لا يجوز أيها الإخوة، أن ننشغل عن إخوتنا في فلسطين، أن نكون معهم بقلوبنا، أن نكون معهم بألسنتنا، أن نكون معهم بأموالنا، أن نكون معهم بأيدينا، أن نكون معهم بأرواحنا، حتى يكتب الله لهم النصر، والنصر آت لا ريب فيه.
 
عندنا من البشائر أن النصر لنا والغد لنا:
عندنا البشائر من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن هناك معركة آتية بيننا وبين اليهود، سينتصر فيها المسلمون، وهذا ثابت في الصحيحين، من حديث ابن عمر[2]، ومن حديث أبي هريرة[3]، أنه "لا تقوم الساعة حتى يتقاتل اليهود والمسلمون، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله".
هل ينطق الحجر بلسان الحال، أم بلسان المقال؟  ليس شيء بعيدا عن الله، فالمعركة آتية، سيكون كل شيء حتى الحجر والشجر، مع أهل الإسلام يدل على اليهود، وينادي هذا يهودي ورائي، أي: يكشفه. مهما اختبأ فكل شيء يدل المسلمين عليه.
 
يجب أن نكون عبادا لله مسلمين له لنحقق النصر:
ونحن في انتظار هذه المعركة، ولكن على أن ندخلها عبادا لله مسلمين، فالحجر والشجر يقول: يا عبد الله يا مسلم، العبوديَّة لله، ندخلها تحت شعار العبوديَّة لله، وتحت راية الإسلام. وحينها ينادي الحجر: يا عبد الله، يا مسلم، هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله.
أسال الله تبارك وتعالى أن يؤيِّد إخواننا بنصر من عنده، وأن ينزل عليهم جندا من جنده، وأن يفتح لهم فتحا مبينا، وأن يهديهم صراطا مستقيما، وأن ينصرهم نصرا عزيزا، وأن يتم عليهم نعمته، وينزل في قلوبهم سكينته، وينشر عليهم فضله ورحمته، إنه سميع قريب.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



[1] - رواه أحمد (26401) وقال مخرجوه: إسناده ضعيف. والترمذي في التفسير (3165) وقال: حديث غريب. وصححه الألباني في صحيح الترمذي. عن عائشة.
[2] - حديث ابن عمر: متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (2925)، ومسلم في الفتن (2921).

[3]- حديث أبي هريرة: متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير(2926)، ومسلم في الفتن (2922). 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين