الدرس الثامن عشر من دروس رمضان: حقيقة العلاقة بين الجن والإنس في سورة النمل

العلامة الشيخ يوسف القرضاوي
 
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأزكى صلوات الله وتسليماته، على من أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، سيدنا وإمامنا، وأسوتنا وقائد دربنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، الذين {آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف:157].
ورضي الله عمن دعا بدعوته، واهتدى بسنته، وجاهد جهاده إلى يوم الدين.
خير ما أحييكم به أيها الإخوة والأخوات تحية الإسلام، تحية من عند الله مباركة طيبة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد..
 
تسخير الجن لسليمان عليه السلام:
فقد فرغنا فيما استمعنا إليه بالأمس واليوم، من سورة النمل، وأبرز ما في سورة النمل، قصة سليمان عليه السلام، قصة سليمان عليه السلام، وما آتاه الله من الملك، وما سخَّر له من العوالم، {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل:17].
وأريد أن أُعلِّق على جانب واحد من هذه القصة، وهو تسخير الجن لسليمان عليه السلام، لأن أفكار الناس في علاقة الجن بالإنس، قد تفاوتت تفاوتا بعيدا، فهناك أناس تُفرض الإيمان بالجن، وهناك أناس تُكذِّب الجن نهائيا، وهناك المنهج الوسط دائما.
نحن نؤمن بأن هذا العالم فيه جانب مسطور غير منظور، وجانب مكشوف منظور، هناك عالم الغيب، وعالم الشهادة.
 
عالم الغيب والشهادة:
فعالم الشهادة الذي نراه نحن، قليل جدا بالنسبة لعالم الغيب الذي لا نراه، والقرآن يقول: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} [الحاقة:38-39]، فالواقع أن ما لا نبصره أكثر بكثير مما نُبصره، حتى إن علماء الكون والطبيعة، يقولون: إننا لا نبصر من العالم المادي، بكل أدواتنا – الميكروسكوبات وغيرها- إلا حوالي 3% فقط، و97% لا نراه، ويسمونه بالأعماق السوداء.
ونحن نؤمن بأن هناك عالم غائب عنا، كالملائكة، والعرش، والكرسي، ونحوها مما لا نعرف عنه شيئا.
وهناك عالم الشهادة، كعالم الإنسان، والحيوان والنبات والجمادات والأفلاك، التي بقدرتنا أن نراه.
 
العجز عن رؤية الشيء ليس دليلا على عدمه:
 ويجب أن نعلم ونوقن بأن عجزنا عن رؤية الشيء، ليس دليلاً على عدمه. فقد عاش الناس من أول الخليقة إلى عهد قريب، لا يرون الميكروبات والفيروسات ..الخ، التي أصبحنا نراها الآن، ويرى علماؤنا قطرة الدم، ويخبرنا ما فيها من مليونات الخلايا.. وقطرة المنيّ وما فيها من مئات الحيوانات المنوية.. الخ، وأصبحت هذه الأشياء معلومة ومحسوسة للناس، تُرى بالمجاهر، والمُكبِّرات.
وهذا لا يعني أنها لم تكن موجودة، وإنما لم يكن أُعطي الإنسان أشياءً لإدراكها، فعدم وجود أداة، ندرك بها الملائكة، أو ندرك بها الجن، لا يعني أنهم معدومون، أو غير موجودين.
فنحن نخالف الماديين، الذين يُنكرون كل ما هو وراء المادة، كل ما لا يدخل تحت دائرة الحس لا يؤمنون به، فما لا يمكن إدخاله المختبر والمعمل لا يؤمنون به.
تقول لأحدهم: (الله) يقول لك: أرأيته بعينك؟ أسمعته بأذنك؟ أشممته بأنفك؟ أحسسته بيديك؟ أذقته بلسانك؟ فكيف تؤمن به؟!
 
الماديون يمثلون الطفولة الإنسانية :
 وهؤلاء الماديون يمثلون الطفولة الإنسانيَّة، فالحيوان لا يؤمن بغير المادة، ولا يؤمن إلا بالشيء الذي أمامه، فالجاموس والحمار وغيرها لا تؤمن بأكثر من الطعام الذي يوضع أمامها، والناس الذين حولها، وهذا هو عالمها.
والطفل أيضا، حين يولد لا يعرف إلا أمه، فإذا زاد إدراكه قليلا عرف أباه، فإذا زاد قليلا عرف إخوته، ثم أقاربه الذين يزورونه، ويرتقي شيئاً فشيئاً، ليعرف من حوله، ولكن هذا الطفل لا يعرف المعنويات، لا يعرف إلا الماديات، وكلما ازداد تمييزه بدأ يدرك من الأشياء ما غاب عنه، حتى يبلغ الرشد، فيعلم أن هناك أشياء تُدرك بالعقل، ولذلك فالماديُّون يمثلون الطفولة الإنسانية.
 
المبالغون في قضية الجن :
وفي مقابل هؤلاء الماديون، مَن يمثلون المبالغات، فيؤمنون بالجن، وأنهم قادرون على كل شيء، وكأنه يؤله الجن، فهم يتصرفون في الإنسان وفي الناس وفي الكون، ويَركبون الإنسان ويدخلون فيه، ويتكلمون باسمه.
وكم رأينا من المسلمين، الذين يذهبون إلى أشخاص يقولون لهم: ركِبني جنِّيّ. ونلاحظ من أحوالهم، أن الرجل تركبه (عفريتة)، والمرأة يركبها (عِفريت). وربما يكون العفريت فرنسي، أو أوربي، أو أمريكي، أو صهيوني، من أي جنسيَّة... مبالغات كثيرة. وينصبون حلقات يسمونها (حلقات الزار) لمركوبي العفاريت هؤلاء.
فهل هذا الكلام صحيح مواِفق للشرع؟!
 
والذي أراه -أيها الإخوة- أننا يجب أن نوقن بأمور هامة:
أولا: الإنسان هو أكرم مخلوقات الله تعالى عليه
 فالله تعالى يقول: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]. وسخَّر الله لهذا الإنسان ما في السماوات وما في الأرض، {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية:13]، كل ما في الكون مُسخَّر لخدمة الإنسان ولمنفعته، أما الإنسان نفسه فمُسخر لخدمة الرحمن.
فكل ما في السماوات والأرض تجدها مصنوعة صناعة، ومهيَّأة تهيئة، لخدمة الحياة الإنسانية على الأرض، وأرسل الله رسله من البشر.
فكيف يَتمكن الجنِّي، أن يُسخر الإنسي، ويتحكم فيه، يركبه ويدخل في جسده، ويتكلم باسمه، ولا يوجد دليل في القرآن على هذا كله.
 
ثانيا: قوله تعالى: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:275].
 قال بعض المفسرين أنه في الآخرة. ولو قلنا أنه في الدنيا، فالمسّ شيء، وركوب الإنسان ودخوله فيه وتحكُّمه في تصرُّفاته ونطقه على لسانه وعدم تمكُّن الإنسان أن يفعل شيئا أمامه هذا شيء آخر.
فالمس كما قال الله عن أيوب عليه السلام: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص:41] بالوسوسة والإغراء والكلام السيئ، وهذا هو الذي يملكه الشيطان، وهذا ما قاله القرآن على لسان الشيطان نفسه في الآخرة، وقال الشيطان لما قُضي الأمر: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم:22]. نفيٌ مطلق، نكرة في سياق نفي، أنا أغرتكم ووسوست لكم، فاستجبتم لي، وليس لي عليكم من سلطان غير هذا. وهذا هو صريح القرآن.
ثالثا: والذي نعرفه من القرآن أن بعض الإنس سخَّروا الجن، ولكن ما عرفنا أن جنيا سخَّر إنسيا.
 فسليمان عليه السلام - وهو من الإنس- سُخِّر له الجن، {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ:13]. كانوا يعملون له ما بين {بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [ص:37-38]. وظلوا مُسخَّرين حتى مات عليه السلام، ولم يكونوا يعرفون بموته في بداية الأمر، فكانوا يعملون ويشتغلون {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ:14].
رابعا: الإنسان بعلمه يمكن أن يكون أقوى من العِفريت:
 فسيدنا سليمان عليه السلام، حينما أراد أن يأتي بعرش ملكة سبأ (بلقيس): {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)} والملأ: هم جلساؤه وحاشيته، الذين يجلسون في مجلسه، ويملؤون العين مهابة، وهم أشراف القوم.
قال لهم:{يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} قبل أن ينتهي مجلس الحكم هذا {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} هذا رأي العفريت وقدرته.
{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} لا بد أنه من الإنس، لا يمكن أن يكون ملكا من الملائكة، لأن الكلام موجَّه إلى (الملأ) الذين يجلسون معه، ولا يمكن أن يكون من الملائكة، قال هذا الإنسيّ: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} قبل ما تغمض عينيك، بواسطة ما عنده من علم بالكتاب، وهذا يدلُّ على أن الإنسان بعلمه يمكن أن يكون أقوى من العِفريت، فالعفريت لم يستطع أن يفعل هذا، ونحن لا نعلم ما القوة التي استخدمها هذا الإنسي، ولكننا نستدل على أن الجن ليس كما يتصور الناس.
 
اعتقادات غريبة عند عوام المسلمين عن الجن:
فقد صارت عند المسلمين اعتقادات غريبة في الجن، بوجود الجن في كل مكان، حتى إن من التربية السيئة التي يتربى عليها الأطفال، أن يُخوَّفوا بـ(العفاريت) و (أمِّنا الغُولة)، و (أبو رجل مسلوخة)..الخ، ويحكي الأطفال بعضهم لبعض هذه الحكايات، فيمتلئ الطفل رُعبا.
كان في حارتنا مدرسة نتعلَّم فيها – ونحن أطفال- بالنهار، ولا نقربها بالليل؛ لأن في البدروم –كما فهَّمونا- العفريتة التي تسمَّى (أم جلاجل)، فإذا جاء المغرب، واقترب أحد من المدرسة، كان يركض ركضا سريعا، خوفاً من العفريتة (أم جلاجل) هذه. إلا في رمضان، فالمشايخ والعلماء كانوا يُعلموننا أن الشياطين والعفاريت مُصفَّدة، فكنا لا نخاف في رمضان.. فالعملية نفسيَّة.
فموضوع أن العفاريت تركب الإنسان وتتحكم فيه، لا يوجد عليه دليل من القرآن الكريم، ولا دليل صحيح من السنة النبويَّة، فهناك أحاديث ولكن ليس منها ما يصح بسند قطعي إطلاقا.
 
خامسا: ولماذا لا يتحكم الجان إلا في المسلمين، ويترك الأمريكان والصهاينة؟
فإن كان الجان الكافر يأتي إلى المسلمين، ألا يوجد جان مسلم يذهب إلى هؤلاء، ويكون عونا لنا عليهم؟!
جاء رجل إلى الشيخ الغزالي رحمه الله، يشتكي، فقال له: ما لك؟ قال الرجل: أنا مسكون. قال: ومن سَكَنك؟ قال الرجل: جنِّي. قال: ولمَ لمْ تسكنه أنت، وأنت طويل عريض، لماذا تركته يسكنك؟!
 
أيها الإخوة:
نحن نؤمن بأن الجن له قوة، ولكن لم يُسلطهم الله على بني البشر، إلا ما سلَّط به الشياطين من الوسوسة، كما حكى الله عنه قوله: {... وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء:119-120].
 {بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر:39].
هذا النوع هو الذي سلَّط الله به الشياطين على الإنسان به، فهي مسألة نفسيَّة، أما أن يُسلِّطهم عليهم فهذا، لا دليل عليه، ولا ينبغي أن نثير هذا الاعتقاد، ومعظم هذه الأشياء أمراض نفسية، وعصبية، مثل ازدواج الشخصية.. الخ من الأمراض التي لها أسماؤها عند الأطباء، وهي أمراض يمكن أن تُعالَج. ولكن الاعتقاد دائما يسود، فلو ذهبتَ به إلى الطبيب، ما دام معتقدا أن العِفريت راكبه، فلن ينفع معه طب الطبيب، فالاعتقاد يَغلب، والإيحاء له أثره، في الشفاء والعِلاج.
 
أثر الإيحاء النفسي على الإنسان:
وقد أحبَّ بعض الأطباء أن يُجرِّب مقدار تأثير الإيحاء على الإنسان، فوزَّع على بعض المرضى في عيادته حبة من الحلوى، وبعد قليل، قال لهم: لقد أخطأت فهذه ليست حلوى وإنما هي دواء يسبِّب القيء. وما إن أنهى كلامه إلا وقاء جميع من معه بالعيادة. مع إنها لا تسبِّب ذلك، وما هي إلا حبة من الحلوى. ولكنه تأثير الإيحاء على الإنسان.
وأنا أريد -أيها الإخوة- أن يتنزه العقل المسلم عن القطعيات التي لا تقوم عليها الأدلة القطعية.
وما يُروى عن بعض العلماء، أنه خرَّج جنِّيَّا من أحد الناس.. الخ، هذه تفسيرات واعتقادات عند بعض الناس، وهي نتيجة للإيحاء، كما قلت.
أما الأدلة فلا يُوجد عندنا دليل قطعي على أن الجِنِّي، يَركب الإنسان ويَحكُمه ويتحكم فيه، بل إن عندنا من الأدلة، ما تُبيِّن أن الإنسان هو الذي سخَّر الجن، وطوَّعه له، وهذا ما ينبغي أن نؤمن به وأن نربِّي عليه أبناءنا وبناتنا.
أسأل الله أن يفقهنا في دينه، وأن يُبصِّرنا به، وأن يجعلنا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر:18].
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين