كثرت المصائب في أمتنا، وتتابعت بكلكلها الثقيل، لا يكادُ يتحطم المرء تحت ثقل إحداها ، فتشغله بعِظمها ويكتوي بنارها حتى تفجؤه غيرُها ، فتغطي على ما قبلها .وتطحنه بتبعاتها ، فينسى المرء لجسامة الفتن والمصائب أو يتناسى ما كان فيه من محنة حين تنزل المحنة التالية ببابه ، وتأخذ بلبه وفكره وتذيقه الالم الواناً.( فتن مقطع الليل المظلم يصير الحليم فيها حيران).
صوّر أميرُ الشعر المتنبي هذه الحالَ ببيته المشهور :
وكنتُ إذا اصابتني سهامٌ .....تكسَّرتِ النصالُ على النصالِ
تصوير بديع للفتن المتراكمة والمصائب المتتابعة،التي تصب حُمَمها على الإنسان في هذا الزمن الكئيب ، فلا تجد لها مكاناً في قلب الرجل أو صدره لكثرة ما يعاني مما سبقها.
ولعل الشاعر نفسه –وهو شاعر الحكمة- يخاطب الحمى – وهي من الأمراض الشديدة التي تحرق المرءَ جسمَه وقلبَه ومشاعرَه-
أبِنتَ الدهر، عندي كلُّ بنتٍ .....فكيف وصلتِ أنتِ من الزحامِ
نخاطب – نحنُ- ببيته هذه الكوارثَ والفتنَ والملاحمَ المنصبّة على أمتنا انصباب الشلال الهادر ، فنتساءل عن تكاثرها وتزاحمها علينا . والجواب لمن اراده أمامَنا ، أجل أمامنا.
ولعله يعبر عن ضيقه بها فيقول:
يضيق الجسمُ عن نَفَسي وعنها ....فتوسعُه بانواع السقامِ
عدوّنا – لضعفنا واستكانتنا- لا يترك لنا سويعة نرتاح فيها،فهو حريص على اشغالنا بهمومنا وآلامنا كي لا نفكر في تغيير حالنا إلى الإصلاح بلهَ الدفاع عن أنفسنا .
ولن نتخلص من هذه الآفات والأوبئة التي تجتاحنا إلا بالعودة إلى نبع القوة وإكسير الحياة، إلى ديننا الحنيف وقرآننا الكريم وسنة نبينا المطهرة : ( إنَّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).
فهل من لبيبٍ يلجأ إلى الطبيب؟ وهل من ذكي أريب وواعٍ نجيب يعود إلى السبيل القريب ؟
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول