الحمار ودولة الأسد

 

بفضل الله مَرّت مهزلة التجديد للسفاح وبيعته المزعومة بما تستحقه من استهانة وتجاهل، وهذه من هذه، فإن مَن هان عليه أمر استكثر أن يضيّع فيه كلمة. إلا أنني وجدت -وأنا أتابع أخبار المهزلة من أولها إلى آخرها- أن الذين كانوا مغفلين ما زالوا مغفلين، والذين صدّقوا في الماضي أن هذا الأخرق رئيس لسوريا ما يزالون يصدقون، فذكروني بحكاية قرأتها ذات يوم، ورأيت أن أشارككم فيها اليوم.

 

تقول الحكاية إن ملكاً من الملوك اتخذ مستشاراً خبيراً في قراءة الطقس والتنبؤ بتقلباته، وأنه أراد ذات يوم الخروج في نزهة خلوية فسأل المستشار: أثَمّ مطرٌ اليوم؟ قال المستشار: لن يهطل اليومَ مطر، ولا نقطة منه. فارتدى أفخر ثيابه وخرج في موكبه، فلقيه فلاح على حمار فقال له: أنصحك يا مولاي بأن تحمل مظلة حتى لا تبتلّ ثيابك. قال: ولِمَ هذا؟ قال: لأن المطر يوشك أن يسقط. قال: لا مطرَ اليوم، ولا نقطة منه، كذلك قال المستشار.

 

ثم لم يلبث المطر أن هطل مداراً فأفسد ثياب الملك الفخمة، فغضب وفصل المستشار من عمله وأمر بإحضار الفلاح، فلما وقف بين يديه سأله: كيف عرفت ما لم يعرفه المستشار الخبير؟ قال: الأمر سهل يا مولاي؛ إنني أنظر إلى حماري، فإذا كان المطر وشيكاً أرخى الحمارُ أذنيه، وكلما كانت أذناه أكثرَ ارتخاء كان المطر أكثر غزارة. وحينما قابلتك كانت أذنا الحمار مرتخيتَين إلى جانب رأسه بالكامل.

 

لما سمع الملك ذلك اشترى الحمار من الفلاح بمئة دينار ذهباً وعيّنه في البلاط بمهنة مستشار للتنبؤ بسقوط المطر.

 

قال الراوي: وكانت تلك بداية المأساة، فقد استولت الحمير على جميع المناصب الكبرى في الدولة منذ ذلك الحين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين